مقالات

الكارثة مقبلة ما لم تتحرك الاقلية المبدعة

محمد عبد الجبار الشبوط:

يستطيع المراقب ان يشخص ان ازمة العراق اليوم تتألف من عدة عناصر اهمها:
اولا، الطبقة السياسية التي تولت امور البلد منذ عام ٢٠٠٣ الى اليوم قد استنفدت قدرتها على العطاء ولم بعد بمقدورها تقديم الحلول للخروج من الازمة. والحكومة الحالية جزء من الطبقة السياسية، بل هي اعجز حلقاتها، ولا معنى لتعليق اية امال عليها.
ثانيا، التظاهرات الاحتجاجية التي اطلقت عليها المرجعية الدنيا العليا اسماء “الحراك الشعبي” و “الحركة الاصلاحية” تم اختراقها والمتاجرة بها وفقدت قدرتها على المساهمة باخراج البلد من ازمته الراهنة.
ثالثا، عامة الشعب مشغولون وربما مستهلكون بامور “اكثر اهمية” تصرفهم عن الاهتمام الجدي بشؤون البلد.
رابعا، الوضع المالي الصعب الذي يهدد شريحة اساسية من المواطنين، هم الموظفون الحكوميون (حوالي ٤ ملايين مواطن) برواتبهم التي تشكل المصدر المالي الوحيد لتوفير لقمة العيش لحوالي ٢٠ مليون انسان يشكلون العصب الرئيس للحياة الاقتصادية.
خامسا، احتمالية عودة احداث سنة ٢٠٠٦ التي اعقبت تفجير مرقد الاماميين العسكريين في سامراء في شباط من ذلك العام. وتحصل الان احداث تنذر بمثل هذا، وتؤشر الى احتمالية وجود محرّك متعمد لها لجر البلد الى فتنة جديدة قد لا تبقي ولا تذر هذه المرة.
غني عن القول ان هذه العوامل مجتمعةً قادرة على دفع البلد نحو كارثة تحرق الاخضر واليابس. وليس هذا تشاؤما، انما تعبير عن حقيقة ان العراق من الدولة الهشة، حيث يحتل المرتبة ١٣ من بين ١٧٨ دولة في مؤشر الدول الهشة لعام ٢٠١٩. وهذه الدرجة المرتفعة تجعله معرضا vulnerable للانكسار والتحطم بسهولة. وهنا لا تنفع البلاغة الادبية في درء الخطر القائم.
وفي البحث عن مخرج وحل، لايبدو ان الاطراف المعنية (الطبقة السياسية ومن ضمنها الحكومة، عامة الشعب ومن ضمنهم المتظاهرون المحتجون) قادرة على تقديم الحل وانزلاق البلد الى هاوية سحيقة.
في مثل هذه الاوضاع، تدلنا الخبرة التاريخية ان الانقاذ يأتي من “الاقلية المبدعة”، وهم الاشخاص الذين يملكون رؤية ثاقبة وافكارا علمية وتقدمية للحل، ويتمتع هؤلاء بالمعرفة والعلم والحكمة اللازمة وربما بدرجة من المقبولية الشعبية. ويدل الاستقراء على وجود الكثير من هؤلاء الاشخاص في المجتمع العراقي، وتظهر مساهماتهم وافكارهم في الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي والندوات الخاصة وغير ذلك. وتتنوع اختصاصات هؤلاء من السياسة الى الاقتصاد الى الاجتماع الى القانون الدستوري وغير ذلك مما يحتاج اليه البلد لوضع الستراتيجيات القابلة للتحقق والخطط الانقاذية، وتراودني اسماء الكثيرين من هؤلاء الافاضل الذين يُتاح لي متابعتهم في دوائر مختلفة. يمثل هؤلاء حبل النجاة وسفينة الانقاذ لبلدنا في هذا الظرف الحساس. لكن ذلك مشروط بعدة امور، منها:
الامر الاول، وحدة كلمتهم وصفوفهم ورؤيتهم للحل المستقبلي لمشكلات البلد. وعليهم ان يتجمعوا في اطار واحد جامع. واسوأ ما يمكن ان يحصل لهم ان يتفرقوا الى جماعات وكتل ومسميات لابد ان تكون صغيرة او صغيرة جدا او مجهرية لا تُرى بالعين السياسية المجردة.
الامر الثاني، ان يعقد هؤلاء العزم على التحرك الموحد الكبير.
الامر الثالث، ان بخططوا لخوض الانتخابات بطريقة تمكنهم من الفوز الساحق.
الامر الرابع، تثقيف الجمهور على ما تقدم في الفترة الفاصلة من اللحظة الراهنة الى موعد الانتخابات.
ستكون الانتخابات نقطة الفصل بين قوى الامر الواقع، وبين قوى التغيير.فاذا فازت قوى التغيير باغلبية مطلقة في البرلمان وال اليها حق تشكيل الحكومة الجديدة فعليها ان تعبد الطريق الى الدولة الحضارية الحديثة، واذا لم تتمكن من ذلك، عرفنا ان معركة الاصلاح مازالت تعاني من تحديات غير قادرة على مواجهتها والتغلب عليها.

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار
النقل تعلن بدء استعداداتها لتفويج الحجاج إلى الديار المقدسة وزارة الاتصالات : قريباً البريد العراقي يدخل مجال التسوق الالكتروني العالمي باسعار تنافسية مفتن يتصل بالمنتخب الاولمبي ويوعز بتكريمهم الأولمبي بالتأهل إلى دوري الثمانية الممثلة عبير فريد : والدتي كانت تكسب أجر بكاظم الساهــــر تشتري له الغـداء لانه لايملك ثمن "لفة" مجلس ذي قار يوجه تعميم لكافة الدوائر الحكومية بفتح منفذ ViP خاص لذوي الاحتياجات الخاصة مركز البيانات الوطني وجهاز مكافحة الارهاب يطلقان خدمة الكترونية لصالح ذوي شهداء الجهاز اللجنة الفنية العليا المكلفة بالتحقيق في حادثة انفجار معسكر كالسو تصدر تقريرها النهائي الشركـة العامـة للسمنـت العراقيـة تُعلـن عـن إستخـدام الوقـود البديـل فـي معمـل سمنـت سنجـار وإنتـاج... بالفيديو: هكذا ردت شمس الكويتية على متابعة سألتها عن سر عدم ظهورها بدون مكياج الحكومة العراقية تعلن عن موعد افتتاح 3 مجسرات مهمة في العاصمة بغداد