مقالات

معاريف.. مشروع حياة

بقلم المحامي اوريئيل لين – 19/4/2020

لا حاجة لان يكون المرء خبيرا في الاقتصاد كي يفهم حجم الاضرار الاقتصادية التي الحقها حجر الكورونا بالاقتصاد. فأكثر من مليون عاطل عن العمل والخارجين في اجازة غير مدفوعة الاجر يشعرون بذلك جيدا. فقد انخفض مستوى دخلهم، وتحشر العائلات الى حلول من السحب الزائد من البنوك لمال لا يمكن الحصول عليه دوما. عشرات الاف الاعمال التجارية اندثرت وعشرات الاف أخرى مهددة بالانهيار.

لقد بلغ الناتج المحلي لاسرائيل في 2019 نحو 1.400 مليار شيكل. كنتيجة للازمة، فقدنا حتى الان 10 في المئة من الناتج وهي 140 مليار شيكل. وبالاجمال فان الحجم غير الصافي الذي سيفقده القطاع التجاري في شهري اذار – نيسان 2020 مقارنة بالفترة الموازية من العام الماضي يقدر بنحو 240 مليار شيكل. وبعد حسم كلفة الاجر التي وفرها اخراج العاملين في اجازة غير مدفوعة الاجر، فان الضرر الصافي للاعمال التجارية في الفترة آنفة الذكر يقدر بنحو 43 مليار شيكل.

ليس في ما أقوله هنا انتقاد على سياسة الحجر المتشددة التي اتبعت. وبالتأكيد يحتمل أن تكون هذه هي السياسة الاصح في جانب الحفاظ على الحياة، إذ في هذا الجانب نحن الافضل في العالم. ولكن هذه كانت سياسة صحيحة في لحظتها إذ أخذت في التشدد، برفقة شروحات مناسبة، تكاد تكون في كل يوم. من 30 في المئة من حجم العاملين في مكان العمل نزلنا الى 15. ثمة كثيرون اعتقدوا بان استمرار الحجر كان سيجبي ثمنا عاليا جدا، حتى بمقادير الحياة والوفيات وكان سيوسع الجريمة. نتيجة واحدة للحجر محتمة: جزء من القطاع التجاري هدم بسبب الحجر والمدة الزمنية لاعادة بنائه، اذا كان هذا سيحصل على الاطلاق، ستكون طويلة. وكان ضعف سياسة الحكومة هو عدم التطابق بين سياسة الحجر وبين الخطوات التي كان يجب أن تتخذ بالتوازي حفاظا على القطاع التجاري. ومقابل اجراءات الحجر المتشددة بحكم أنظمة الطوارىء، بقي القطاع التجاري جريحا وينزف دما، ومعه مبنى التشغيل. فقد خرج عاملو القطاع التجاري الخاص باجازة غير مدفوعة الاجر أو اقيلوا بينما موظفو الدولة بقوا جميعهم في اماكن عملهم.

يمكنني أن افهم موظفي المالية. فهم يريدون الحفاظ على اموال الدولة. هذه مسؤوليتهم. ولكنهم، ربما بغير ذنبهم، لم ينجحوا في تصميم سياسة اقتصادية مدروسة ومنهاجية في فترة الازمة وفقا لمعايير محددة، تحافظ على سيولة الاعمال التجارية وتعطي تعويضا مناسبا على الانخفاض في المردودات التجارية.

لقد تطلع الحجر العام والجارف للمنع والتقليص قدر الامكان الاتصال البشري المعدي، فمنع الاتصال بالاجانب او الاصدقاء، ولكنه لم يمنع انتقال العدوى داخل النواة الاسرية. لا حاجة لان يكون المرء خبيرا في الطب كيف يفهم بان منع انتشار المرض يجب أن يتحقق اليوم بوسائل اخرى، وقد كتب عن ذلك الكثير حتى الان – زيادة عدد الفحوصات؛ عزل اولئك الذين كانوا على اتصال مع من اصيب بالمرض؛ التباعد الجسدي بين الشخص وغيره في كل الاطر؛ استخدام مضاعف للكمامات؛ عزل مناطق عُرفت بانها مصابة؛ تنمية النظافة العامة الشخصية؛ منع التجمهر؛ وفحوصات الحرارة في اماكن العمل وفي المحلات مثلما نفحص حمل السلاح.

على اساس التجرية التي تراكمت حتى الان في اسرائيل وفي العالم، علينا أن نواصل مكافحة انتشار الفيروس في ظل اعادة كل القطاع التجاري لتجديد العمل، وليس فقط المشاريع الحيوية وليس فقط الصناعة. هذا هو السبيل الوحيد، للعودة من جديد لخلق مئات الاف الوظائف، قبل أن يدخل التأمين الوطني في عجز مالي لا يمكن اعادة بنائه، وقبل أن نضطر الى التقليص في دفعاته.

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار