الثقافيةالمحلية

‫ الدكتور نبيل جاسم يعتذر رسمياً عن تسنمه منصب رئاسة شبكة الإعلام العراقي ‬

((وان_بغداد))

قدم الاعلامي نبيل جاسم، مساء يوم امس الاثنين، اعتذاراً عن قبول التكليف بمهام إدارة شبكة الاعلام العراقي، عازياً السبب الى ان “الجهدَ سيكون “نحتاً بجبل أصم”، أو “حرثاً ببحر”.

وذكر الاعلامي البارز والأكاديمي في كلية الإعلام في بيان مطول،، انه “أتوجّهُ – ابتداءً – بالشكر الجزيل، للسادة أعضاء مجلس أمناء شبكة الإعلام العراقي الموقّرين لمنحي الثقة لتسنّم منصب “رئيس شبكة الإعلام العراقي”، والشكرُ المُضاعَف لكلّ الأصدقاء والمُحبّين والمُهنّئين، ممّن يعتقدون أن بإمكاني العمل على إنجازٍ يغيّر من واقع شبكة الإعلام العراقي، لكنّ الأمر أصعب من هذا بكثير، وليس بهذه البساطة”.

واضاف “تمّ تأسيسُ شبكة الإعلام العراقي بعد 2003، وكان يُراد لها أن تكون شبيهةً بتجربة الـBBC، وأن تكون تلك المؤسسة البعيدة عن السلطة الحكومية، كونها تُموَّل من المال العام، وأُريدَ لها أن تكون صوتاً للشعب العراقي، مُعبّرةً عنه”، مبيناً ان “ما جرى منذ لحظة التغيير هو مخالفة الأسس التي شُكّلت “الشبكة” بموجبها، إذ لم تتمتّع أبداً بالاستقلالية الكاملة، وعمدت كلّ الحكومات على السيطرة عليها، وتوظيفها من ناحية الخطاب، لتكون صوتاً حكومياً لا شعبياً، وشيئاً فشيئاً استطاعت القوى السياسية والحكومات السيطرة عليها، في أكبر عمليّة مصادرة لخطاب الشعب، وصار صوتُ الناس ضعيفاً ولا يقتربُ صوتُ المؤسسة منهم، وفقدت موضوعيّتها ومصداقيتها في تناول الشأن العام”.

واشار جاسم الى انه “كنتُ دائماً ما أقول إن إمكانيات الشبكة الماديّة والبشرية إمكانيات عملاقة، ويتواجد فيها أحسنُ وأكفأ الصحفيين في العراق والمنطقة العربيّة ربّما، لكن الخطاب دائماً ما يُختطف من خلال القيادات السياسية”، موضحاً انها “أنتجت، بالتحوّل المتكرر عبر عقدٍ ونصف، إداراتٍ ضعيفةً جداً، وهذه المعادلة لم تُكسر حتى اللحظة، للأسف الشديد”.

ولفت جاسم “لم يكن هناك أبداً قرارٌ سياسيٌ أو حكوميٌ تتوافق عليه الطبقة السياسية من أجل ترك الشبكة لاستقلاليتها، الأمر الذي انعكس على أدائها كما يعرف العراقيون، ولذلك أنا أشك جملةً وتفصيلاً، في أن أي محاولة لإصلاح خطاب الشبكة ستكون معركة “دون كيشوت” ضدّ طواحين الهواء، حرباً لإضاعة الجهد والوقت والسمعة بلا طائل ولا مُنجز”.

وبين جاسم “شخصياً: أعتبرُ المهمةَ وطنيةً خالصةً بامتياز، لكنني متيقنٌ من أن الأحزابَ السياسيةَ وأذرعَها داخل الشبكة، وحتى الحكومة، لا تريد بأيّ حال من الأحوال أن تترك الشبكة لاستقلاليتها”.

واوضح انه “على المستوى الشخصيّ، لا يُمكن القبول بعدم استطاعة أيّ إدارة أن تتولّى مسؤولية مكان ولا يُمكن أن تغيّر مدير قسم على سبيل المثال، لأن أخطبوط المحاصصة موجود في كلّ مفاصل الشبكة، كما في المؤسسات الأخرى، وستكون جهود الإصلاح عبثية وضائعة”.

وأكد انه “يجب أن يكون هناك قرارٌ شجاعٌ بترك الشبكة كي تنمو كأي كائن سليم الجسم والروح، وهذا قرار لم يُتخذ بعد، وما تزال الحكومات والأحزاب تعمل ضمن سياقات ديكتاتوريّة لأنها بجوهرها غير مؤمنة بحرية التعبير”.

وتابع بالقول: “أكرر شكري للناس، والأصدقاء، ولكلّ مَن وضع ثقته بي، لكنني رجلٌ لي اسمي وسمعتي، ولا أريد المجازفة بها، وسأبقى مع الناس كما كنتُ، أنا رجلٌ غير معنيّ بلعبة التوافقات السياسية، ولا بلعبة التوازنات والمحاصصة، ولم أؤمن بمبدأ “الإمارة ولو على حجارة”، الذي يؤمن به كثيرون”.

وافاد انه “ما يؤكد ما أقوله هو الهستيريا التي أصابت بعض القوى السياسية التي ترى الشبكة مزرعةً تابعةً لها، وكذلك الموقف الحكومي غير الواضح والمتهاوِن بدعم شبكة اعلام مستقلة”، منوهاً “لذا أنا اشكّكُ بِنيّة الطبقة السياسية، ومن ضمنها الحكومة، في أنها تريدُ شبكةً مهنيّةً تعملَ وفق المعايير الموضوعية والمصداقية والحياد”.

واضاف “لهذا، ونسبةً لِما تقدّم، أعتذرُ عن التكليف، لأنَّ الجهدَ سيكون نحتاً بجبل أصم، أو حرثاً ببحر، وهذا ما لا ينفعني، ولا ينفعُ الشبكة أو المشاهد، ولن يطور الخطاب، ولا أعلم باستمرار ذات المُدخَلات في معادلة الشبكة، لماذا نفترض أن المُخرَجات في وقتٍ آخر ستكون مختلفة؟”.

وبين انه “لستُ معنياً بالتوحّش الحزبيّ على الشبكة، أعملُ وقِبلتي الجمهور والحياد والموضوعية، لكن الهواء مسمومٌ بالتجاذب الحزبيّ، التي تغيّب كل الأدوات الحقيقيّة للإصلاح، وربّما هناك عشراتُ الأسماء التي ترتضي هذه المهمّة، ليس من بينها نبيل جاسم”، لافتاً انه “سأكون سعيداً بأداء أيّ مهمة وطنية عندما تتوفر أسباب النجاح والنية الصادقة الشجاعة للتغيير”.

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار