مقالات

الفرق بين الثورة والإنقلاب

هادي جلو مرعي
مازال العراقيون يتبادلون الأراء حول تسمية ماحدث يوم الرابع عشر من تموز عام 1958 هل هو إنقلاب أم ثورة، ولهم الحق في ذلك لأسباب يعرفها المنصفون من المراقبين والأكاديميين والباحثين في التاريخ.
كان النظام في العراق قبل ذلك العام ملكيا دستوريا، الملك فيه مصان غير مسؤول، وهو نسخة عن نظام الحكم في المملكة الأردنية الهاشمية التي لم تنقلب على نظامها لأنها لاتعاني من ذات الإختلالات في البنية النفسية التي تطبع السلوك الجمعي لدى العراقيين الذي إرتكبوا أبشع جريمة حين قتلوا الأسرة الهاشمية بالكامل برغم رفعها المصاحف على الرؤوس، ولأن العرب والعراقيين بارعون في التبرير فقد قالوا : إن قتلة الأسرة لم يتلقوا الأوامر من زعيم الإنقلاب!
الثورة فعل شعبي يظهر بإتفاق جمعي بين مكونات وفئات ونخب الشعب يستهدف النظام السياسي برمته وينهيه، ولكن لم تتوفر هذه العناصر في أحداث تموز 1958 فالشعب العراقي البسيط والمتواضع كان نائما تلك الليلة، وإندفعت قوات قتالية من شمال ديالى الى العاصمة عبر ناحية خان بني سعد، وأصبحت وهي تطوق مراكز الحكم والقصور الملكية، ومنها قصر الرحاب، ولم يكن معظم الجنود يشعرون بحقيقة مايجري، يقول الجندي طه: ظهرت شمس ذلك اليوم علي وعلى عدد من رفاقي عند بوابات قصر الرحاب، وكان بعض الشراذم يحيوننا ويمجدون فعلنا الذي لم نكن نعرفه، وحين سألناهم عن سبب الحفاوة بنا؟ قالوا لقد أسقطتم النظام الملكي! فأخذنا نلطم على رؤوسنا.
كيف يمكن تسمية حراك سري للغاية قام به بعض الضباط ضد نظام حكم ملكي دستوري ديمقراطي تعددي يسمح بإنتشار الثقافة والصحافة، ولم يحجر على عقول العوام، ولم يكن دينيا، أو قوميا، بل منفتحا للغاية، وكان يخطط لمشاريع كبرى لمستقبل العراق بالثورة !
كل تحرك يقوم به مجموعة من الضباط هو إنقلاب على نظام الحكم، والمثير للسخرية إن اغلب العراقيين لم يكونوا يستشعروا شيئا لامن إنقلاب، ولامن ثورة، ولايعنيهم الأمر.
الثورة ياجماعة هي فعل شعبي حقيقي يقوم به الناس بمختلف إنتماءاتهم وثقافاتهم، ويستهدفون منه التغيير، وصناعة مستقبل مختلف.

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار