مقالات

شيء من الذاكرة العراقية … الحلقة رقم ( 2 )

بقلم سرى العبيدي
الحاج عبد المحسن شلاش / الجزء الثاني
يقال أنّ لا أحد تفوّق على عبقرية وزير المالية اليهودي ساسون حسقيل سوى الحاج عبد المحسن شلاش , فقد كان عبقرية نقلت العراق إلى مرحلة رخية من فائض العملة وتنشيط الزراعة والصناعة وتشجيع الكفاءات العراقية .. ونجاحاته في العمل الالتجاري والزراعي والصناعي كان حديث مدينة النجف وكلّ مدن العراق , وقد انجز الحاج عبد المحسن العديد من المشاريع الناجحة , فهو الذي أنشأ في العهد الملكي خط سكة حديد ترامواي بين مدينتي النجف والكوفة بالاشتراك مع جواد الكليدار , كما إنّه نجح ولأول مرّة في سحب الماء من نهر الكوفة إلى إلى النجف بواسطة المضخات , وأقام مصانع لليشاميغ والكوفيات والطاقيات وكانت تصدّر إلى خارج العراق , وشجّع الأيدي النسائية العاملة من خلال توفير مكائن عصرية للحلج والنسيج لصناعة السجاد داخل البيوت وكان الطلب كثيرا على السجاد النجفي , ونجح في تجفيف دبس تمر الزهدي لرخص أسعاره واستعمال حبّات منه بدلا من السّكر المستورد , وقد أرسل عيّنة منه إلى الخبراء في بريطانيا فأعطوه براءة اختراع , وفتح معملين لهذا الغرض استوعبا عددا من الأيادي العاملة …
ومن الطرائف التي تنقل عنه إنّه سمع مرّة وهو يهمّ بدخول مجلس من مجالس النجف , سمع مناقشة تجري عمّا يملك من نقود في صندوقه الحديدي , وكان صاحب البيت يؤكد أنّ محتويات صندوق شلاش لا تقل عن 200 ألف ليرة ذهبية , وهنا دخل الحاج محسن وصدى احتواء صندوقه على مائتي ألف ليرة يرّن في أذنه , وقد دخل المجلس ضاحكا واشترك معه الحضور في الضحك لأنّهم أحسّوا بأنّ الرجل قد سمع نقاشهم في ثروته النقدية , وما كاد يستقر حتى وجّه لصاحب البيت هذا السؤال , كم لك في هذا البيت الذي تقيم فيه ؟ قال الرجل لقد ولدت فيه وقضيت كلّ عمري , فقال له هل تستطيع أن تخبرني كم هو عدد السلالم التي تصعد بك من باحة البيت إلى أعلى السطح وكم عدد السلالم التي تنزل بك من باحة البيت إلى السرداب ؟ قال لا أظنني إلا راجما بالغيب إذا ما ذكرت لك عددا معينا , قال الحاج محسن وهو يضحك فكيف جاز لك أن تقدّر ما يحتوي عليه صندوق نقودي وهو في بيتي بينما أنت عاجز أن تعرف عدد سلالم بيتك ؟ ..
ومن طرائفه أنّه وجّه مرّة سؤالا إلى جمع في أحد المجالس قائلا لهم من منكم يستطيع أن يعرف بما يمتاز التين على أكثر الثمار ؟ فاختلفت الأجوبة في العلل والأسباب وقال بعضهم إنّه يمتاز بما يحتوي عليه من مادة البروتين , وقال بعضهم بل بما يحتوي عليه من عناصر التغذية الكاملة , وقال البعض الآخر إنّه الثمرة الوحيدة الملائمة لكلّ الأمزجة , ولمّا عجزوا عن الأجوبة الصحيحة قال الحاج محسن أنّ التين هو الثمرة الوحيدة التي لا نواة فيها حتى بإمكانك أن تتناولها من الميزان وتضعها في فمك دون أن ترمي منها شيئا قشرا كان أم نواة أو اي فضلة أخرى , لذلك يحق اعتبار التين ثمرة اقتصادية لا يذهب الثمن الذي تدفعه فيها … في الجزء الثالث سنكمل باقي الشذرات من حياة الحاج عبد المحسن شلاش …
سرى العبيدي

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار