مقالات

المدارس الكرفانية نذير سوء لمستقبل العراق ؟!

بقلم وسام اللامي؛

النقص الحاصل في عدد أبنية المدارس و زيادة عدد الطلبة في مختلف المراحل الدراسية خلال السنين التي أعقبت احتلال العراق دفع بالحكومة مع وزارة التربية بالتوجه لإعداد مدارس كرفانية لسد النقص الحاصل في جميع أرجاء البلاد .

المدارس الكرفانية عبارة عن كرفانات مصنعة من الحديد المغلون ووضعت كحل مؤقت بدل المدارس التي هدمت عمداً بحجة إنها آيله للسقوط لحين بناء تلك المدارس نعم لقد بدأ ببناء أساس بعضها بما يسمى البناء الجاهز وقد وصلت مرحلة من البناء بنسبة 50 % و قد استبشر الناس خيراً لكن لم تكتمل الفرحة حتى أعلن بصورة مفاجئة توقف العمل بهذا البناء الجاهز لأسباب قد اوعزها بعض المسؤولين بسبب عدم وصول التخصيصات المالية التي لم يقتنع بها المواطن حتى تسربت بعض المعلومات و شاع بين الناس ان سبب التوقف العمل ببناء تلك المدارس كونها غير آمنة و لا مطابقة للمواصفات وشروط السلامة وما زالت الأسباب غير واضحة و مبينة ليومنا هذا .
الغريب قاموا بفتح مدارس جديدة أيضا في نصب كرفانات وشطر أخريات في مناطق مختلفة ، وشمولها بنظام الوجبات الدوام الثنائي والثلاثي بنفس المدرسة الكرفانية الواحدة فضلا عن اكتظاظها بإعداد كبيرة من الطلبة.

أبناءنا الطلبة يعانون الأمرين ، معاناة ما بعدها معاناة في تلك المدارس فهي غير مناسبة للواقع التعليمي، فضلاً عن خلوها من شروط السلامة ولا يتوفر فيها الماء الصالح للشرب وتهالك مرافقها الصحية .
تلك الكرفانات التي سميت بالمدارس الكرفانية لا تتوفر فيها بيئة صالحة وجاذبة للطلبة وتفتقر للمساحات الخضراء او ساحات معبدة للعب وممارسة الرياضة و الهوايات الأخرى، وأيضاً تفتقر للحماية الكاملة من الأسيجة الخارجية .وكذلك تفتقر للوسائل التعليمية والمختبرات بسبب صعوبة استخدامها في تلك الكرفانات بل إنها لا تتوفر فيها ابسط مقومات و متطلبات الدراسة . هي لا تصلح الا حضيرة للحيوانات ما اذا تحملت أجواءها الصعبة ولم تنفق تلك الحيوانات .

هي شديدة البرودة في فصل الشتاء وتفيض بماء الأمطار والوحل مما يصعب على الدارسين والتدريسيين دخولها ويضطرون لتعطيل الدوام مجبرين ليوم او يومان واحيانا اكثر .كذلك أنهم معرضين لخطر المحدق بالصعق بالتماس الكهربائي أثناء وهطول الأمطار كون تلك الكرفانات مصنعة من الحديد الغير عازل وموصل للكهرباء ، ولا يختلف الحال في الصيف لشدة الحر فيها بسبب عدم توفر أجهزة والتبريد والتفريغ فيها وتصاعد الغبار من أرضيتها الترابية ويشتد أثناء خروج الطلاب في فرصة الإستراحة بين حصص الدروس .وهنا تكثر الإصابة بالأمراض الوبائية بين الطلاب كالزكام والألتهابات الصدرية والمعوية وغيرها ، حيث تكون بيئة خصبة لتكاثر وأنتشار تلك الامراض و أنتقالها بين الطلبة .

هنا نتساءل أين حقوق الإنسان من هذه الانتهاكات اللاإنسانية .هذه الظروف القاسية داخل تلك الكرفانات التي لا يليق ان نطلق عليها مدارس فضلا عن اكتظاظ فصولها الدراسية باعداد كبيرة من الطلبة مما يحول دون ايصال المادة المنهجية ويضعف متابعة المعلم لطلبته وتشتت تركيزهم وبالتالي انعكس سلباً على المستوى الدراسي للطلبة مما أدى الى انخفاض نسب النجاح وتسرب الكثير من الطلبة وهروبهم من ذلك الواقع المرير و الظروف الصعبة لتلك الكرفانات فضلاً عن عزوف التدريسيين بالدوام فيها لنفس الأسباب .

فمخرجاتها خجولة و متذبذبة و لا تلبي الطموح وهي نتيجة حتمية في ظل تلك الظروف القاهرة التي ذكرناها ، كيف يتخرج جيل متعلم ومثقف واعي من هذه الكرفانات وظروفها المأساوية التي يصعب علينا تسميتها بمدارس ، و كيف نزرع بهم حب الوطن وبناءه وحمايته ؟ ما اذا تعرض لإعتداء .. لا سامح الله .من العجب ان تبنى هكذا مدارس كرفانية و تدهور التعليم بهذا الشكل في بلد غني بثرواته ومقدراته ونفطه كالعراق وصاحب الميزانيات الضخمة التي تخصص لهذا الشأن هذا يدل على حجم الإهمال الحكومي الكبير لهذا القطاع والفساد المالي والإداري المستشري داخل مفاصل الدولة وبالأخص والمؤسسات المعنية بالعملية التعليمية وبالتالي خلف لنا الكثير من الطلاب في جميع محافظات العراق بلا مدارس .وقد أضيفت(المدارس الكرفانية) سواء بقصد او بدونه مشكلة جديدة الى المشكلات في ملف التعليم كنا نأمل تجاوزها كنقص المدارس وقلة الكوادر التدريسية وشح القرطاسية وإنعدام المختبرات والوسائل التعليمية في اغلب المدارس الحكومية ، وأصبحت من العوائق التي تحول دون تطوير العملية التربوية ما زالت قائمة ولا توجد حلول تلوح بالأفق .

وقد لاحظنا بعض الشخوص سياسية ودينية و تحت تسميات دينية قاموا ببناء مدارس متكاملة أهلية أستثمار خاص ، مما أثار الشك لدى الأهالي بأن أهمال المدارس الحكومية أمر مقصود ، مما اجبر ودفع بعض الأهالي الأقبال على تلك المدارس الأهلية وتسجيل أبناءهم فيها و بمبالغ عالية تثقل كاهلهم .

اما المسؤولين في الحكومة المركزية و المحلية الحالية فقدنا الأمل
وعجزنا كمواطنين عن مناشدتهم بوضع حل لهذه الأزمة وأنهاء هذا الملف ببناء تلك المدارس .يجب علينا كمواطنين أن نسابق الزمن و لا ننتظر الدولة المتباطئة و نندب حظنا ، فعليه في الوقت الحاضر و كما هو التوجه في بناء الجوامع والمواكب أن نتوجه قدر المستطاع لبناء تلك المدارس وتجهيزها عن طريق جمع التبرعات والمتطوعين خدمة لأبنائنا والصالح العام .

لحين تعافي الحكومة وتنفض عنها الفساد المالي والإداري المستشري في مفاصلها ، وقتها يجب عليها التنسيق مع مديريات التربية و الجهات ذات العلاقة في المحافظات لتأشير مواطن الضعف والخلل في النقص الحاصل من الأبنية المدرسية واتخاذ جملة من الإجراءات لوضع حلول جذرية لتلك المشكلة ، وأنهاء هذا الملف ببناء تلك المدارس من أجل إنقاذ العملية التربوية .

لان لا يمكن لبلد أن تنهض ويعلو شأنه إلا بالعلم والتعليم الصحيح لتواكب العالم والتطور الحاصل في كل المجالات .

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار