مقالات

الاحداث العراقية الكبرى عبر قرن

حسن النصار
تنازعت الجموع الشعبية رغبتان متناقضتان
كان للأختيار بينهما الاثر البالغ في كل الاحداث اللاحقة
الرغبة الاولى هي الانتقام ، الثأر ، التشفي
وافراغ شحنات الغضب الهائلة عبر التنكيل بشخوص
كانت رمز للسخط الشعبي او على الاقل
هدفاً لسخط مؤيدي النظام الجديد ، كلٌ حسب سببه
الرغبة الاخرى ؛ هي رغبة التركيز على الحل اكثر ،
الانشغال فورا بالتخطيط للمستقبل والتسامي على
شهوة الانتقام الهستيرية
وكان واضحاً اي الرغبات تلك التي انحزنا اليها ،
واقصد رغبة الانتقام
وكيف كان التعامل مع رموز تلك المراحل ك(عبد الاله ،
نوري السعيد ، عبد الكريم قاسم ، صدام حسين)
ومقربيهم واعمدة انظمتهم
هذا على صعيد الاشخاص اما على صعيد الاحداث
فلدينا ايضا امثلة منها ( التعامل الشعبي المأزوم
مع الاثوريين في سميل ١٩٣٣ او مع اليهود في الفرهود ١٩٤١
او مع رموز النظام الاقطاعي بعد عام ١٩٥٨ او مع انصار قاسم بعد عام ١٩٦٣ او ما حدث بعد عام ٢٠٠٣ من افراط في الانتقام والتصفيات)
وكان واضحاً ايضا اين وصلنا بسبب انحيازنا المزمن
للرغبة الاولى ،
في لحظة تشرين حضرت كلا الرغبتين اكيداً
لكن ماهو واضح ومفرح ان “الغالبية” من المحتجين
منهمكين في التفكير بتقديم الحلول للخروج من الراهن ،
ومشغولين اكثر بالتخطيط للقادم ،
مع تأكيد على خيار السلمية غاية ومنهجا ،
اكثر من انشغالهم بأنتظار لحظة التشفي الصاخب
او الانتقام المنفلت ،
وهي لحظة نادرا “عراقياً ” بالفعل
طبعاً هذا لا يعني ان خيار الانتقام الهستيري قد
انزوى او ابتعد نهائيا ، بالعكس هو حاضر ومتربص
بل وآطل في لحظات وسلوكيات عدة
فهو بالنهاية خيار يمد له جذور عميقة في
الروح العراقية بل ومفضل لدى الكثير ،
لكن عسى هذه المرة ان نلاوي القدر ،
عسى ان نهزم قرن كامل من “الصخب والعنف”
بقوة السلمية الصلبة ودهاء العقلانية الذي يحقق
ما يريد بسلام اكبر وتسامي نبيل ..

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار