الثقافية

مرحلة أخرى في قراءة وحدانية الله

بقلم دكتور جبار صبري :
مرحلة أخرى في قراءة وحدانية الله
الحلقة الاولى
نزل الانسان بأطوار تفكيره في ثلاث مراحل كبرى استطاع من خلالها اكتساب المعرفة وتوجيه نفسه وكل شيء من حوله والتدليل على ما يعرف فهما ووجودا. ومن هذه المراحل استطاع تدوين فهمه ومبرهناته على وحدانية الله والطرق التي لازمت كل مرحلة بالبرهنة على ذلك. اعتقد اليوم أن كل تلك الطرق كانت ضلالة طرق ولم تصل الى معرفة الله او البرهنة على وحدانيته وهي منحرفة نوعا ما عن الوصل بتلك المعرفة المؤدية الى الوحدانية. وبينما أعمل على تفريغ تلك المراحل من ضلالتها في التدليل اقدم رؤية ثانية وبديلا يمكن أن يصيب كبد المعرفة وتمام التدليل بصدق أكبر على وحدانية الله.
انظر مسألة الوحدانية في أطوار ومراحل التفكير الكبرى فيما سبق:
اولا : مرحلة الميتافيزيقا ( — الى 1850 )
سننظر فيها الفراغ او المسافة التي تؤدي الى اللاتوحيد عن طريق المرتسم الآتي ابتداء:
المعنى+ ( كلي ) ← اللغة / الانسان +¯ ← الواقع +¯
↓ ↓ ↓
منفصل+ ← منفصل / متصل +¯ ← منفصل / متصل+¯
يتضح من المرتسم أعلاه أن الله معنى كلي/ مطلق وهو منفصل ومكتف بذاته لأنه موجب تمام الايجاب ويتصل بالواقع بوسيط اللغة التي هي منفصلة وغير مكتفية بذاتها. وهكذا يتم التواصل مع الواقع المنفصل السالب الذي لم يكتف بذاته، وهو سالب يحتاج الى المعنى ليدلّ على نفسه او يدرك معناه.
هذا المنطوق ما تشير اليه الميتافيزيقا وسنلحظ منه النقاط الآتية:
1 – التراتب. هناك أعلى وهناك أسفل. هناك موجب وهناك سالب. هناك مكتف بذاته وهناك غير مكتف.
2 – ان المعنى/ الله منفصل
3 – ان اللغة/ الواقع منفصلان
4 – ان الثانوي/ المستنسخ يعرف من الاصل الاولي او العكس
5 – السالب شكل من اشكال الموجب
6 – بما أن السالب شكل من اشكال الموجب وأن ادراكه بالعين فان النظر الى الموجب بطريقة السلب سيؤدي الى الانحراف في الرؤية. وهذا الانحراف مدعاة شك وتعدد. بالتالي أن الله معنى نعرفه بوسيط يملأه الشك، وما كان مقياسه، معاييره، أدواته الشكوك يجعل الغاية مريبة بالشكوك لأن الوسيلة في اصلية السلب/ الشك.
7 – الطريق الى رؤية / معرفة الله سالبة لأنها مشبّهة بلا أصل.
8 – الواقع الحامل للسلب واللغة الحاملة للسلب من معطيات المكان السالب. بالنتيجة، وهذا المكان السالب كيف سيبرهن على حضور الزمان ( المعنى ) الموجب. إنه برهان شك لا برهان يقين.
9 – كيف للجزئي: اللغة + الواقع، والذي تعدد في مفاهيمه ووجوده أن يوحّد الكلي (المعنى)، وهو الواحد في وجوده ومفهومه او كيف للنسبي أن يدرك المطلق فينسب له الوحدة ؟
10 – كيف للطبيعي ادراك او فهم ما ليس بطبيعي؟
ان الواقع/ الظهور/ العياني/ المكشوف/ النسبوي.. وكذلك اللغة وهما شكلان من اشكال المكان بأنموذج التجزئة والثانوية وعدم اكتمال القدرة والحاجة والتعدد، كانا سبيلا لانعدام القدرة في الوصول الى المعنى والتدليل عليه بالقوة الكاملة لأن الضعيف غير قادر على فهم القوي، مثلما المكان غير قادر على فهم الزمان، والمحدود غير قادر على فهم اللا محدود. كذلك الجزئي غير قادر على فهم الكلي. وهذا يجعل انموذج توحيدنا مدعى للضعف والاستهجان واللاإمكان في تحقيق اصابة الحقيقة وكأن اللغة/ الواقع ضلالة تبرهن على الله الحقيقة. إنه طور تفكير غريب ومريب.
.

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار