مقالات

البيروقراطية سبب من اسباب تردي النظام الاداري في العراق

بقلم الحقوقي عمار عطية الركابي

كثر الحديث عن انخفاض كفاءة النظام الاداري في العراق وتفاقم عيوبه في السنوات الاخيرة، مع ما يستتبع من ضياع للوقت والجهد والمال عبثاً رغم حاجتنا الماسة الى مواجهة التحديات ورفع مستوى الخدمات ومستوى معيشة المواطن، رفعاً حقيقياً لا يقف عند الدعاية السياسية او الكلام البراق. وعادة ما يعزى ذلك الى البيروقراطية وانتشارها في ادارات الدولة المختلفة.
يجدر بنا ان نقف قليلا عند كلمة البيروقراطية، وما يمكن ما تدل عليه، فهي مصطلح ينتمي للعلوم السياسية والاجتماعية، يشير إلى سلطة الموظفين وتطبيقهم القانون بالقوة في المجتمع الوظيفي، وعادة ما يكون تطبيق وتوزيع السلطة حسب السلم الإداري أو بطريقة هرمية، تتصف البيروقراطية والبيروقراطيين بالروتين، وبطء التنفيذ، والتمسك بحرفية القواعد والجمود، مما يصب في عرقلة شؤون المواطنين، ويزيد في ذلك كثرة الموظفين، أما اصطلاحا، تعرف البيروقراطية على أنها المغالاة في التمسك بحرفية القواعد وشكليتها، وتعني ايضا نظام الحكم القائم في دولة ما يوجهها كبار الموظفين المهتمين ببقاء نظام الحكم لارتباطه بمصالحهم الشخصية. لا يكاد الجمود والروتين الانفصال عن البيروقراطية، لذا فان اكثر ما يعبر عن البيروقراطية؛ أنها روتين حكومي مغالى فيه.
غير ان شدة التمسك بقواعد واجراءات العمل الاداري والنظر اليها بعين القدسية كما لو كانت غاية في ذاتها وليست مجرد وسيلة لادراك اهداف الادارة يؤدي في نهاية الامر الى اغفال هذه الاهداف وجمود النظام الاداري والانتقاص من قدرته على تحقيق غايته. وفي نهاية الامر يؤدي الى ثقل الروتين والتقليل من كفاءة الادارة. وبالتالي تمسك الموظف بالروتين والاجراءات وان خالفت المنطق والصالح العام ومنها على سبيل المثال:
تجنب المسؤولية وظهور الموظف بمظهر يحترم ويطبق قواعد العمل كما هي موجودة، حتى وان كان فيها عيب او قصور فان مهمة اصلاحها او تعديلها لا تقع على عاتقة انما يختص بها مسؤولون اخرون. بينما هناك طرق اخرى مناسبة يمكن اتباعها مع ذلك يصر على تطبيق هذا الاجراء خشية المسؤولية.
الكسل وعدم الرغبة في بذل الجهد للبحث عن الحل السليم للمشكلة المواجهة، اذ ان تطبيق الاجراء الذي تعود علية الموظف واصبح يؤديه بطريقة شبه اليه ايسر واسهل بكثير من محاولة كشف سبيل اخر اكثر ملاءمة للمسالة المعروضة.
عيوب البيروقراطية الادارية في العراق
قصور الكفاءة بالقيادة
يفتقر الرؤساء الاداريون في العراق غالباً الى التأهيل اللازم لتولي القيادة الادارية، ويرجع ذلك اساساً الى عدم وجود مدرسة عليا للإدارة تتولى اعداد القادة الاداريين اعداد علمياً لمدة كافية عن طريق اختيارهم ممن تتوفر فيهم الاستعدادات الطبيعية للقيام بمهام الادارة بعيدا عن المحاصصة الحزبية المقيتة والاعتبارات الشخصية في اختيارهم، ومما يؤسف له ايضاً ان غير القليل من الرؤساء الاداريين قد ساهم او تؤاطأ مع مرؤوسيه في جرائمه الادارية لتحقيق مآربه الشخصية فكانوا بذلك قدوة سيئة مثلت الطليعة في ازمة الاخلاق وخمول الضمير التي اجتاحت النظام الاداري في كثير من مفاصلة الادارية.
سوء التخطيط
ان التخطيط في العراق معيب في كل من كفايته وكفاءته، ويتمثل عدم كفاية التخطيط في كونه لا يحيط بكل الميادين ولايستغرق الا القليل من المجالات، اما عن عدم كفاءة التخطيط هناك تخبط واضح في كل مفاصل النظام الاداري، حيث ان التخطيط في العراق لم يكن بصف عامة على قدر يسمح له بتحقيق الاهداف التي وضعت من اجلها، وغالبا ماكانت الاهداف المراد تحقيقها أعظم بكثير من الامكانات المادية والبشرية المرصودة في تحقيقها، وقد يرجع ذلك الى الرغبة في التقدم السريع دون النظر بعين الواقع الى ما لدينا فعلا من وسائل التقدم. كما يعزى الى اتباع الطريقة الديماغوجية، القائمة على الدعاية
نقص التنسيق
التنسيق هو نوع من انواع التعاون بين مختلف مفاصل النظام الاداري من اجل تحقيق الهدف المشترك هو المصلحة العامة. يعاني النظام الاداري في العراق من عدم توافر الاتصال والتعاون المشترك بين مختلف اجهزتها واجزائها بالقدر الذي يسمح بتعاونها، مما يودي الى خلق نوع من التضارب وتبديد المجهودات والاموال. على سبيل المثال ما يحدث في العراق من التخبط في التنسيق تقوم البلدية بتعبيد ورصف الشوارع بعدها ياتي حفر الطريق لوضع انابيب المياة وتقوم بعدها بتعبيد الشوارع، وقد تقوم ادارة الكهرباء بدورها بعد ايام من ردم وحفر ماحفرته ادارة توزيع المياة باعادة الحفر في نفس المكان وهذا ممايؤدي الى تبديد للجهد والوقت والمال.
ضعف الرقابة
ان الموظف الذي يحسن القيام بواجبة دون رقيب ويتصرف في العمل كما ينبغي ان يكون بوازع من ضميرة قد اصبح الان نادراً بين الناس. وذلك بعد ان قل الايمان بحكمة الكون وما وراء مادياته، ومن هنا زادت الحاجة الى رقابة العاملين في عملهم لمعالجة تقصيرهم وانحرافاتهم. غير ان سوء تكوين معظم الادة الاداريين وتكاسل غير القليل منهم وما اصابهم من ضعف النفس وتدهور الخلق قد ساعد على مضي المرؤسين في غيهم دون رادع كاف او رقيب يقظ، فلم تحقق الادارة اهدافها المرجوة وزيفت نتائج اعمالها في كثير من الاحوال لتغطية الاخطاء المرتكبة والجرائم الاثمه الماثلة وراء سقم الادارة. ساعد على ضعف الرقابة عدم وجود معايير موضوعية لقياس اداء العاملين في اغلب ادارات الدولة، مما طمس معالم التقييم الصحيح وفتح مجالاً لإدخال الاعتبارات الشخصية والاهداف الخاصة في تقدير الاعمال والنتائج.

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار