تقارير وتحقيقات

“فرانس برس” تسلط الضوء على العنف الأسري في العراق

متابعة/ وان :
سلطت وكالة “فرانس برس” الضوء على العنف الأسري في العراق الذي تصاعدت وتيرته في الآونة الأخيرة، جراء فرض حظر التجوال كإجراء وقاية ضد وباء كورونا.
وقالت الوكالة في تقريرها “تحت الضمادات التي كانت تلف جسد ملاك ذات العشرين ربيعاً، كان الوجع أقوى من صرخات الفتاة التي لم تملك سوى دعاء أمها للنجاة، لكن الموت باغتها. خلف ذلك الصراخ، يختبئ العنف الأسري الذي تفاقم خلال الحجر الصحي في العراق”.

وأشارت إلى أنه “في الأسابيع الماضية، فرضت السلطات العراقية حظراً كاملاً للتجول وحجراً في المنازل تجنباً لتفشي وباء كورونا وخشيةً من اكتظاظ المستشفيات بالمصابين الذين ما زالت أعدادهم ترتفع في أنحاء العالم، بحسب ناشطين دوليين”.

وتشير المنظمات الأممية العاملة في العراق إلى أنه خلال أسبوع واحد أيضاً أحصيت تقارير عدة “منها اغتصاب امرأة من ذوي الاحتياجات الخاصة، واعتداء زوجي، وانتحار امرأة جراء العنف الأسري، وقيام امرأة بإشعال النار بنفسها للسبب ذاته، وكذلك أذية النفس بسبب الإساءة الزوجية المتكررة، والتحرش الجنسي بشخص قاصر، وغيرها من الجرائم ذات الصلة”.

وتقول الناشطة في مجال حقوق المرأة في العراق منذ عقود، هناء إدوارد، إن ملاك الزبيدي، على سبيل المثال، “أرادت فقط زيارة أهلها”.وتضيف “مرت ثمانية أشهر منذ أن رفض زوجها، وهو ضابط شرطة، السماح لها بذلك، لذا هددت بإشعال النار بنفسها، فقال لها زوجها قومي بذلك، ففعلتها”.وتنقل منظمة “هيومن رايتس ووتش” عن والدة الضحية أن زوجها “شاهدها تحترق لمدة ثلاث دقائق ولم ينقلها إلى المستشفى إلا بعد ساعة”.

وما هي إلا عشرة أيام، حتى فارقت الزبيدي الحياة.التربية والعقابمنذ بداية الحجر المنزلي، ازدادت نسبة العنف المنزلي في العراق بنسبة 30%، وحتى 50% في بعض الأماكن، بحسب ما يؤكد لوكالة “فرانس برس” مدير الشرطة المجتمعية العميد غالب عطية.وترى إدوارد أن ذلك يعود إلى أن الحجز المنزلي حرم الآلاف من أصحاب المهن من أعمالهم وعائداتهم، إضافة إلى توقف المدارس وبقاء الأطفال في المنازل.

وتوضح أن “كل شخص محبوس لساعات طويلة في المنزل، وأحياناً تؤدي الأمور الأكثر تفاهة إلى نقاشات تثير شرارة العنف”.في محافظة واسط، أقدم طبيب يبلغ من العمر 58 عاماً على قتل زوجته، لأنها رفضت السماح له ببيع أرض باسمها للاستفادة من المال، بحسب ما يؤكد المحامي الحقوقي سجاد حسين.وفي سامراء شمال العاصمة، هزت فتاة في العاشرة من عمرها وهي تجهش بالبكاء مواقع التواصل الاجتماعي، بعدما كسر والدها ذراعيها جراء الضرب. تقول الطفلة صبا “لا أريد أن أرى والدي بعد الآن، إنه يضربني كل يوم”.وتضيف والدتها المنفصلة عن زوجها “يقول لنا إن ذلك هو لتربيتنا”.

والتربية والعقاب مصطلحان يلعب عليهما القضاة في بلد ذي قانون غامض، حيث تقول الأمم المتحدة إن 46% من النساء المتزوجات كن ضحايا للعنف المنزلي، ثلثهن تعرضن لعنف جسدي وجنسي.عشائر ونوابوتشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن 85% من الرجال العراقيين يقولون إنهم سيمنعون أي امرأة في عائلتهم من تقديم شكوى.

أما بالنسبة إلى النساء، فتقول 75% منهن، إنهن لن يتحدثن إلى الشرطة خوفاً من المزيد من العنف، أو من إمكانية رؤيتهن ونبذهن بعد ذلك.تضاف إلى ذلك حقيقة أن عدم وجود ملاجئ أو مرافق استقبال، يجبر الشرطة بشكل عام على نقل النساء اللواتي يشتكين إلى السجن، كمكان إقامة بديل.من ناحية أخرى، تمنح المادة 41 من قانون العقوبات العراقي للزوج الحق القانوني في “معاقبة زوجته وأطفاله في حدود القانون والعرف”، وتنص كما هو الحال في دول أخرى في المنطقة على عقوبات مخففة لما يسمى “جرائم شرف”.
ومنذ سنوات عدة، كانت أفراح القيسي وناشطون آخرون يضغطون من أجل إصدار قانون يحد من العنف المنزلي.
لكن القيسي تؤكد أنه “في كل دورة برلمانية، نواجه بحملة معترضين يدّعون التديّن والإسلام، بحجج باطلة منها أنها ستزيد من القضايا القانونية”، مضيفة “نحن في مأزق كبير”.
وتقول بلقيس ويلي، من منظمة “هيومن رايتس ووتش” إنه “لا ينبغي أن نحتاج إلى وباء كي يتعامل النواب مع وباء آخر، وهو العنف المنزلي. لأنهم إذا لم يفعلوا ذلك، سيكون هناك المزيد من الوفيات”.
ويضاف إلى ذلك أيضاً، مزيد من انعدام المحاسبة.ففي حالة ملاك الزبيدي، ألقي القبض على زوجها ووالده، لكنهما لن يمكثا أكثر من ستة أشهر بتهمة “عدم مساعدة شخص في خطر”.لكن في بلد تغلب عليه العادات والتقاليد، قد تقرر عشيرة ملاك اللجوء إلى الفصل العشائري لتحديد ثمن دم ابنتهم، واستعادة الشرف!.

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار