تقارير وتحقيقات

العراق: يمتازون بشواربهم الطويلة.. من هم الكاكائيون؟ ولماذا يستهدفهم تنظيم الدولة؟

صلاح حسن بابان:
أثار تنظيم الدولة الإسلامية المخاوف مجددا لدى الأقليات الدينية في العراق، بسبب الفراغ الأمني والخروق المتكررة في مناطقهم، وتنفيذه عمليات ضدهم خلفت العشرات من القتلى والجرحى، آخرها هجومه السبت على إحدى قرى الأقلية الكاكائية في قضاء خانقين بمحافظة ديالى شمال شرق بغداد والذي أوقع ما لا يقل عن 7 قتلى و5 جرحى.

وعلى إثر هذا الهجوم، طالب رئيس عموم قبيلة الكاكائية في العراق إبراهيم سيد مصطفى آغا كاكائي، الرئاسات الثلاث في البلاد بالتدخل العاجل لإيقاف هجمات التنظيم وتأمين مناطقهم، مستنكرا العمليات التي استهدفتهم في محافظات كركوك وديالى ونينوى من قبل فلول ما أسماهم بـ”الإرهاب”، وأمام أنظار السلطات الأمنية في بعض المناطق.

وبحسب كاكائي، أوقعت هجمات تنظيم الدولة التي استهدفت مناطقهم أكثر من 300 ضحية منذ عام 2003، إضافة إلى حرق محاصيل زراعية وعمليات تفجير استهدفت قراهم ومدنهم ومزاراتهم الدينية، مما أجبر الآلاف من أتباع هذه الأقلية على النزوح إلى مناطق آمنة أخرى.

طقوسهم وعاداتهم
ويعود أصل كلمة الكاكائية إلى “كاكا”، وتعني “الأخ الأكبر”، وهي تعد من أقدم الديانات التوحيدية التي تؤمن بإله واحد، وتنتشر في شمال العراق. ويعتبر سلطان إسحاق البرزنجي -المولود عام 671 للهجرة- مجددها، كما يقول الباحث في حقوق الأقليات الأكاديمي سيد فرهاد.

وبحسب فرهاد، تقوم معتقدات الأقلية الكاكائية على أربعة أركان أو شروط، هي: الطهارة والصدق والفناء والعفو، وهي تؤمن بتناسخ الأرواح، ومن الكتب التي تعدّ مقدسة بحسب معتقدهم: كلام الخزانة أو “سرانجام” الذي يعود إلى القرنين السابع والثامن الهجري، ويتكون من ستة أجزاء، بيد أنّ هذا الكتاب غير متوفر إلا لدى أبناء الطائفة فقط، ولم يطبع أو يتداول.

وتتعدد المزارات الدينية للطائفة الكاكائية، ومن بينها: مزار سلطان إسحاق الموجود في جبل هورامان بإقليم كردستان العراق، ومزار سيد إبراهيم ببغداد، والباب الأوسط ببغداد، إضافة إلى دكان داود بقصر شيرين بإيران، ومزار باوة محمود في خانقين.

ويخضع الزواج في الطائفة الكاكائية لشروط القانون المدني في العراق، وهم ملتزمون به، ولا يختلف كثيرا في شروطه وإجراءاته وطقوسه عن الزواج في الإسلام. وهناك بعض الأمور العقدية المعروفة عنهم، مثل: تحريم الخمر، ومنع تعدد الزوجات، ورفض الطلاق إلا إذا كان برضا الطرفين.

ويتميز الكاكائيون بالشارب الطويل الذي يعد إرثا ثقافيا ودينيا، يحافظون على استمراريته، إضافة إلى زيهم المميز الذي يتكون مما يعرف محليا بـ”الصاية”، وهو رداء طويل يشبه العباءة البدوية، و”الجاكيت”، وربطة الرأس التقليدية.

وتقدر أعداد الكاكائيين في إقليم كردستان العراق بحوالي 250 ألف نسمة. وتمتد قراهم من أقصى شرق العراق في مناطق حلبجة والسليمانية بإقليم كردستان العراق، وغربا نحو مناطق طوزخورماتو وخانقين وهورامان وداقوق وحتى سهل نينوى في أقصى شمال غربي مدينة الموصل.

وكانت قوات البشمركة الكردية مسؤولة عن أمن هذه المناطق حتى منتصف أكتوبر/تشرين الأول 2017، لكن الواقع تغيّر بعد تنفيذ عملية “فرض القانون” من قبل الجيش العراقي وفصائل الحشد الشعبي، وفرض سيطرتهما على المناطق المتنازع عليها في كركوك وديالى وصلاح الدين ونينوى، والذي جاء ردا على الاستفتاء في إقليم كردستان بتاريخ 25 سبتمبر/أيلول من العام ذاته.

خلق فتنة
ويرى الخبير الأمني عدنان الكناني أن تنظيم الدولة يسعى لخلق شرخ بين بغداد وأربيل، من خلال استهدافه الأقليات في المناطق المتنازع عليها، واستثماره لخلق فجوات أمنية.

ومن العوامل التي تزيد من تحركات التنظيم في هذه المناطق: وجود قواعد يستغلها لنشاطاته، مثل مناطق جبال حمرين ومناطق زراعية ذات طبيعة جغرافية متميزة، تسهل من تحركاته وتكلف الأجهزة الأمنية جهدا كبيرا لمنعها.

وتمنح هذه السمات التنظيم نشاطا حيويا في هذه المناطق المحورية الحدودية المتمثلة بالحدود العراقية الإيرانية، إضافة إلى سلسلة جبال حمرين والعمق الإستراتيجي مع محافظة كركوك، ومنها باتجاه مناطق محافظة السليمانية بإقليم كردستان، كما يقول الكناني.

ويستغل التنظيم أيضا المناطق الغربية الحدودية ومثلها المحاذية للحدود السورية، ويخلق من خلالها معابر آمنة بين محافظتي صلاح الدين والأنبار للتوجه إلى المناطق المحيطة بحزام بغداد وديالى.

ويحاول التنظيم استغلال تعمّق المشاكل والصراعات بين بغداد وأربيل وينفذ عملياته ضد المواطنين، على حد قول الخبير الأمني الذي يضيف أنه لا توجد أي فجوة أمنية بين القيادات العسكرية، سواء من القوات الكردية أو العراقية، وهناك ترابط بينهم بحب الوطن والدفاع عن الأرض ووحدة الصف.

نوايا خفية
وهناك نوايا خفية خلف العمليات ضد الأقليات في المناطق المتنازع عليها، أبرزها تفريغها من سكانها الأصليين وإحداث تغيير ديمغرافي يضاف لها النوايا السياسية، بحسب الباحث في شؤون الأقليات رجب عاصي.

ويشير عاصي إلى أن المشاكل التي تعاني منها الحكومة العراقية وانشغالها بمكافحة الفساد والتمهيد لانتخابات مبكرة والصراع السياسي الدائر في البلاد، كل ذلك ساعد على زيادة الخروق الأمنية في هذه المناطق، مؤكدا للجزيرة نت أن حل هذه المشاكل صعب جدا في الوقت الحالي ويحتاج لفترة طويلة.

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار