تقارير وتحقيقات

(البساط الطائر)

بقلم زياد عبد الكريم :
الأحبة جميعاََ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
للوهلة الأولى وانا اقوم بالبحث والكتابة في المقال السابق والخاص بطائرات المغفور له (الملك غازي ) راودني السؤال التالي
_من أين حاز هذا الشاب على كل هذا الشغف بمجال الطيران_ وكنت متيقناََ من أن حادثةََ ما جعلت هذا الشاب _الملك غازي _محباََ للطيران وهو الفارس وعاشق لكل ما يمت بصلة للسرعة والفروسية.
وفعلاََ بعد البحث والتقصي الدقيق وجدت أن الأمير الشاب _غازي_عايش حادثةََ مهمة تركت اثراََ كبيراََ في نفسه وعشقاََ غامراََ للطيران.
في تشرين الثاني عام (١٩٣١م) وصل المغامر الأمريكي (ريتشارد هاليبيرتون)(Richard halliburton) (١٩٠٠م/١٩٣٩م) إلى بغداد قادماََ من كاليفورنيا على متن طائرته (البساط الطائر) وهي من نوع (Sterman C3B) وبالتسجيل (NR. 882N) حمراء قرمزية اللون باجنحة ذهبية كتب على جانبيها باللون الاسود(The Flying carpet) (البساط الطائر) تيمناََ بقصص الف ليلة وليلة، يرافقه طيار وميكانيكي الرحلة
(مويي. ستيفنس) (Moy W. Stephens) (١٩٠٦م/١٩٩٥م)
وقد تطوع (ستيفنس) لمرافقة (هاليبيرتون) مجاناََ على أن يتحمل (هاليبيرتون) نفقات الرحلة والتي كلفته خمسون ألف دولار والذي يعد مبلغاََ طائلاََ آنذاك الا انه استطاع استحصال أرباح تقدر بأكثر من مائة ألف دولار عن مبيعات كتاب رحلاته والذي يحمل نفس الاسم (البساط الطائر) اما (ستيفنس) فهو طيار وميكانيكي ومغامر ايضاََ شارك في تأسيس شركة (نورثروب) لصناعة الطائرات.
ما إن سمع الأمير غازي نبأ وصول المغامرين الأمريكيين إلى بغداد حتى قام بدعوتهما إلى القصر الملكي بعدما طلب الأذن من والده المغفور له جلالةالملك فيصل، وبلغة انگليزية متقنة ولبقة أبدى للضيفين رغبته بالطيران معهما ورؤية معالم بغداد، وفي صباح اليوم التالي كان للأمير الشاب ذي التسعة عشر ربيعاََ ما يريد، حيث وافق الملك فيصل بعدما استحلف (هاليبيرتون) باغلض الإيمان والنبي وبعينه ولحيته
أن يعيد الأمير غازي سالماََ قبل حلول الظلام ليلتحق بالتعداد الخاص بالكلية العسكرية حيث كان الأمير غازي طالباََ فيها.
في صباح اليوم التالي وصل الأمير غازي إلى(مطار الهنيدي)
_قاعدةالرشيد_ جلس الطيار (ستيفنس) في المقعد الخلفي وجلس (هاليبيرتون) واجلس الأمير غازي بجانبه بالمقعدين الإماميين حيث البسه خوذة ونظارات وملابس الطيران وما أن غادرت الطائرة الأرض حتى امتلأ الأمير غازي فرحاََ وكاد
أن يسقط من الطائرة وهو ينحني لينظر إلى مدرسته العسكرية لولا أن تداركه (هاليبيرتون) في اللحظة الأخيرة
حلق (ستيفنس) بارتفاع واطئ فوق بغداد ليرى الأمير معالم مدينته مروراََ بنهر دجلة وشارع الرشيد وجامع الحيدر خانة واتجهوا بالطائرة جنوباََ باتجاه المدائن وطاق كسرى الذي طلب الأمير غازي من (ستيفنس) المرور من خلاله ورفض الطيار طلب الأمير لضيق الفتحة الخلفية لطاق كسرى والتي لاتكفي لمرور أجنحة الطائرة وواصلوا الطيران حتى أطلال مدينة بابل الأثرية وعادوا إلى بغداد مارين من فوق القصر الملكي وبأرتفاع واطئ ليخرج الملك فيصل ملوحاََ لهم بالتحية وليتجهوا شمالاََ وتحديداََ باتجاه مدينة سامراء ومنارتها الشامخة (المنارة الملوية) حيث طلب الأمير غازي من المغامرين الهبوط قريباََ من الملوية وكان له ما يريد حيث
استقبلوا من قبل الجموع المهرولة بأتجاه الطائرة وازداد حماس الجموع ما إن رأوا الأمير غازي يترجل من الطائرة حيث اصطف رجال الشرطة والمسؤولون من المدينة لاستقباله حيث اعترى الأمير الشاب الخجل الشديد بسبب هذا الاستقبال الحافل وطلب من المغامرين تناول الغداء في أعلى الملوية وتم له ما أراد وساهم أهل المدينة الكرماء بإعداد الوليمة وما أن أنهى المغامرون جولتهم حتى قرروا العودة قبل حلول الظلام واتجهوا إلى المدرسة العسكرية وقام الطيار (ستيفنس) بالألعاب الجوية والمناورات الخطرة بالطائرة بعدما توسله الأمير غازي ليرى زملائه الذين هرعوا خارجين من ثكنات المدرسة وهم ينظرون للطائرة وهي تتقلب وتناور بمناورات خطرة وسط إنبهار المشاهدين… هبطت الطائرة وغادر الأمير غازي الطائرة مبتهجاََ مزهواََ أمام زملائه وودع المغامرين حيث غادرا بغداد إلى طهران ومن ثم إلى الهند وجنوب شرق آسيا ليعودا بعد ذلك إلى أمريكا.
كانت هذه الرحلة الجوية هي الأولى في حياة الأمير غازي ولعلها هي من زرعت في نفسه شغف وحب الطيران كيف لا وهو من يعشق السرعة والفروسية والمغامرة…..
اعتذر عن الإطالة حيث حاولت الاختصار قدر المستطاع
ولمن يحب التعمق من القراء فهناك مقالة مفصلة للكاتب العراقي( علي أبو الطحين) يروي فيها الحادثة بتفاصيلها
في مجلة الگاردينيا إضافة إلى عدة مقالات أخرى تناولت الحادثة بإسهاب. بقية التفاصيل في ملحق الصور..

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار