مقالات

صدمة شعبية وسياسية عراقية لمؤتمر التطبيع مع إسرائيل!

محمد وذاح..

شكّل مؤتمر التطبيع مع إسرائيل الذي عقد أمس الجمعة في أربيل، بحضور أكثر من 300 شخصية من القيادات والزعامات العربية السنية والشيعية المقيمة في إقليم كردستان، صدمة لمختلف الأوساط العراقية.

فقد استهجن رواد مواقع التواصل الاجتماعي ومؤسسات وأحزاب وشخصيات وزعامات سياسية عراقية، انعقاد مؤتمر “السلام والاسترداد” برعاية “مركز اتصالات السلام”، والذي يأتي في إطار ترسيخ التطبيع مع إسرائيل.

استهجان ورفض العراقيين للتطبيع مع إسرائيل لا يقتصر على التعاطف الشعبي مع اشقائهم الفلسطينيين، بل يرتبط بموقف الدولة العراقية الرسمي منذ أكثر من نصف قرن، فليس لدى العراق و‌إسرائيل أي علاقات دبلوماسية رسمية، وقد أعلن العراق الحرب على الدولة اليهودية التي تأسست عام 1948 ومنذ ذلك الحين ظلت العلاقات بين الدولتين عدائية في أحسن الأحوال.

“لا تمثل العراق”

وأصدرت الحكومة العراقية بياناً، أعربت فيه عن رفضها القاطع لـ”الاجتماعات غير القانونية” التي عقدتها بعض الشخصيات العشائرية المقيمة في مدينة أربيل بإقليم كردستان، من خلال رفع شعار التطبيع مع إسرائيل.

وذكر المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، أن الحكومة “تؤكد ابتداءً أن هذه الاجتماعات لا تمثل أهالي وسكّان المدن العراقية”، معتبراً أنها “محاولة للتشويش على الوضع العام وإحياء النبرة الطائفية المقيتة، في ظل استعداد كل مدن العراق لخوض انتخابات نزيهة عادلة ومبكرة”.

وأشار البيان إلى أن “طرح مفهوم التطبيع مرفوض دستورياً وقانونياً وسياسياً في الدولة العراقية”، مضيفاً أن “الحكومة عبرت بشكل واضح عن موقف العراق التاريخي الثابت الداعم للقضية الفلسطينية العادلة، والدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني، وحقه في دولة مستقلة عاصمتها القدس الشريف”.

استنكار سياسي!

ورداً على مؤتمر الدعوة لـ”التطبيع مع إسرائيل”، دعا زعيم التيار الصدري في العراق مقتدى الصدر، اليوم السبت، إلى “منع هذه الاجتماعات في أربيل”، مطالباً الحكومة العراقية بـ”تجريم واعتقال كل المجتمعين” حال استمرارها.

وحذّر الصدر على “تويتر”، بقوله”: “وإلّا، فسيقع على عاتقنا ما يجب فعله شرعياً وعقلياً ووطنياً”، مضيفاً: “العراق عصيّ على التطبيع، ولنا بعد الأغلبية ورئاسة الوزراء وقفة أيضاً”.

من جانبه، استنكر رئيس تيار الحكمة الوطني عمار الحكيم، “المؤتمرات والتجمعات ودعوات التطبيع مع الكيان الصهيوني الغاصب التي تعقد داخل العراق”، مؤكداً على “الدعم الكامل للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة ونضاله لاسترداد حقه المغتصب وان قضيتهم لا تسقط بالتقادم بل تزداد رسوخا في ضمير الأجيال العربية والإسلامية”.

إلى ذلك، أعتبر الناطق باسم تحالف الفتح، أحمد الاسدي، أن عقد اجتماع للتطبيع مع الكيان الصهيوني في أربيل، يعد عملاً إجرامياً وفق القانون العراقي النافذ، ويعد كل من أعد وشارك ووافق على عقد هذا الاجتماع خائناً وفقاً للقانون، ويجب محاكمته وإنزال أقصى العقوبات بحقه، وفيما دعا القضاء لملاحقة الراعين للمؤتمر، طالب الشعب العراقي والمؤسسات الرسمية والدينية والشعبية والعشائر إلى نبذ هذه الفئة المجرمة والبراءة منها.

التطبيع بصوتٍ عال!

ويرى مراقبون، أن عقد مؤتمر التطبيع مع إسرائيل في أربيل، أمر غير مُستغرب، لأن المحافظات السنية بوصلتها الفعلية الخليج والمنطقة العربية، تدور حيثما دارت وتسير بخطاها أينما اقبلت!

فكما بالأمس أصبحت الإمارات والبحرين أول دولتين خليجيتين تطبّعان علناً علاقاتهما مع إسرائيل، قبل أن تلحقهما الشقيقتان العربيتان؛ المغرب والسودان، بالإضافة الى الأردن ومصر اللتين اعترفتا بإسرائيل قبل عقود من الزمن، فإن ما حصل باحتضان كردستان لمؤتمر التطبيع، ما هو إلاّ أن المحافظات السنية “فكرت بصوتٍ عال للتطبيع مع إسرائيل!!

يشار الى أن هذه ليست المرة الأولى التي يتم الحديث فيها عن تطبيع العلاقات بين العراق وإسرائيل غالباً ما يكون فيه إقليم كردستان منطلقها، فقد زار عديد من قادة كردستان العراق “إسرائيل”، ودعا بعض السياسيين العرب والأكراد علانية إلى التطبيع معها.

ففي عام 2017، عندما نظم أكراد العراق استفتاء الاستقلال الذي تصدت له حكومة بغداد وألغت نتائجه، كانت “إسرائيل” من بين الداعمين القلائل لهم.

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار