الثقافية

الطريق الى حياة الأمم الناجية

((وان – بغداد))

بقلم الدكتور جبار صبري:
الى وزارتي التربية والتعليم العالي ، طلبة الدراسات العليا ..
( الخطوات الخمس التي تجعلك منتجا للمعرفة لا مستهلكا وحسب)

س = شخص خارج البيت
ص = شخص داخل البيت
ج = جرس البيت
س ضرب ج لإعلام ص
ص تصور ثمة شخص ما خارج البيت يطلبه
س+ ج + ص = مادة / دال
تصور ص= معنى / مدلول
ما نلحظ:
اكتفاء ص إرسال تصوّر / معنى..
هذا المعنى تطابقي من شأنه إراحة العقل وذلك لوجود اتفاق اجتماعي مسبق بين الدال والمدلول..
وكما هي الحال في العلامة الأيقونية او الاشارية: الدال = المدلول.
لكن ما بقي: ان المسافة المتحركة الثلاثية التي تشكل فضاءً يربط بين أطراف التواصل: س / دال + ج / دال + ص / دال – مدلول ( تصوّر ) وان مجمل هذا الفضاء المتحرك = الدلالة.
لاحظ معي: اننا لم نشغل بالنا بالفضاء الدلالي وقد اكتفينا بالمعنى الذي يؤدي غرض التطابق.. اذ ما تصوره ص نتيجة سماعه صوت الجرس وجود شخص خارج البيت يطلبه.
لنضرب مثلا: الكرسي
١- الكرسي / دال ← الجلوس / مدلول.
يعني ان مادة الكرسي الذي نراه، المتعين أمامنا، يكون الغرض منه الذي يرسم لنا معناه هو الجلوس. لكن المسافة المتحركة بين ( الكرسي ) و ( أنا ) و ( التصور / المعنى ) هي فضاء علاقاتي بين تلك العناصر تتخارج عنه ( الدلالة )..
٢- اذن، تبعا لذلك الفضاء المتحرك تكون دلالة الكرسي استقرائية، وهي ممكن ان تتناسب في سياق ما على نحو:
* الكرسي = السلطة.
* الكرسي = منصة الإعدام.
* الكرسي = سفينة إنقاذ.. الخ
تتطلب الحركة الفهمية من قبل ص – بعد إيجاد المعنى – البحث في فضاء الدلالة لأن ذلك من شأنه الا يتوقف عند عتبة الفكرة الاتفاقية التي سبق للمجتمع تحديدها وأصبحت قارّة في وعيه الجمعي، وهي لا تتطلب أي تفكير لبلوغها او تجاوز مسطحها الفهمي السريع. بل ان النظر في الفضاء المتحرك لبلوغ الدلالة تستوجب التفكير، وهذا من دواعي العمل بتجاوز الاتفاق المسبق والولوج في عمق معنوي أوسع لالتقاط تصورات ابعد مما يظهر ابتداء. بل ان تلك التصورات تفرض علينا فعلا ابتكاريا متغايرا..
اننا في مجمل وعينا او تفاعلاتنا المعرفية نتوقف عند عتبة بلوغ المعنى المسطح، وهذا يعني ان كل وعينا يشكل حالة من ثبات الصورة وثبات الزمن. وان التطابق هو اجترار مميت وساكن لدرجة اننا لا نستطيع تجاوز ما موجود وظاهر ومحدد مسبقا. ولهذا نحن أمة غير قادرة على الانتاج او التقدم لأنها أمة تدور في رحى ساكن من قبول ما ثبت من معنى في بدئية الفكرة الاولى. وهذا ما يجعلنا ندور في سكن المعنى الجامد مما يؤصل فينا بدائية عقولنا على الرغم من حركة المجتمعات في تراكمها المعرفي وهو التراكم المتصاعد لا الساكن في دائرة رحى المعنى الثابت.
من يُلاعب الدلالة ويجعل فضاء فهمه فيها قد انتقل الى مرحلة فهمية أرفع درجة وهي التي تساعدنا في التواصل او المماثلة مع سيرورة الحياة المتراكمة بطبيعتها ومن لم يُلاعبها فقد حكم على نفسه بموت عقله وبقاء بايولوجيته في تفارق مع الواقع. هو ذا ما نحن عليه. وهذا من سوءاته في السلوك الاجتماعي أنه يؤدي الى النفاق والجمع بين الأضداد.. وغيرها.
اذا استطعنا توفير مجموعة من الدلالات في قولبة ما استطعنا في حال إثبات ان تلك القولبة قد خرجت من عباءة الجزئية الى العموم وأصبحت تلك القولبة ثوبا لقطاع معين يستظل به ويجد قدرته فيه. اذن، ان تلك المجموعة التي بلغت درجة التعميم وهي في توافقات دلالية ستؤدي الى تحقيق او انبثاق مفهوم ما..
هي اذن، ولادة المفهوم التي جاءت عن توافق مجاميع من الدلالات التي أوجدت لها قالبها المؤثر بل المحرك السيروري لقطاع ما من قطاعات المعرفة والحياة كالأدب او الفن او السياسة او الاجتماع..
هذا يعني اننا في الطور الثالث من الفهم: طور المفهوم وهو ما نفتقد إنتاجه محليا بل ان وزارة التربية في أنماطها المعرفية ووزارة التعليم ليس لها ادنى طريق لممارسة الفعل المعرفي الذي من شأنه ان يصل بِنَا الى انتاج مفهوم ما. وهكذا كل قطاعات الدولة الثقافية. كلها تعاني الموت عقليا على الرغم من تواجدها في الحياة بايولوجياً..
ومن بعد، اذا التقت جماعة من المفاهيم في قالب أوسع فتلك الولادة الكبرى للنظرية: النظرية التي من شأنها ان تقود كل قطاعات الحياة او تقود الحياة عبر منطوقها الشمولي..
اذن، ولادة النظرية يتطلب جهدا تطوريا من حركة الاستقراء عبر التفكير لبلوغ المزيد من التصورات وبمراحل:
* ادراك المعنى
* ادراك الدلالة
* ادراك قولبة جامعة لسلسلة من الدلالات
* ادراك المفهوم
* ادراك قولبة جامعة لسلسلة من المفاهيم
* ادراك النظرية
كل ذلك لأجل أن نفهم كلّية المعنى والذي اذا قولبنا ذلك الكل في منطوق شمولي صار قائدا لكل الحياة وقطاعاتها، وهذا القائد يصير الحقيقة في ظرفها وفهمها.
اذن، الحقيقة هي شاطئ من الفهم هناك. كل ما نسعى اليه نسعى لبلوغ الفهم. وكلما نسخنا نظرية ما بنظرية جديدة – وهكذا نستمر على النسخ والابتكار – كلما تحولت الحقيقة في شاطئ الفهم الى سراب افتراضي..
المرتسم للإيضاح:

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار