الثقافية

رسوم اسما ريحانه خطاب لغة الاشياء لغة اجسادها (مقارنة فنية )

بقلم الناقد التشكيلي الدكتور حازم السعيدي

الفنانة التشكيلية من تولد لبنان عملت كخبير اقتصادي في البنوك ثم تفرغت للرسم بعد ان تلقت تعليمها في المركز الثقافي الروسي وشاركت في عدة معارض ومهرجانات وسمبزيومات داخل وخارج لبنان ولا زالت تمارس شغفها للرسم .

تعتمد كل اللغات اللسانية والجسدية على منطق الاشارات والصوت والتخاطب فيما بينها , اذ تبحث الاشياء في علوم التواصل من خلال التعبير بلا تلفظ ومنها مايتم شعوريا حتى يجيب بكوامنه عفويا او تلقائيا ,ومنها العكس وبهذا الصدد يقول “جوزيف ميسنجر ” ان تركيب الانسان يتموضع بوجود 70جزءا ولكل من جسده تفسير , كالانف موضع المهارة والظهر موضع التوازن الوجداني والساقين موضع الشهوانية وهكذا …” حيث ان مواطن الاشارة وترجمتها في الاشياء والاجزاء والاشكال نعت سوسيولوجي تم تقمصه ليعد اسقاطا في التعبير فمن الممكن ان تشكله (الاجساد ) في خاماتها بما فيها الجمادات والحيوات (سوائل وغازات وذرات )الا انها تبقى عقيمة دون تفسير , في اولوية نقلها الانسان الفنان من حالة الوجود الافتراضي الى وجود اللوحة والشكلانية المعبرة , لذا تباشرنا “اسما ” من شيئانية ذاتها بقولها التعبيري في الخط واللون والشكل , اذ ليس هنالك من لغة اسمى من التعبير وانه مثار تساؤل لا بد للفنان ان ينغمس فيه فالشجرة الراقصة بفعل الرياح او بفعل معين كالهزة او محاولة الاقتلاع هي لغة تحاور بين عالمين او قوتين كما المرأة الراقصة بفعل حالة من الوعي او اللاوعي وبفعل خضوعها لقوة وجدانية او عاطفية او صدمة اي انها خضعت لمعايير نفسية , والغيمة البيضاء لتختلف عن رماديتها لتمثل منتشية جمالا وئيدا هي دفق حياتي ومستهل باعث للحياة بوجود معبراتها من سمات , والجسد البشري ان لم يكن مغراءا تحركه بيولوجيا اللذة والسحر فهو فقير حد النيوكيميا لاتحركه الهواجس والانفعالات بل ولا تتفاعل معه , ورأس الحصان الذي تخططه وتلونه لا يعني انها تحبه او تحاكيه ربما طلب منها ان تفوم برسمه وحسب , والشجرة الوارفة بالظلال تعني البرودة والحلم ., والمياه المنسابة من اعلى الصخور هي جمال بفعل قانون الجذب الارضي عليه ان تلكم الاسقاطات بمحتوى التعبير انما تمثل لسان يومىء بالتعبير بمحتوى الجمال ويخضع بالتأكيد لمحاورة الفنان وذاته فالحالات والافكار في تجربتنا هي ادراك وبامكاننا التقدير فيه والذي يرتكز الى الشخصية وهو مايبحث عن القارىء للنص الفني اي بمعنى “هذا مايعبر عنه العمل الفني ” ومن هنا معنى دليلنا وكلامنا عن مرسومات (ريحانة ) انها تحاكي الاشياء بل وتحاورها في زمكان ثلاثي البدء والمحاكاة والتلقي فالمضمون غالبا ما يذهب متسقا بالشكل ولا يختلف الا حينما لا تهتدي وجدانياتنا الى مراسيها , حيث الاعمال الفنية دلالاتها اكثر انفتاحا واكثر تعددا في ثلاثية العمل وخطواته .

ان التشكيلية (اسما ) تبحث في محور بناء تلك اللغة الفنية الشكلية وتضع خطابها كمرسل باعث لتوصله بشكل رسالة الى المرسل اليه (نحن المتلقي ) وهذا هو ماتحاول القيام به بوجود مشتركات موضوعية وان اختلفت في حدتها وشدتها (فتراتها ومسافاتها ) فهي تتوحد بالتالي , فاللغة التعبيرية في الاشياء ذات جذور متأصلة فيما تعرف بالاوجه المادية والشكلية والتصويرية للعمل الفني وانها اي الاوجه من تساعد في نسبة المضمون التعبيري (لغة الجسد ) ووتلك حقيقة لا يمكن تفنيدها او الغائها او حتى انكارها .


هكذا تتمحور القراءات الفنية عبر حكاية الاشارة فالعمل الفني صورة رمزية تشير الى قرينها وتعد سردا مختصرا تارة ومسهب في اخرى والبحث والتقصي فيها فعل متداخل مع الاشياء المصورة التي تنم عن العقل المدبر لها وان تحليلها يتبلور في الرواسب المعرفية ذات خصائص فكرية لذا ان التعبير من مكونات الخطاب الممتثل للمحاورة وبالتالي ان النص الفني هنا رؤية وتخيل وضعت افتراضيا بين منطقتين المتخيل والواقعي والذي دفعت به (ريحانة ) الى اثارة الشك مما حدى بالمتلقي الى الانفتاح على المصورة والابحار بشواطئها , وهنا تكمن جسدية اللغة الفنية جسدية الاشياء ورفدته ببنائية صيرورة النص الموجه شكلا ومضمونا وكلاهما قوة بنائية اسندت للتشكيل بعناصره واسس مظهريته وطغيان الحركة الاشارية جاء اكثر توافقا وصوتا في رسومها بلا تلفظ .

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار