مقالات

قداسة الدين هي في العمل السليم

بقلم جمال العراقي:

للدين قدسيتهُ في ادبيات الشعوب وخاصةً الفقيرة منها ، وهذا نابع من شعورهم ان الله سبحانه وتعالى يغير أحوالهم عند التضرع لهُ سبحانهُ ، وهي حقيقة لا يمكن انكارها ابداً ، ولكن تجار قدسية الدين وما يقومون به من اعمالٍ شنيعة يندى لها الجبين وتجلب سخط الخالق سبحانه ، وحسب رأيِ ان القداسة هي بالأمور الصحيحة التي نقوم بها فكل الديانات تدعوا الى العمل الصالح لأنها وبِآثارها والاستدلالات العقلية من الله سبحانه ، والله جل وعلى لا يأتي منه الا الخير ، لكن المشكلة في من يوظفون الديانات السماوية لخدمتهم الشخصية ، الدين وكما اسلفت هو العمل السليم لا الترانيم النغمية التي تدق وتطرب مسامعنا ممن يودون استغلالهُ لمنافعهم الشيطانية ، نعم ثبت ذلك وعلى مختلف الأزمنة والعصور إن كل الديانات و بالدلائل التاريخية وحتى الحاضرة منها على ان جمع من المنافقين استغلوا الدين للمنفعة الشخصية ، وهنا اختلف بتفسير ما قاله الفيلسوف الألماني كارل ماركس “ان الدين افيون الشعوب” بل اكاد اجزم ان الدين ليس هو افيون الشعوب ولكن “خونة الأمانة الإلهية” متقمصين الدين هم خداعي الشعوب ، وكم من لبَسَ للِباس الدين ، قام باللعب على وجدان وعقول الناس وساقهم الى حروب وسفك للدماء تحت مسمى “العقيدة” ، وإن اردنا ان نسلسل تلك الأحداث فنبدأ من الحملات الصليبية التي قتل على إثرها الآلاف من الناس بإسم المسيح (ع)، وهي في حقيقتها لم تكن سوى حملات للمتعطشين للسلطة او لجمع الأموال واغتصاب أراضي الشعوب ،
وفيما بعدها جاءت حملات القتل بين المسلمين ، و بدأت بعد الرسول الأكرم (ص) وكانت أكثرها الألم وقسوة وبدون منازع فجيعة قتل الأمام الحسين (ع) واهل بيته واصحابه في “واقعة الطف” الأليمة ، وكانت بسبب خوف يزيد بن معاوية على السلطة وخشيته من التفاف الناس حول الأمام الحق الحسين (ع) فتضيع مغانمه الدنيوية ،
واليوم وما يحدث من إقتتال بين اصحاب القومية والواحدة والبلد الواحد للسبب ذاته ، حيث تنظيمات وخلافات تقوم على الإرهاب وسفك الدم ومن جديد وظفت بإسم الدين ، حتى ان البعض بات يتصور
ان “الدين هو القتل”و اعتقد ان ما مر به العراق من مأساة هو عين وجوهر لنظرية المتاجرة بالدين ، عموماً بات الجميع يمقت الدين وعندما يقترب رجاله من السياسة يتخوف الناس منهم ، وليس دفاعاً عن احد ، لكني اعتقد ان المشكلة الحقيقية هي من الذين يقتربون منها ،
اهم الصالحون ام المنافقون ، ولدينا تجارب كثيرة بقيادة الدين للسياسة ، ومن ابرزها تصدي الصادق الأمين محمد (ص) لحكم المدينة المنورة بعد الهجرة من مكة المكرمة ، حيث انه لم يكن رسولاً لله سبحانه وتعالى فحسب بل القائد السياسي والعسكري والاقتصادي للمدينة المنورة ، حيث انهُ لم يكن جميع السكان من المسلمين ، بل كان هناك يهود ومسيحيين وحتى ملحدين ، والكل اليوم يعترف بحكمته وحنكته بإدارة الدولة في حينها ، هذا مثال من الإسلام السياسي وهناك مثال اخر بعد النبي الكرم (ص) وهو قيادة الأمام علي عليه السلام للدولة الإسلامية وعاصمتها الكوفة ، ومن هذان المثالان نستطيع ان نعرف ان المشكلة ليست بقيادة الدين للسياسة ، بل بالقائد ان كان مارقا ، وحسب رأي انه لاخوف على سلامة السلطة من اصحاب الدين السليم ، بل على العكس من ذلك هم قادتها وبجدارة .

ملاحظة : كل ما ينشر من مقالات تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعتبر من سياسية الوكالة.

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار