الثقافية

مهرجان مسرح الطفل في سوريا يجمع المتعة والفائدة

نضال قوشحة

لم تغب الأنشطة الفنية في عطلة الميلاد ورأس السنة الجديدة 2020 عن أطفال سوريا، حيث أقامت مديرية المسارح والموسيقى بدمشق كعادتها خلال عطلة منتصف العام الدراسي مهرجان الطفل المسرحي، الذي شمل هذا العام تسع محافظات سورية دفعة واحدة.

كعادة مديرية المسارح والموسيقى بدمشق، أقيم في الفترة الممتدة بين 26 ديسمبر الماضي وحتى غرة جانفي الجاري، مهرجان الطفل المسرحي الذي استضافته هذا العام تسع محافظات سورية، مُستعرضة أربعين مسرحية، إضافة إلى ورشات عمل مختصة ومعرض فني.

وفي العاصمة السورية دمشق تم عرض المسرحيات التالية “التحفة”، “حصاة الصبر”، “الحطاب الطيب”، “ابن الحداد”، “الكنز” و“أرنوب يفكر بالمقلوب”، كما عرضت في المحافظات العديد من المسرحيات منها “النبع الصافي”، “مملكة القواعد”، “السنافر أصدقاء البيئة”، “القط الذكي”، “بكرة أحلى”، “القط أبوجزمة” وغيرها.

تنمية مسرحية
بالتوازي مع العروض المسرحية أقيمت فعاليات موسيقية وغنائية متنوعة، حيث انطلق المهرجان بحفل غنائي للأطفال السوريين الذين شاركوا في برنامج “ذي فويس” العربي، وهم تاج قسام وزين عمار وغنى أبوحمدان وعبدالرحيم الحلبي. كما أقيم معرض ضم بوسترات العروض المسرحية السابقة المخصّصة للأطفال وكذلك بعض الرسومات التي رسمها الأطفال المشاركون.

وفي سياق مواز تم تنظيم ثلاث ورشات عمل مسرحية، اثنتان منها بدمشق، حيث أقيمت الأولى على مسرح القباني تحت إشراف الفنانة ريم الخطيب، والتي تناولت فيها موضوع “مسرح خيال الظل”، بينما حملت الورشة الثانية التي أقيمت على مسرح الحمراء عنوان “حكاية ومسرح” تحت إشراف الفنانة ريم محمد، فيما أقيمت الورشة الثالثة في السويداء تحت عنوان “رسم وتصنيع دمى من وحي المسرح”.

“العرب” التقت الفنانة ريم محمد المشرفة على ورشة “حكاية ومسرح” التي أقيمت على امتداد أربعة أيام بمسرح الحمراء، وسألتها عن الورشة وموضوعها، فقالت “المسرح هو أوسع من أن يحضره المشاهد لبعض الوقت على الخشبة ثم ينصرف. هو مجموعة من الأعمال التي تبدأ بالنص ومن ثم التحضيرات والبروفات والكواليس والموسيقى والصوت والضوء والملابس والماكياج وصولا إلى شباك التذاكر. الورشة تشرح هذه المفردات للطفل، الورشة تستعرض موضوعا متصلا، ألا وهو المسرح، ولكن بثيمات منفصلة”.

“التحفة” تستعرض حكاية بسيطة، فولع الملك الشديد بالتحف أنساه تحفته الأغلى التي هي الإنسان

وتضيف “المسرح عملية متصلة من الأعمال التي رغبنا في أن يتعرّف عليها الطفل عن كثب، كي يعي مبكرا أهمية هذا العمل وجديته”.

وعن كيفية تعاطي الأطفال مع الورشة من حيث الحضور والتفاعل، تضيف “في اليوم الأول كان عدد الأطفال ثمانية، ثم تضاعف مع الأيام، هم يحبون المسرح شأنه في ذلك شأن أوليائهم، الذين أتوا بأطفالهم للورشة رغم برودة الطقس”.

وتؤكد ريم محمد في حديثها لـ“العرب” أنها اعتمدت معهم مبدأ اللعب، كبداية للتعارف في ما بينها وبينهم، فتقول “لعبنا سويا حتى نحقّق حالة التعارف كونهم يلتقون لأول مرة مع بعضهم البعض. إثرها بدأنا الحديث عن المسرح، تحدثنا عن تنظيم الحضور وكيفية الجلوس على المقاعد وتعرف الأطفال على مهمة قاطع التذكر الذي يقوم بترقيم بطاقات الحضور، كذلك فريق العمل الذي يساعد الناس في الوصول إلى مقاعدهم، وقدّم الأطفال في ذلك العديد من الأفكار والاقتراحات التي تساعد على تجاوز مسألة الازدحام، وركزنا على ضرورة احترام التنظيم والدور والهدوء حين الحضور”.

تحفة العقل

على مسافة قريبة من مسرح الحمراء استضاف مسرح القباني عرض “التحفة” المسرحي وهو من تأليف أحمد خنسة وإخراج جمال نصار. وفيه قدّم كل من المؤلف والمخرج على السواء فكرة عميقة للأطفال عبر حكاية مسرحية بسيطة عن ملك مُحب للتحف التي يوليها معظم اهتمامه ووقته ويخصّص لها في قصره قاعة بأكملها، حتى صار عددها مئتين وأربعين تحفة. لكنه وبسبب هذا الولع الشديد بالتحف ينسى تحفته الأساسية والأغلى التي هي الإنسان.

وفي أحد الأيام يأتي إليه أحد أعوانه ويقدّم له تحفة فريدة، فيكلّف حارسا بالعناية بها حتى يسلمها للصائغ، لكن الحارس يخطئ ويحطمها، فيغضب الملك ويقرّر قطع رأسه، وفي حوار مع الملك يسأله الحارس عن عدد التحف، مستفسرا عن رد فعله لو أخطأ كل حارس في حماية تحفته، فيكون جواب الملك بأنه سيقطع رأس كل حارس مهمل.

هنا يتنكّر الحارس الذكي في زي الصائغ ويقنع الملك بأنه يستطيع إصلاح التحفة، فيسمح له بالذهاب إلى قاعة التحف، حيث ينهال بالضرب عليها فيحطمها جميعا تحت سمع الملك والمهرج.

وعندما يأتي الحارس إلى الملك يعترف له بأنه حطم كل التحف، وأنه فعل هذا كي يحمي أصدقاءه الحراس. فلكونه المهمل الأول من الحراس وأن الملك قد قرّر إعدامه، قام بتحطيمها جميعا كي يتحمل المسؤولية وحده.

يصاب الملك بالذهول، لكن الحكيم يخبره بأن ما حطمها الحارس هي أوان زجاجية وليست التحف التي يحبها ويحافظ عليها، فيسرّ الملك بخطاب الحكيم، وكذلك لما فعله الحارس مثمّنا شجاعته وفداءه لبقية الحراس ويعفو عنه، وبذلك يخلص الملك إلى أنه كان من الأجدى عوض حمايته لتحفه والإسراف في الاهتمام بها، الاهتمام أكثر بالإنسان الذي هو أصل الفن والإبداع وأهم ما في الوجود.

ومسرحية “التحفة” من إنتاج مديرية المسارح والموسيقى/ مسرح الطفل والعرائس في وزارة الثقافة السورية، وقام بتجسيد الأدوار فيها كلّ من: مأمون الفرخ، علي القاسم، باسل الرفاعي، بسام ناصر، موفق الأحمد، غسان الدبس وسليمان قطان.

ما يلفت النظر في مهرجان هذا العام، حجم الجمهور الغفير الذي واكب كل العروض حيث امتلأت القاعات بالأطفال، وتكرّر في أكثر من مرة أن تابع الأطفال العروض وهم يجلسون على درجات الخشبة أو في الممرات، ما يعني أن مهرجان الطفل المسرحي بسوريا بات حدثا سنويا منتظرا من الأطفال وذويهم.


المصدر / العرب

أخبار ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار