مقالات

ظاهرة الطلاق بين مفهوم التحرر والانغلاق

((وان – بغداد))
بقلم بتول الأعرجي:
تزايدت نسبة الطلاق في المجتمع العراقي بعد أحداث ٢٠٠٣ بشكل ملحوظ وكبير جدا مما يهدد المجتمع العراقي بالكثير من المشكلات والعواقب الاجتماعية المستقبلية لما تشكله هذه الظاهرة الخطيرة من تبعات قانونية ومشكلات عديدة اسرية ونفسية واجتماعية وانسانية وتلحق ضررا نفسيا جسيما بالاسرة والطفل والتهديد بالتشرد والاضطهاد والانحراف وتنعكس سلبا على واقع المجتمع العراقي بشكل عام.
بعد ان كان المجتمع العراقي قبل احداث ٢٠٠٣ مجتمعا شبه معزولا عن التحرر والتطور ورؤية العالم الخارجي ومظاهر التجديد والتكنولوجيا الحديثة فقد استفاق المجتمع على رؤية واقع حديث وجديد غير مالوف ولم يكن مستعد لمواجهته نفسيا واعلاميا وفكريا وثقافيا فقد كان كل شيء في العراق يخضع لرقابة وضوابط وقانون صارم حتى نشرات الأخبار وافلام الكارتون والموضة ودور العبادة كانت تخضع للرقابة المشددة الحدود مغلقة الأفكار مغلقة ،النوافذ على العالم مغلقة كل شيء في العراق تحت السيطرة والمراقبة الإنسان والحيوان والطائرة والسيارة والهواتف الأرضية وكل ما يهدد امن المجتمع والنظام .
لكن ما حصل سقوط النظام وادواته القمعية وقوانينه الجائرة التي كانت تحكم وتبسط نفوذها وسلطتها بالقوة بلا وعي ثقافي او منطلق ديني او حضاري اوفكري وانشأ مجتمعا يعيش بحالة قسرية وبوضع انغلاق شبه تام عن محيطه الخارجي ما ان توفرت له فرصة التحرر من النظام وقوانينه القمعية حتى مارس الحرية بابشع صورها مدعيا التحرر والديمقراطية بغض النظر عن المفاهيم الدينية والاخلاقية والاجتماعية التي تؤكد على ممارسة الفرد للديمقراطية وفق الاسس والمفاهيم الصحيحة المعتدلة والمتوازنة دون الاضرار بالمجتمع والعقيدة والاخلاق وقد انتشرت مخاطر وظواهر كثيرة وغريبة في المجتمع نتيجة الانفتاح والتحرر المفاجئ والكبير في ظل غياب سلطة القانون والرقابة والفوضى التي حدثت في العراق والمشاكل والاضطرابات والصراعات السياسية المعقدة التي اثرت سلبا على الواقع الاجتماعي وتزايدت فيه نسب الطلاق الى مستويات عالية وخطيرة جدا لم يشهدها العراق بسبب الانفتاح الخطير والمشاكل والتحديات التي واجهها المجتمع العراقي
وتعد الظاهرة الطائفية التي حدثت في العراق
وظهور الجماعات الدينية المتشددة والعنف الطائفي التي اثرت بشكل كبير في تغيير مفاهيم وقيم وعادات المجتمع وساهمت ايضا في اخطر المواضيع المهمة التي تهم الجانب الأسري الذي يعتبر النواة الرئيسية للمجتمع وادت الى ارتفاع حالات الطلاق الكثيرة، خاصة بين أزواج مختلفين في المذهب، وما أحدثته الحرب والصراعات الداخلية من نزوح وتهجير للأسر وتمزقها، فيما أدى إلى تفكك البنية الاجتماعية، وغياب الهوية الوطنية، وتراجع القيم الإنسانية والتربوية والدينية

ويعد تفاقم نسبة الفقر في العراق والمشكلات الاقتصادية وتدهورالحالة المعيشية للاسر محدودة الدخل او التي تعاني تحت خط الفقر من المؤشرات العديدة لحالات الطلاق وقد شهد المجتمع اسرا باعت او تخلت عن اطفالها بسبب عدم استطاع تلك الاسر من توفير مستلزمات الحياة الضرورية.
ويلعب مواقع التواصل الإجتماعي دورا رئيسا وخطيرا في تزايد حالات الطلاق بسبب الانفتاح السريع على التكنولوجيا الحديثة والاطلاع على العالم والمغريات المثيرة وطرق الاغواء والاغراء التي انتشرت من خلال ظاهرة الانفتاح والديمقراطية المشوهة والمواقع الاباحية المنتشرة ،ومواقع التواصل الاجتماعي الفوضوي المختلط بشتى وسائله فان التطور الكبير احدث فجوات ومشاكل كثيرة ناجمة من الاستخدام السيء الذي أثر بشكل كبيرعلى النساء والرجال، حيث أن أغلب حالات الطلاق كان سببها المباشر، مواقع التواصل الاجتماعي،وعدم استخدامها بصورة اخلاقية بما يتناسب مع مفاهيم الدين والاخلاق وتقاليد المجتمع. مع ضعف الجانب الأخلاقي والديني والوعي الثقافي
ولم تتوقف أسباب الطلاق داخل العراق على هذا الحد، وانما تضمنت أسباب عديدة منها دخول الفضائيات والمسلسلات الأجنبية بما تضمنته من أفكار وأحداث غير مالوفة لدى المجتمع العراقي وبدأ ينجرف الى تلك الافكار والمفاهيم المغلوطة، فضلاً عن حالات الخيانة الزوجية ضمن تلك المسلسلات، مما جعل من الخيانة الزوجية ظاهرة تبدوعادية، كذلك مرور المجتمع بوضع خطر متمثل في الانحدار الاقتصادي والاجتماعي والنفسي، ما أسفر عنه تفكك أسري سرعان ما أصبح مدعاة للخلافات والنزاعات الزوجية، بجانب التدهور الاقتصادي وسيطرة الأعراف العشائرية، سمح لبعض الأهالي للزواج المبكر.
بلا انسجام او تفاهم او استدراك مسؤولية الزواج وبناء الاسرة وسوء التدبير والاهمال والتقصير لدى الطرفين في بناء حياة زوجية سعيدة.
وهنالك من الحالات التي تؤدي الى الطلاق كمشكلات وخلافات اسرية واجتماعية وصحية وعدم الانسجام والتفاهم بين الزوجين اثناء الحياة الزوجية بما تشمل الزواج القسري ومشاكل العقم عند الزوجين التي سجلت نسب متفاوته في حالات الطلاق
واغلب الحالات لمخرجات الظاهرة الطلاق بمفهومها العام كانت تؤدي الى الخيانة الزوجية لدى الطرفين وضياع وتدمير الاسرة اجتماعيا
والمرأة الخاسر الأكبر في هذه الظاهرة
تبقى المرأة العراقية هي الخاسرة في مواجهة مفاهيم ونظرة اجتماعية مهينة ومعيبة تسيء الى سمعة العائلة وقد يعرضها احيانا للقتل ضمن مفاهيم العرف الاجتماعي ويضعها تحت ضغوط كبيرة، بالإضافة إلى النظرة الدونية للمجتمع تجاه المطلقات، فضلاً عن الثمن المضاعف الذي تدفعه المرأة أمام المد العشائري الذي ينتشر في المحافظات على حساب المدنية وغياب سلطة قوية للقانون في البلاد يحفظ لها حقوقها ورعايتها

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار