مقالات

تشكيل الحكومة في النظام البرلماني

بقلم محمد عبد الجبار الشبوط:

تنص المادة (1) من الدستور العراقي على ان “جمهورية العراق دولةٌ اتحادية واحدة مستقلةٌ ذات سيادة كاملة، نظام الحكم فيها جمهوريٌ نيابيٌ (برلماني) ديمقراطيٌ”.
والنظام البرلماني واحد من عدة انظمة سياسية معروفة في النطاق الديمقراطي مثل النظام الرئاسي والنظام المختلط. ووصفه بالبرلماني لا يعني ان غيره من الانظمة ليس فيها برلمان كما يتصور البعض، انما الفرق الاساسي بين النظام الرئاسي والنظام البرلماني هو منصب رئيس الوزراء الموجود في النظام البرلماني، حيث يعتبر محور السلطة التنفيذية، مثل العراق وبريطانيا، وغير الموجود في النظام الرئاسي، حيث يكون رئيس الجمهورية هو محور السلطة التنفيذية، مثل الولايات المتحدة.
هذا المقال ليس لشرح الفروقات بين هذه الانظمة السياسية، وانما لبيان طريقة تشكيل الحكومة في النظام البرلماني (بريطانيا)، ومقارنتها بنظام المحاصصة المطبق في العراق.
تبدأ الرحلة الى رئاسة الحكومة في النظام البرلماني بالانتخابات البرلمانية، حيث تتنافس عدة احزاب على المقاعد النيابية، ويكون مفهوما ان رئيس الحزب الفائز باكثر من نصف مقاعد البرلمان هو رئيس الوزراء القادم.
عادة يكون عدد الاحزاب المشاركة والممثلة في البرلمان قليلا. في مجلس العموم البريطاني لعام ٢٠١٩ يوجد ١١ حزبا فقط. احدها حزب المحافظين الذي فاز باكثر من نصف عدد المقاعد البرلمانية (٣٦٥ مقعدا من اصل ٦٥٠ مقعدا).
ويوجد نوعان من الاحزاب في بريطانيا.
النوع الاول احزاب وطنية عامة، مثل حزب المحافظين وحزب العمال.
واحزاب محلية مثل الحزب السكوتلاندي، والويلزي، والايرلندي.
ولا تشارك الاحزاب المحلية بالحكومة البريطانية رغم وجودها في مجلس العموم. لكنها تشكل الحكومات المحلية في مناطقها.
يشكل الحزب الفائز بالاغلبية الحكومة لوحده، وتكون بقية الاحزاب في صفوف المعارضة. وعادة يكون اغلب الوزراء من النواب الاعضاء في الحزب.
ولا تشارك الاحزاب الفائزة الاخرى في الحكومة، حيث لا يوجد ما يسمى بالاستحقاق الانتخابي. فالاستحقاق الانتخابي يتحقق فقط من خلال الحصول على مقاعد برلمانية وليس من خلال الحصول على حقائب وزارية.
ولا تمتد سلطة الحزب الحاكم الى بقية مناصب الدولة مما يسمى في العراق الدرجات الخاصة. بمعنى ان هذه المناصب غير مسيسة وغير خاضعة للاحزاب. فلا يكون للاحزاب الفائزة حصة في هذه المناصب.
وفي حال عدم فوز اي حزب بالاغلبية المطلقة لعدد المقاعد فهناك عدة خيارات:
الخيار الاول، تشكيل تحالف حزبي يحقق الاغلبية المطلقة.
ولا يتشكل هذا التحالف قبل الانتخابات.
الخيار الثاني، يتفق احد الاحزاب الكبيرة مع حزب اقل عدد على منح الحزب الصغير اصواته للحزب الكبير دون اشتراكه بالحكومة.
الخيار الثالث، اعادة اجراء الانتخابات.
ما تقدم غير معمول به في العراق، حيث اقيم النظام السياسي المطبق على الاسس التالية:
الاساس الاول: التوافق، وليس الديمقراطية البرلمانية. وهذا يتطلب اتخاذ القرارات بالاجماع وليس الاغلبية.
الاساس الثاني: تشكيل الحكومة على اساس المحاصصة الحزبية والطائفية والقومية.
صحيح ان الدستور يقول في المادة (76): “يكلف رئيس الجمهورية، مرشح الكتلة النيابية الاكثر عدداً، بتشكيل مجلس الوزراء”، لكنه لا يشترط ان تملك هذه الكتلة الاغلبية المطلقة لعدد اعضاء البرلمان. وجرت العادة ان يتم توزيع الرئاسات الثلاث بين “المكونات”، باعطاء رئاسة الجمهورية للكرد، ورئاسة البرلمان للسنة، ورئاسة الحكومة للشيعة.
الاساس الثالث: “الاستحقاق الانتخابي”، الذي يفرض ان تشارك كل الاحزاب الفائزة بالحكومة بنفس نسبة مقاعدها في البرلمان. وتم تسعير المناصب القيادية بعدد النواب. ويوجد عدد كبير من الاحزاب، في حين لا يوجد حزب كبير. ومعظم الاحزاب محلية، في حين لا يوجد حزب وطني مؤثر. ولهذا تعذر تشكيل حكومة اغلبية تقابلها معارضة اقلية.
الاساس الرابع: “التوازن الوطني” الذي يقضي بتوزيع مناصب الدولة الاخرى من وكيل وزارة فما دون، على المكونات والاحزاب، وهذا يعني تسييس كل مواقع الدولة.
وهذه الاسس غير معمول بها في الانظمة الديمقراطية المعروفة.

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار