مقالات

مشكلة الروتين المعقد في العراق إلى متى؟

((وان – بغداد))
الإعلامي : يوسف الأصيل
مشاكل الروتين التعقيدي في كافة دوائر ومؤسسات الدولة العراقية الحديثة، تبقى ولا تزال بلا حلول بالرغم من التطور الكبير في مجال التقنيات والتكنولوجيا الحديثة من حولنا ،ويبدو ان الروتين في العراق اكتسب مناعة ضد أي علاج يستخدم الاساليب الحديثة والمتطورة ،في ادارة مؤسسات الدولة وتسهيل اجراءاتها امام المواطنين. فالمواطن العراقي ما زال يواجه ظاهرة الروتين الإداري في الدوائر والمؤسسات الحكومية بتعقيداتها المتوارثة ،منذ حقب زمنية بعيدة، وينتظر وقتا طويلا لانجاز معاملاته.بل ان من المواطنين من ينتظر لساعات طوال او ايام او لشهور، ربما لانهاء معاملته التي لا يستغرق انجازها سوى دقائق معدودة ،ولا زال السؤال مطروحا لدى المواطن العراقي الذي يتساءل مستغربا طالما دخلت الحواسيب الالكترونية في كل مفاصل الدولة، لماذا لم تستئصل الحلقات الزائدة ؟والتي لا معنى في التجوال والبريد المرسل والوارد والمخاطبات الورقية والمستمسكات الاربع والاستنساخ ،ودورة المعاملة في ادراج ومكاتب الموظفين، وكثرة التوقيعات والتاجيلات والطوابع البريدية ،والرسوم الضريبية الغير مبررة، التي تفسح المجال للفساد والتعامل بالرشاوي ، فمن خلال رحلة انجاز معاملة المواطن المكوكية يبقى المواطن في دائرة الصراع والصدام والوقت الضائع مع موظفي مؤسسات الدولة ويبقى باب التساؤل مشروعا لماذا لا نخلق بدائل وفق منظومة برامج الكترونية محدثة والشروع بمنظومة ( الحكومة الالكترونية ) ؟التي تبسط وتسهل متطلبات المواطن العراقي والدولة في نفس الوقت. ويرى الكثير من المواطنين ان دوائر الدولة في العراق باقية على ماهي عليه وكأنها تعيش في العصر الحجري ، فالمواطن الذي لديه قضية في احد دوائر الدولة عليه ان يتوجه الى الشباك الذي يجده ملئ بالمراجعين تحرقهم وتصهرهم حرارة الشمس في الصيف، وبردا في الشتاء . في حينها قد يتمنى اي مواطن أن لا تكون لديه أي معاملة اجرائية في دوائر الدولة ، ومنهم من يضطر الى البحث عن معقب او عن شخصية لها صلة او معرفة مع أحد موظفي الدائرة التي تكون فيها معاملته. والغريب بالأمر أن السادة المسؤولين لا يعالجون القضية من جذورها، بل يعالجونها من جوانبها فالمعقب لن يوجد لولا الروتين القاتل في دوائر الدولة ، وكيف للدولة ان تتابع المعقب وتخلي براءة الموظف الذي هو تعامل مع ذلك المعقب في ابتزاز المواطن المسكين. فالموظف الذي يتيح له الروتين أن يجعل من أي مقدم طلب معاملة كبيرة واجراءات مملة يستطيع من خلالها ابتزاز المواطن وتحصيل اي مبلغ منه من اجل انجاز معاملته الشاقة في العراق .ان الروتين القاتل سبب تأخير الكثير من انجاز المشاريع وتقديم الخدمات للمواطن العراقي، لذلك يرى بعض المختصين اعادة النظر بالكثير من التعليمات وضوابط العمل وسياقاتها لكل دوائر ومؤسسات الدولة العراقية بما يتناسب مع المنظومة الالكترونية وهذه المنظومة تعطي نوع من الاطمئنان حتى للشركات المستثمرة في العراق وتؤمن لها عدم الدخول في الروتين الإداري المعقد، والذي ينحصر بيد شخص دون آخر وقد يكون هذا الشخص لديه حالة من الابتزاز أو الدوافع السياسية للحزب الذي ينتمي اليه فتكون عند ذلك المساومات حاضرة وقابلة للتنفيذ وهو ما يؤدي الى هروب أغلب الشركات التي تعتمد العلمية والموضوعية كمنهج عمل لها وعلى هذا الأساس عندما تتوزع الصلاحيات بين مسؤولي المؤسسة الواحدة سيولد هناك فسحة واسعة من البساطة والتسهيل في انجاز المعاملات ويعزى احيانا ان السبب الرئيسي وراء عمليات الروتين المتزايدة في دوائر الدولة العراقية الحالية هو ضعف الامكانية القيادية والابداعية لدى مدراء تلك الدوائر وقد تكون لسبب اخر هو الفساد المالي المستشري بعراق اليوم لاغراض شخصية وسياسية محسوبة . ورغبة المواطن العراقي تكمن في اعادة وتاهيل دوائر الدولة بما تتوافق على الاقل مع تصريحات المسؤولين المستمرة والتي لم تنقطع طيلة السنوات السابقة ولكن بدون اي جدوى متزامنة مع الفعل الرقابي البرلماني المعطل لأسباب سياسية معروفة ! ، فالروتين هو بحد ذاته ظاهرة متخلفة ومعرقلة وتقع ضمن دائرة الفساد المالي والاداري الذي تجاوز حتى الخطوط الحمراء وستبقى المعرقلات قائمة بفعل اسبابها وسيظل المواطن العراقي ضحية التصريحات الضبابية وضحية الرسوم والضرائب والغرامات وتاخير انجاز المعاملات على حساب وقته وحقه وكرامته .

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار