السياسيةمقالات

ما بعد تفسير المحكمة الاتحادية للكتلة الاكبر

بقلم سعاد حسن الجوهري

لا يخفى على اي متابع للشان العراقي ان يعي حقيقة ان عدم احتساب المحكمة الاتحادية ايام العطل ضمن المهلة الدستورية المحددة لرئاسة الجمهورية بضرورة تكليف الكتلة البرلمانية الاكبر لم يشفع او يحمي رئيس الجمهورية برهم صالح الذي توالت عليه الاتهامات بالتحايل على الدستور والمماطلة في حسم منصب رئيس الوزراء بل ذهبت بعض الاطراف السياسية الى اكثر من ذلك حينما اعتبرت ان ما يجري هو مخطط امريكي في اللحظات الحرجة. فالمحكمة الاتحادية العليا رات ان تسارع في الرد على طلب رئيس الجمهورية برهم صالح بشأن الكتلة النيابية الأكبر. حيث خرجت في بيان ذكرت فيه ان تعبير الكتلة النيابية الاكثر عدداً الواردة في المادة (76) من الدستور تعني اما الكتلة التي تكونت بعد الانتخابات من خلال قائمة انتخابية واحدة , او الكتلة التي تكونت بعد الانتخابات من قائمتين او اكثر من القوائم الانتخابية ودخلت مجلس النواب واصبحت مقاعدها بعد دخولها المجلس وحلف اعضاؤها اليمين الدستورية في الجلسة الاولى الاكثر عدداً من بقية الكتل. حيث يتولى رئيس الجمهورية تكليف مرشحها بتشكيل مجلس الوزراء وخلال المدة المحددة فيها. الى هنا انتهى بيان المحكمة الذي راته اوساط نيابية انه تفسير فاقد للمعنى والحل. غير ان الواقع يؤكد ان الدستور لم يحدّد شكل الكتلة الكبيرة بل اكتفى بتسميتها فقط. وان التفسير الوحيد لهذه المفردة هو ما جاءت به المحكمة الاتحادية في عام 2010. وينص تفسير المحكمة الاتحادية على أن الكتلة الأكبر هي التي تكوّنت بعد الانتخابات من خلال قائمة انتخابية واحدة دخلت الانتخابات باسم ورقم معينين وحازت العدد الأكثر من المقاعد، أو الكتلة التي تجمّعت من قائمتين أو أكثر من القوائم الانتخابية والتي دخلت الانتخابات بأسماء وأرقام مختلفة، ثم تكتّلت في كتلة واحدة ذات كيان واحد في مجلس النواب. الا ان الدورة البرلمانية الحالية تُعاب عليها جدلية غياب الكتلة الأكبر وخاصة أن الجلسة الأولى لم تتضمّن محاضر الكتلة الأكثر عدداً والتي تشكّلت بعد الانتخابات، لأن اختيار رئيس الوزراء كان بالتوافق. المحكمة اصدرت بيانها لتوضيح من هي الكتلة الاكبر غير ان المراقبين اعتبروه غير كاف لفضّ هذه الجدلية. جملة اسئلة تفرض نفسها بقوة وتبحث عن اجوبة شتى:-
1- من وجهة نظر قانونية بحتة. هل حسمت المحكمة جدل الكتلة الاكبر ام زادت الامور تعقيدا؟
2- هل قرار المحكمة يؤيد ما اعلنه تحالف البناء بانه الكتلة الاكبر؟
3- بصراحة متناهية والشعب يريد ان يسمعها..هل المحكمة الاتحادية فسرت الماء بعد الجهد بالماء؟
4- لماذا لم يحدد الدستور شكل الكتلة الكبيرة، بل اكتفى بتسميتها فقط؟
5- واخيرا..لكن الخيار الثاني اذا صعبت مهمة تفسير بيان المحكمة هو إجراء جولة اجتماعات بين الكتل لفضّ هذه الجدلية. هل هذا الخيار ممكن في ظل التشرذم الحالي لدى مختلف اقطاب العملية السياسية في العراق؟
وسط هذه الصورة استمرت بعض الاطراف باتهام الرئيس صالح بالتسويف والمماطلة. اصابع اتهام الاطراف المعترضة عليه تتوجه باتهامه بالحنث وانتهاك الدستور. البعض صنف الامر بالمؤامرة والانقلاب على الدستور من خلال مخطط ترعاه امريكا بالضغط على صالح في عرقلة حسم منصب رئيس الحكومة وادخال البلاد في فراغ دستوري. لكن الوقائع كلها تشير الى ان المشهد السياسي العراقي دخل دوامة ازمة كبرى لن تنتهي في الامد المنظور.

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار