مقالات

منظومة الاسوة الحسنة

🖋️ بقلم الشيخ محمد الربيعي:
[ أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده قل لا أسألكم عليه أجرا أن هو إلا ذكرى للعالمين ] المنظومة هي : مجموعة متكاملة من المكونات والعناصر مرتبطة ببعضها البعض كل جزء فيها يؤثر ويتأثر على الاخر ،فهي مجموعة مشتركة تعمل معا من اجل تحقيق اهداف محددة وغايات مشتركة .
محل الشاهد:
فعندما تريد ان تتناول شيء داخل في صناعة الانسان من ناحية البناء الذاتي بالخصوص ، لابد ان ان تهتم بأختيار المصدر الذي سيكون اساس انطلاقتك لذلك البناء ، ويكون هو اساس بناء افكارك .
ومن هنا تبرز *قضية منظومة الاسوة الحسنة* ، التي اوصت المدرسة الالهية والنبوية الاهتمام بها.
وكانت من المصادر الموثوقة والمعتمدة للمدارس الفكرية الاسلامية ، وقد نجحت تلك المدارس بمنهجيتها عندما تمسكت بها واخذت بالتنظير لها واعتمادها بكل مواقفها الفقهية والسياسية والاجتماعية وفي كافة الاتجاهات ، وجعلتها المصدر الموثوق الذي يأخذ منه واعتبار اراءها واقوالها ،واعتبرتها سفينة النجاة من افكار الشيطنة والغرق والضلال ( مثل اهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح ، من ركبها نجا ، ومن تخلف عنها هلك ) .
وان من الشخصيات الداخلة في نظام منظومة الاسوة الحسنة هم الاربعة عشر معصوما من ائمة اهل البيت ( ع ) .
فنلاحظ ذلك الامتداد الذي اخذ صلاحياته وتخويلاته من رسول الله ( ص ) ، والامام علي بن ابي طالب ( ع ) ، حيث ان الرسول ( ص ) ، اول من منحه هذه المرتبة هو الامام علي ( ع ) والتي كانت ظاهرة وملموسة في مواقف عديدة .
ومنها تلك المواقف هو *يوم المباهلة* والذي اشارة له دستور الاسلام القران الكريم [ فمن حاجة فيه من بعد ماجاءك من العلم فقل تعالوا ندع ابناءنا وابناءكم ونساءنا ونساءكم وانفسنا وانفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنت الله على الكاذبين ] ، والحادث مشهور ومتفق عليها ، لاحاجة للخوض فيها بالتفصيل ، بالنتيجة *انفسنا المقصود هو الامام علي ( ع )* ، لان الابناء كان المقصود بهم الحسن والحسين ، والنساء الزهراء ( ع ) ، ومع وجود الرجال وهو الرسول ( ص ) والامام علي ( ع ) رغم ذلك عبر الخاتم (وانفسنا) ، لتشمل اللفظ والمعنى لكلاهما وليأسس بذلك رسول الله ( ص ) ، بعدا فكريا عقائديا تربويا ومنهجا ان *الاسوة الحسنة* هي منظومة تحمل صفات وخواص *وشفرات الهية* خاصة يمنحها الخاتم الرسول الله ( ص ) لدخول ضمن هذا النظام ومن تلك الصفات واهمها *العصمة* وغيرها من الصفات، التي تكفلت بها الاشارات القرانية والنبوية لايسع سردها.
*فمنظومة الاسوة الحسنة* والتي حث القران الكريم الاخذ بها اسسها واعدها رسول الله ( ص ) ، وان حادثة ( المباهل ) ، كانت كاشف على الدعائم التي تستند عليها تلك المنظومة في ذلك الوقت والتي كانت قد منحت الاذن الالهي كما هو الحاصل في قضية الاذن بالدخول في حادثة *حديث الكساء* .
وقد استمرت منظومة الاسوة لحسنة في عملها وعطاءها ، جيلا بعد جيل لكل امام زمان ذلك الجيل ( لولا الامام المعصوم لساخت الارض بأهلها ) ، ( ان الارض لاتخلوا من حجة ) ، ضمن الضرورة العقلية والشفرات الالهية التي اشارة الى *اثنى عشر اماما* كانت مسيرتهم واضحة انهم يمتلكون المنزلة الخاصة الا وهي الاسوة الحسنة.
وان تلك الانوار الاثنى عشر من اعضاء تلك المنظومة ، بما هو الثابت من افكارهم وتقواهم وعلميتهم وشخصيتهم الذاتية والموضوعية.
و قد اكد القران الكريم وشخص لنا واكد ان الاسوة الحسنة هو رسول الله ( ص ) ، وهو المخول ضمن الصلاحيات الممنوحة والحصرية له لمن يكون داخل ضمن دائرة تلك *المنظومة* .
ان تحديد الرسول لا للحصر [ لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الاخر وذكر الله كثيرا ] ، وانما *لتعيين والتخويل* .
محل الشاهد : فمن هنا كانت *الاسوة الحسنة منظومة* متكون من اشخاص لهم صفات جعلتهم بهذه الصفة من الارتقاء وهي *منزلة خاصة* ونؤكد هي *منزلة خاصة* لايتم منحها جزافا لكل من هب ودب ، ولهذا كانت هناك اسوة سيئة اساء وانحرف كلا من تقرب منها واقتدى بها .
فالقدوة الحسنة هي المحرك والدافع للانسان للارتقاء بالذات ، فمن جعل له قدوه عظيمة في صفاته ، فلابد أن يتأسى به في كل صفاته ، فالقدوة المؤثرة مثال الحي للارتقاء في درجات الكمال .
فعلى الجميع ان اراد ان ينطلق لتربية الذات والاسرة والمجتمع لابد ان يقتدي *بمنظومة الاسوة الحسنة* .
ومن هنا كان لزاما على القادة والافراد وجميع شرائح المجتمع مراجعة سيرة رجال تلك المنظومة ( الاسوة الحسنة ) ، ليكونوا الضوء الذي ينير الطريق في كافة توجهات الحياة .
نسال الله تبارك وتعالى بحق محمد واله كشف هذه الغمة عن هذه الامة .

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار