الثقافيةتقارير وتحقيقات

حكاية السقا و المياه و الحنفية

اعداد : الدكتور محمد الطواب – مصر

السقا هو شخص الذى كان يحمل الماء من نهر النيل فى قربه او فى اناء من الفخار او غيره من الاوانى الشبيهة و كان يذهب لتوصيلها الى المنازل كل يوم مقابل اجر معين يحصله منهم بشكل يومى او اسبوعى او شهرى حسب الاتفاق و كان الاشهر و الاكثر انتشارا هو الذى يستخدم القربة فى السقاية او فى توصيل المياه الى المنازل
و علي مدار قرون عديدة كانت مهنة السقا منتشرة بكثرة في مصر حيث كان يعتمد هؤلاء السقائين في لقمة عيشهم علي جلب مياة النيل من النهر و حتي بيوت الاهالي عن طريق هذه القرب المصنوعة من جلود الماعز …

و فى عام 1865 قام الخديو إسماعيل بمنح امتياز ضخ المياه إلى شركة تسمي “كوردييه” و أقيمت محطة لضخ المياه بالقرب من قصر العينى ، وتمّت بعد ذلك عملية مدّ أنابيب المياه فى باقى أحياء المدينة ، حيث تم إيصال المياه إلى القلعة ومنها إلى العباسية ، ثم إلى باب الشعرية والفجالة ، ويبدو أن شركة المياه تقوم فى البداية – ولمدة طويلة – على جلب المياه إلى قلب المدينة عن طريق شبكة من الصنابير (الحنفيات )التى حلّت محل السبيل و كانت نقلة نوعية فريدة من نوعها تحمل نوعا من الرفاهية لسكان القاهرة .
موظف الحنفية
وضعت الشركة صاحبة الامتياز عند هذه الحنفيات موظّفين مهمتهم الإشراف على توزيع المياه ، وفى البداية كان يتم تحصيل رسوم رمزية من المستهلكين .. ثم اقيمت حنفيات مجانية كان يطلق عليها العامة (الحنفية ام بلاش ) و كانت تقام على راس الشوارع الرئيسية ، ولكن كل ذلك لم يُغن سكان القاهرة عن اللجوء احيانا للسقائين لجلب المياه خاصة البيوت البعيدة عن العاصمة ، وظل بعضهم يلعبون دورًا أساسيًّا فى جلب المياه إلى الأحياء القديمة .
و مع مرور الوقت تطوّر توزيع المياه فى القاهرة و أقيمت المبانى ( الخزانات ) اللازمة لرفع المياه وتخزينها ، وتمّ مدّ المواسير تحت الشوارع ، وسار ماء النيل مُقطّرًا و معالجا من خزاناته إليها ، ثم تم توصيل المياه الى المنازل تدريجيا ، وهكذا أصبح الماء ميسورًا فى كل الأوقات.و لكن عندما ادخلت الحكومات خدمة ضخ المياه الصالحه للشرب ، لم تكن تصل فى البداية الى المنازل و لكن تصل الى حنفيات عامه على ناصية كل شارع او حى فى مصر و كانت النساء تذهبن لتملئ لنفسها بنفسها من هذه الحنفيات و لكن بعضهن من ميسورات الحال كن يعتمدن على السقا فى تموينهن بالماء من حنفيات الشوارع و رويدا رويدا اندثرت مهنة السقا و ازيلت الحنفيات من كل شوارع مصر و ذلك بعد وصول المياه المعالجه و الصالحة للشرب الى المنازل من خلال المواسير .
لماذا سمى المصريون الصنبور بــــــ ( الحنفية )
و لمن يتسائل عن اصل مسمى ” حنفية ” الذى اطلقه الناس على صنبور المياه فذلك يرجع الى ان المياه التى كانت تصل الى صنابير الشوارع كانت معالجة بالكلور و المواد المطهره للمياه و قام حينها بعض الفقهاء و الائمه بتحريم التوضأ او الوضوء من هذه الصنابير بحجه ان الكلور و المطهرات الاخرى تفسدها و تجعلها غير صالحه للوضوء و لكن فى مقابل ذلك و على العكس فقد اجاز اصحاب المذهب الحنفى الوضوء من هذه الصنابير و من يومها و اطلق العامه كلمة او اسم ” الحنفيه ” على صنابير الشوارع و اخذت الكلمة تطلق على اى صنبور فى اى مكان .

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار