مقالات

العلاقة بين رجال العلم ورجال الدين

بقلم روزه الطائي:

من يقرأ التاريخ سيعرف أن الأمم المتقدمة لم تبلغ هذا الشأن إلا بتحديد العلاقة بين رجال العلم ورجال الدين.
الخوف المتبادل بين رجال هذين الطبقتين يحكم طبيعة العلاقة بينهما، ومن المؤكد أن له أثراً عظيماً على تطور المجتمعات وطبيعة الحياة.
يخاف رجال العلم من سلطة رجال الدين التي سلاحها التكفير والطرد من رحمة الله وحرمة التعامل معهم ومع أفكارهم، وبالتالي سيخسرون وجودهم الإجتماعي في المجتمعات التي تعتقد ان خلاصها مرتبط بتقليد رجل الدين والسماع من حواشية ووكلائة الذين يتحدثون بإسم المقدس الذي يمثلونه.
أما رجال الدين فلا يخافون من رجال العلم كأشخاص بمقدار خوفهم من نتائج بحوثهم التي تزلزل الإيمان بقراءة أسلاف طبقة رجال الدين.
خوف رجال الدين يتركز من المعرفة التي تنتجها بحوث رجال العلم التي تتجاوز كتب رجال الدين وشعائرهم.
وخوف رجال العلم من الكهنوت الديني يتركز من سلطة رجال الدين على الصعيد الإجتماعي.

ما تحتاجه المجتمعات لتبلغ الرفاهية هي بحوث رجال العلم في ميادين الطب والهندسة والعلوم الطبيعية والعلوم الصرفة، وما لا تحتاجه المجتمعات والدين ذاته رجال يترزّقون به أو يتّخذونه مهنة ولسبب بسيط جدًا وهو إن الدين علاقة فردية بين الانسان وخالقه ولا يتطلب وساطة من آحد، صلاتك تبلغ ربك بلا وسطاء، لا إمام يتقدم الصفوف، ولست بحاجة لفذلكة القراءة الصحيحة التي تبطل صلاتك بخلاف القراءة التي إبتدعوها بعد حين من الآمر، لأن الأعمال بالنيات كما سمعنا وعرفنا.
الدين شيء والتدين شيء آخر، شعائرنا علاقة فردية عمودية مع الله عز وجل، وأخلاقنا علاقة عرضية مع الناس ينبغي أن نركز عليها لأن هذا المقدار هو ما يصلح المجتمع.
وليس لرجال الدين مدخلية ولا وساطة للعلاقة بيننا وبين خالقنا لا في الدنيا ولا في الآخرة.
والتدين نمط قيادة إبتدعه رجال الدين لقيادة الناس والمجتمع وفق رؤيتهم المستمدة من فهمهم لظواهر الكون والحياة وفهمهم المبني على ما جاءت به كتب أسلافهم عن طبيعة الارض والكون وبدء الخلق والذي يتعارض كلياً مع مكتشفات العلم الحديث.
كل ما نشهده الآن هو نتاج العلوم الحديثة التي لا يد فيها لرجال الدين، العمليات الجراحية الحديثة وتطور العلوم الطبية هو السبب في طول معدلات الاعمار، وارتفاع كفاءة الحياة هو نتاج بحوث رجال العلم وليس بمخرجات لبحوث رجال الدين ولا حتى ببركة دعائهم.
والسيارات والطائرات الحديثة هو نتاج بحوث علماء الفيزياء والحركة وليس نتاج الفقهاء في الحلال والحرام واللباس الشرعي واللباس غير الشرعي وفقه الإماء والعبيد.
من إضطهد غاليلو هم رجال الدين لأن أبحاثه أوصلته إلى قناعات تتعارض مع منهج الإكليروس المسيحي، وسيطول المقام لو استعرضنا أسماء آخرى.
وفي عالمنا الإسلامي رجال الدين من أحرقوا كتب إبن رشد، وهم ذاتهم من كانوا يلّقبون إبن سينا بشيخ الملحدين، وإن إخوان الصفا كانوا لا يذكرون أسمائهم بسبب الخوف من إهدار رجال الدين لدمائهم.
والأدهى والأمر إن خيرة رجال الدين وفي مقدمتهم الشافعي واضع أصول الفقه كاتوا يعتبرون إن بعض علوم الطبيعة والكيمياء والفلسفة من المحرمات، مثلها مثل التنجيم والسّحر.

من يعتقد إن هذا كان في الماضي فهو واهم، قبل سنوات قلائل قتلوا علي شريعتي لإنه أراد أن يحرر عقول الناس من سلطة الكهنوت، وقتلوا فرج فوده لأنه تحدث عن فقهاء( النكد ) الذين لا يستطيب لهم إلا أن يعيش الناس تحت هاجس الخوف الذي يملكون خلاص الناس منه كما يزعمون.
هجّروا نصر حامد ابو زيد بعد أن كفّروه وطلقوا زوجته منه لا لذنبٍ إقترفه سوى دعوته للتحرر من قراءة النص وفقاً لقراءة الكهنوت لكتاب الله المجيد.
وفرة رجال الدين وقلة رجال العلم فأل سيء للمجتمعات، والعكس صحيح تماماً، بكثرة رجال العلم وإبداعهم تتقدم الأمم وينعم الناس بالصحة والآمان والعيش الرغيد.

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار