مقالات

السعادة هي أمي والحزن غيابها

((وان – بغداد))
بقلم هادي جلو مرعي:
حتى اللحظة مازلت مصرا أن لاتموت أمي قبل أن اموت، وأيضا فأنا أفكر في أمنية أن لاتموت أبدا، أو أن لاتموت إلا وقد اصبحت شيخا لكي يخفف عني كبر سني وتجارب الحياة ومراراتها شدة الحزن، فالكبار يتحملون الوجع أكثر، ويفهمونه بطريقة مختلفة عن غيرهم، ويتعاطون معه بقوة شكيمة وصبر.
يقول صديق: إن الموت إختطف والدته وهو وشقيق له لم يبلغا إدراك شيء من الحياة، فكان والده يأبى أن يتزوج منتظرا أن تبلغ خالتهما مبلغ الزواج ليتزوج بها، وكانت ترعاهما وهي شابة صغيرة، وتعوداها إنها والدتهما، وحين مضت السنين كانت الخالة هي الأم، وكان السبب الوجيه إنه اراد لهما أن لايشعرا بالفقد الكامل لروح الأم.
أحدهم حين فقد أمه الحانية قرر إن السعادة هي ذاتها، ولكنها برحيلها تركته للحزن والعذاب والوجع برغم أن لديه زوجة وأولادا، وعشرات بل مئات الأصدقاء واقارب وكثيرا من الذين يلتقيهم بمسيرة الحياة، ويتعامل معهم، ويشغلونه عن الذكريات الحزينة.
هي لم تعد تعرف طعما للحياة، فحين رحلت والدتها تركتها وحيدة ليس لها من يقف معها حين تشعر بالضعف، ولذلك لم تعد تستطيع أن ترى في الحياة سوى إنه وقت يمضي، ويجب أن تنتظر إنقضاءه، بينما حاولت أخرى أن تعيش تجربة الأم التي كانت بعيدة عنها لسبب قاهر في علاقتها من جدتها، وحين ماتت الجدة شعرت إنها بلا أم، وكانت الأم الحقيقية تحاول التعويض، لكنها لم تفلح.
ماأبلغ وجع الشاعر السياب حين يتحدث عن أمه الراحلة:
‏تثاءب المساء
والغيوم ما تزال تسح
ما تسح من دموعها الثقال
كأن طفلاً بات يهذي قبل أن ينام
بأن أمه التي أفاق منذ عام فلم يجدها
ثم حين لج في السؤال
قالوا له: بعد غد تعود
‎لابد أن تعود
وإن تهامس الرفاق إنها هناك
في جانب التل تنام نومة اللحود
تسف من ترابها و تشرب المطر..

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار