الثقافية

سيميولوجيا الشكل في التشكيلات الخطية ..الدكتور حازم عبودي السعيدي انموذجا

بقلم التشكيلية رهاف السعيدي

كثرما تثير الاسلوبية المتبعة وتقنياتها التساؤل حول مايقدمه الدكتور حازم السعيدي من تشكيل وتخطيط يقع اغلبه في مساحة ترصين الفكرة والتعبير ,فهو يتخصص في نزعتي المشق السريع باستخدامه القلم الدقيق وكذلك القصبة او السلاية العريضة لاستدعاء الخط بطرقه المتبعة والمعروفة في تأدية مايعرف لدى الخطاطين بالخطوط اللينة البعيدة عن الهندسة وادواتها , حتى لنجده يقيم لغة الحرف للحرف ويضمن لوحاته ذلك الاسلوب الفني والجمالي بذات الوقت ويؤسس لحالات تكوينية تهتم بالشكل في افتراضية ان الشكل الحروفي والخطي يتحرك في مدار ليس بالمعين ولا المنتهي ولا المحدد وانما تغلب عليه صفة الانتشار من نقطة ايضا هي الاخرى نقرأها استشعارا لا تركيبا وهذا ما يحسب في بنيات الاسلوب الذي يقدمه , الا اننا نبقى في جدل الشكل وسميولوجيته بوصفه علامة ورمز واداة يتم استدعاؤها ويستقدمها (الخطاط الدكتور ) نظرية وتطبيقا , اذ يقف في طليعة الخطاطين لمعالجة القضايا السيميائية في محاولة منه لدراسة الحرف السيميولوجي كأساس من اسس النقد الجديد في فن الخط العربي وهي بالتأكيد محاولة رائدة وتأسيسية في هذا المجال ويسعى كذلك الى تطويرها عقب ما يعتده من مسلمات بمعنى ان يستقطب الاخر من طلابه ومتلقيه لمصاحبة تلك النزعة ويبدئون باستنساخها او محاكاتها في ابسط تقدير , لما للتطور الحروفي من شأن ومظهرية للتواصل الفكري والمهاري بل والتقني , واليوم نقدمه للعالم للنظر في تجربته البينية التي عرفها هو ذاته انها (مشقية الخط )واراد بها السرعة والبطء والخط الكتابة في آن واحد , محققا بذلك مستقبل ابداعه الفني وتأثيره الكوني ومن ثم مدعاته لتبني تجربته الجمالية .

كما اظهرت محاولاته تنوعات استخدامه لعديد من الخطوط اللينة ومنها الفارسي والديواني والنسخ والرقعة والثلث , بمعنى درايته بها وما اهتمامه الخطي سوى اطلاعه بالمسؤولية الملقاة على عاتقه , ذلك ان الحرف العربي يكمن في التاريخ نوعا واصلا ونظما وتقييدا (قواعد) ومن خلال متابعيه تظهر صورة التكامل الواضح لما اسميناه بالتأسيس فالمعرفة العميقة والاحترافية في التميز والتنوع لا تقتصر على الخطاط وحده وانما يشاطرها المتلقي ويعنى بها كل من اهتم بتأرخة الجمال ,وكما يبدو ان البحث في افق السيمياء هو من فتح الباب للشكل وتشكيلاته على الظهور , وهو من دفع بالابداع ان يكون ابداعا بقصد تحقيق الكشف الدلالي عن سيميولوجيا الخط العربي , هندسيا ورياضيا ودينماكي.

فالرسم الخطي ليس مجرد تبويب لمفردة معينة او اظهار لخط معين تماثله القوة والتركيب وانما هو اصلا بحث في الفلسفة واستكمالا للمعنى في ترصين بواطن النص الخطي وبالتالي يعد قاسما مشتركا لبلورته كجسم تخطيطي لغوي مرموز , وهنا تكمن قابلية انعكاس الدلالة التي نناقشها ونحاورها بوصفها انظمة صورية لا تخلو ولا تبتعد من معنى السيمياء , ذلك ان الكتابة الخطية نظام صوري بلاغي تضاعف دلالته كلما اتجهنا للبحث في زوايا المخطوط , وهنا يجب الالتفات الى ان الشكل لدى (الدكتور حازم ) هو شكل كتابي هلامي على الرغم من هندسيته وحسابات معيارياته , حيث تقسيم المساحات تعمل بمباشرية عالية وان تقاسمتها حسابات المساحة ذاتها يبقى التنفيذ التقني مباشر وتحسب له الخطوات مخيلاتيا وعقليا وهذا دليل اخر على الجرأة في التنفيذ اذ تتوافر العلاقات تباعا في تناسبها وتوازنها في اشتغالات الحرف والكلمة والفضاء وهذا بحد ذاته انجاز يتفوق به حيال اقرانه , فكانت الكلمات والحروف على قياس واحد وضبط ايقاعها واحد , فضلا عن ان التشريح في الحرف العربي الذي يتماشى مع وطبيعة التكوين وعلاقات نشأته .

في انموذج الخط الفارسي الذي نضعه للتحليل بين ايدينا نجد ان المخطوط الحديث النبوي اللوحة قياس 30 سم في 25 سم حبر على ورق بقلم نصف ملم “الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من اتبع نفسه هواها وتمنى على الله الاماني ” وتكرر وجوده بذات القلم نصف ملم , تم تلوين بعض المساحات النقطية باللون الازرق , وتكرر الحديث باعمدة عددية (12 عمود ) بخد التعليق الفارسي وانه مثال حي لما استقدمه الخطاط في تركيزه على بداية الحديث في تأكيد واضح ان الكيس العاقل وذو البصر ان يدين نفسه قبل ادانتها من قبل الامر الالهي والملائكي او الناس حتما “الكيس من دان نفسه ” واعتمد تنفيذه بسلاية حجم 8ملم وبخط خشن وكبير ,حيث انطلق الخطاط من محور الحديث وبدايته ليشكل دلالة واضحة علة خلفية وارضية بخط التعليق الدقيق والناعم مظهرا , هكذا يتأكد لنا ان طريقة جمع الخط وتبيانه باسلوبية الاتزان تظهر الكشف عن مكنونات العملية ومحمولاتها في الاختصار والاسهاب مرة في اختصار كلمات بدء الحديث ومرة في تكرارها غير المتناعي مع مساحة اللوحة , وبالتالي هو خلق جمالي تعددي تحتاجه قراءاتنا كلما اوغلنا في امتدادات وفضاءات الخط الانموذج وسطوحه التركيبية .

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار