الثقافية

“لونية الايقاع ” في مرسومات سارة تفله

 

 بقلم الناقد الدكتور حازم السعيدي العراق

تلعب التجريدية التعبيرية دورا هاما في مرسومات (سارة تفله)التي اولتها العناية بتوجيه اكاديمي ازاء بورتريتات انثوية تعنى بالمرأة ,فرسومها تركيبة فنية تشوبها العلاقات اللونية الصعبة والمعقدة الناتجة من مزج الصبغات واعادة ترتيبها وتنظيمها في احداث الوحدة والتكامل , حيث اللون ضربات مساحوية رسموية وحجوم تلعب بمكامن الضوء والظل وبالتالي في تشكيل الحيكل البنائي الرئيس للصورة , وتعدها “سارة ” صفة رمزية لصياغة السطوح الجسموية واشكالها البشرية نوعا وتعبيرا , ومما يشكل البنية الظاهرة في الالوان الحارة والباردة ناهيك عن استخدامها للالوان الاساسية في “البورتريت ” .

ان ما تشكله اللونية الايقاعية في تعقب جمالية ومراكز المحور كالتي جاءت بها في انموذج التحليل نجد ان اللون الاحمر قد وضعته على بعض من مناطق استقطاب النظر ومنها الشفاه وتلابيب اتجاهية امامية الرداء , مع بعض من خصلات الشعر اذ تركت للمتلقي اكتشافه الملمس الايقاع بعد ان اعلنت غائية تراتب الظل وتعامده مع اللون , كما انها عالجت المنظور بتلك الابجدية السطحية لضربة الفرشاة وجعلت من الفضاء اللوني قيمة لونية توافقت شكلا ومضمونا في تكوين ايقاع رتيب من الفترات والوحدات مفاده “لون وظل ثم لون وظل ثم وهكذا دواليك ….” كالتي شوهدت فيه المساحات المتوزعة قسرا في زوايا اللوحة المصورة من حيث الشكل والحجم وخلقت تشابها تاما شكلته وحداته البينية .فالايقاع نظام جسدته “سارة ” في اعمالها في التكرار الكتلوي يضفي الى مسميات تعرف بالوحدات ومن شأنها ان تكون متماثلة كالتي ظهرت في (العينين وتحتهما وجانبي الوجه والرقبة )او مختلفة (الجبهة واسفل الوجه وجانب الرقبة الايمن للناظر )او متقاربة (شعر الرأس )او متباعدة(في منتهيات الشعر )  , ويقع بين كل وحدة واخرى مسافات تعرف ايضا بالفترات , ولما الاثنان من فاعلية فهنالك من يسمي الفترات بالعنصر السلبي بينما الوحدات بالعنصر الايجابي .

الا ان الرتابة في الايقاع لم تخلو من غير الرتيب وتلك التي ظهرت في تخلف الوحدات عن فتراتها ومنها المتوزعة في لون ومناطق الشعر او كالتي حلت في امامية الرداء وسوداواته, وكان للايقاع الحر حضوره  بعد ان حكمته مرتبة الادراكين العقلي والعشوائي بعد مصاحبة (الرتيب وغير الرتيب )  وهذا تمثل في ادراك اللون الاحمر المتوزع في جانبي الشعر وجانبي الكتفين والشفتين , اما العشوائي فتمثل في المساحات الكبيرة والصغيرة على حد سواء من خلال مظهرية اللوحة المجسدة للمرأة ويمكن تعقبها بانتقالات العين من زاوية لاخرى ومن مكان لاخر كالتي في المساحات البيضاء والبنية والقهوائية , عليه تتضح تلك الايقاعية اللونية في تناقص وتزايد تبعا لما تتطلبه تقنيات اضافة اللون وشكليته في التجريد والتعبير وهما بالتأكيد يتعاكسان كلما وجدا في تناقص يقابله التزايد او العكس في المسافات والوحدات .

ومن جراء متابعة معنى الايقاع لدى “سارة ” فهي ذي موهبة وطاقات متعددة  ويكمن في النهاية بتحويل المركز الى محور في استقبال الصورة ونستدل على ان حقيقة الصورة الايقاعية الذهنية قد خلقتها في حدود مصورتها التي سعت الى تركيز الانتباه على الحركة الافقية اي بمعنى بنيتها الناتجة في تنظيم آليات الايقاع كالتي اوجدها (جاكسون بولك ) في تعبيريته , لذا ان المنطق الفني يحتم استمرار كونية التعبير وتجريداته في عناصر فنون الرسم واسس تواجده لدى اغلب الفنانين وتحديث نصوصهم .

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار