تقارير وتحقيقات

وصفت بالقنابل الموقوتة.. جدل في نينوى بسبب استقبال عائلات تنظيم الدولة

صلاح حسن بابان-نينوى

أبدى مواطنون في محافظة نينوى شمال العراق مخاوفهم من قرار وزارة الهجرة والمهجرين العراقية بنقل عوائل عناصر تنظيم الدولة الإسلامية من مخيم الهول شمال سوريا إلى ناحية زمار التابعة لقضاء تلعفر المحاذية للحدود السورية العراقية.

ورأوا أن غياب الرؤية الواضحة والبرامج الإستراتيجية من قبل الحكومة العراقية ووزارة الهجرة والمهجرين على وجه الخصوص لإعادة تأهيل تلك العوائل والمساهمة في اندماجها في المجتمع، أبرز أسباب تلك المخاوف.

لكن في المقابل رحب آخرون باحتمال تحويل نساء وأطفال عناصر التنظيم إلى أدوات إيجابية في حال إدخالهم في برامج ودورات اجتماعية وتربوية ودينية، لإعادة تأهيلهم فكريا ونفسيا.

وما زالت أهداف وأسباب قرار الحكومة العراقية نقل تلك العوائل التي يقدر أعدادها بـ 31400 شخص، أغلبهم من النساء والأطفال، إلى ناحية زمار وإنشاء مخيم خاص بهم، غامضة وغير معروفة.

وتقول الباحثة الاجتماعية رؤى أحمد إن الشارع العراقي في الوقت الحالي لا يعرف الهدف من نقل تلك العوائل من منطقة إلى أخرى، وتشير إلى أنه “لا بأس من تلك الخطوة في حال كانت للحكومة الاتحادية أو وزارة الهجرة والمهجرين رؤية واضحة لإعادة دمج تلك العوائل وتأهيلهم اجتماعيا وفكريا وتربويا”.

وتحذر الباحثة الاجتماعية من سلبيات القرار إذا كان متعلقا بتوجه سياسي تغيب عنه الخطط والأهداف. وتدعو إلى احتواء تلك العوائل وإعادة تأهيلهم ودمجهم في المجتمع عن طريق برامج تربوية ودينية واجتماعية، وإلى عدم إقصائهم لأنه سيزيد فيهم التطرف وعدم الانتماء، مشبهة إياهم بـ”قنابل موقوتة”، خاصة في ضوء المخاوف من استغلالهم من قبل الجماعات المتطرفة.

وتؤكد مصادر مطلعة نية وزارة الهجرة والمهجرين نقل عوائل عناصر تنظيم الدولة في مارس/آذار المقبل من مخيم الهول في سوريا إلى مخيم العملة في ناحية زمار بعد استكمال أكثر من 50% من بنائه.

الراشدي دعا إلى تنسيق بين الجهات الحكومية والدولية والمنظمات الحقوقية لمناقشة إعادة تأهيل العوائل (الجزيرة)
الراشدي دعا إلى تنسيق بين الجهات الحكومية والدولية والمنظمات الحقوقية لمناقشة إعادة تأهيل العوائل (الجزيرة)
رفض شعبي
وشكلت أنباء نقل عوائل التنظيم صدمة لدى أهالي نينوى، مؤكدين رفضهم للقرار مهما كانت دواعيه، بحسب عضو مجلس نينوى حسام العبار، محذرا من مخاطر نقل تلك العوائل إلى منطقة رخوة مثل زمار، ومشيرا إلى أنها ستشكل خطرا كبيرا على أمن المنطقة لوجود تحركات لعناصر التنظيم فيها، إضافة “لوصول تلك العوائل لمرحلة عالية من التفكير المغلق والمتشدد”، وفق ما يقول.

وأعرب العبار عن تفاؤله بتغيير أفكار وتوجهات تلك العوائل في حال كانت هناك دورات توعوية هادفة وبرمجة فكرية لعقولهم شرط أن تكون جدية وحقيقية، حتى وإن استغرقت فترة طويلة.

ويقول الناشط المدني أحمد الراشدي إنه في حال أصرت الحكومة العراقية على قرارها نقل تلك العائلات، فمن الأفضل أن يكون هناك تنسيق عالي المستوى بين الجهات الحكومية والجهات الدولية والمؤسسات والمنظمات المعنية بالتنمية والتطوير وحقوق الإنسان، لمناقشة كيفية تحقيق إعادة تأهيل تلك العوائل واندماجها في المجتمع ونزع الأفكار المتطرفة منها.

ويدعو الراشدي إلى إدخال نساء عناصر التنظيم ببرامج إعادة تأهيل نفسي ومهني لخدمة المجتمع وإشغالهن بعمل في معامل متنوعة، لتحويلهن لنساء منتجات يخدمن المجتمع بإنتاجهن، “للابتعاد عن نية الانتقام والثأر”.

وأما عن الأطفال، فيرى الناشط المدني ضرورة إدخالهم في برامج التعليم والتأهيل النفسي التي تجعل منهم مواطنين عراقيين صالحين، ويحذر في الوقت ذاته من ازدياد الأمر سوءا في حال غابت برنامج التأهيل وإعادة الدمج.

ويشير الراشدي إلى أن المرحلة الأهم بعد نقل العوائل هي تشكيل “غرفة عمليات مشتركة”، مشددا على أهمية توزيعهم على جميع المحافظات العراقية التي ينحدرون منها، بدل وضعهم جميعا بمحافظة نينوى التي تتمتع بخصوصية أمنية في الوقت الحالي.

غير أن الخبير العسكري العقيد المتقاعد ربيع الجواري له رأي مخالف، مشيرا إلى وجود مراقبة أمنية مشددة في نينوى إضافة إلى الصدمة الكبيرة التي تعرض لها أبناء المحافظة بعد انضمام أبنائهم إلى التنظيم، حيث “لن يكرروا التجربة مرة أخرى”.

وأبدى الجواري أسفه لانشغال الأطراف السياسية في بغداد بتشكيل الحكومة وابتعادها عن الاهتمام بهذه الجوانب المهمة، داعيا الحكومة المحلية في نينوى للقيام بتلك الأدوار وأن تأخذ على عاتقها مهمة إعادة تأهيل تلك العوائل ودمجها في المجتمع.

المصدر : الجزيرة

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار