مقالات

خمسة أيام قبل انطلاق قطار الحنانة!؟

بقلم ✍️ عمر الناصر / كاتب وباحث سياسي..

من يتذكر التحركات المكوكية التي سبقت تشكيل الحكومات السابقة سيرى كيف تزايدت الخلافات السياسية في حينها وسيجد ان اهم اسبابها انها لم تستند على مبدأ بناء الثقة المتبادلة بين جميع الاطراف الموقعة على كل مواثيق الشرف والاوراق البيضاء التي نودي بها انذاك، وسنجد بأن تحمل المسؤولية بشكل اكبر قد وقع على عاتق الكتل الشيعية لكونها هي من تحدد وتختار رئيس الوزراء في وقت كانت تسعى اطراف خارجية لكي لايحصل تقارب بينهم بل تسعى لتأجيج صراع مسلح للوصول لمرحلة كسر العظم لتكون بعض الدول الاقليمية لديها اوراق جديدة تحاول اللعب بها وقت الحاجة ، وما استهداف مقرات الأحزاب من جهات لم تعلن عن نفسها الا دليل واضح من اجل اقتتال واحتراب شيعي-شيعي لغرض تحقيق غايات واجندات سياسية مريضة.

لم تستطيع الكتل الشيعية الخروج بقرار سياسي موحد ومشترك بأمكانه ان يذهب لتشكيل حكومة تماهي تطلعات بعض الاحزاب السياسية التي ترى انها تلقت خسارة ثقيلة غير متوقعة في الانتخابات الماضية ، وخصوصاً ان هذه المرة وعلى ما يبدو أن السيد مقتدى الصدر مُصِر وعازم على تشكيل حكومة اغلبية وطنية وما اللقاءات التي جرت بينه وبين السيد هادي العامري الا وتحمل طابع المجاملة السياسية من جانب ولمحاولة من اجل العدول عن قراره الذي يبدو ان لا رجعة فيه والدليل على ذلك تأكيد تحالفه مع كل من نيجيرڤان بارزاني ومحمد الحلبوسي وخميس الخنجر.

‏ومن جانب اخر يبدو أن هذا التحالف قد أثار حفيظة السليمانية بدليل أنها المرة الأولى التي ينشطر فيها التحالف الكوردستاني إلى قسمين ويصر اليكيتي على ترشيح السيد برهم صالح مجددا لمنصب رئيس الجمهورية في وقت لم يستطع الحزبين التوافق على مرشح واحد لأجل الذهاب به إلى بغداد كمرشح توافقي لهذا المنصب ، ومن يدقق النظر سيرى بأن كل هذا قد يكون هو جزء من التغيير الذي سوف تشهده المرحلة المقبلة على اعتبار بأن هنالك اراء تشير الى ان تحالف الاغلبية هو لسحب البساط ايضاً من تحت السليمانية التي انفردت بمنصب الرئاسة لفترة طويلة وقد يكون زمن التقارب وتوحيد قرار البيت الكوردي الذي بدأ بعد عام ٢٠٠٣ اخذ مفعوله ينتهي بصورة تدريجية، وعليه يرى بعض المراقبون اليوم أن انشطار الكورد في هذه المرحلة واعادة رسم خريطة التحالفات بصورة مغايرة عن ما كانت عليه سابقاً ماهي الا سابقة وحالة صحية وخطوة ايجابية لإعادة للملمة شمل البيت العراقي على أساس مبدأ المواطنة كبداية لاضمحلال المحاصصة الطائفية.

من خلال كل ما ذُكر اعلاه يتبين لنا بأن المشهد السياسي اليوم وبعد القصاصة الاخيرة يبدو انه اصبح خالي من ذبذبات التشويش الذي كانت تكتنف الساحة ليتجلى تحليله في نقطتين الاولى اختلاف شكل زيارة السيد مقتدى الصدر عن بقية الزيارات السابقة إلى بغداد لانها تعتبر الأولى التي ذهب فيها لزيارة لأمام موسى بن جعفر عليه السلام مرتدياً عباءة السيد محمد صادق الصدر المثقوبة رحمه الله لقناعته المطلقة بأننا اليوم قد وصلنا لاخر فصل من فصول التغيير قبل نيته الذهاب الى الاجتماع الذي كان من المفترض ان يعقد مع الاطار التنسيقي في نفس اليوم، وكأن لون الزيارة تخللها دلالات واشارات يكمن سرها في العباءة التي لم يرتديها منذ زمن طويل وفي هذا التوقيت بالتحديد وماهي الا اشارة ورسالة بليغة تبعتها تغريدة واضحة وبلغة فصيحة بأنه مازال باقً على العهد الذي قطعه لوالده وانه مازال متمسكاً به وما توجهه إلى الأمام الكاظم الا لتثبيت ذلك العهد الذي قطعه على نفسه مؤكداً بقائه وتمسكه بقيّم وعقيدة التَشَيّع وليس كما رُوِّج البعض بخروجه عن المذهب.

والنقطة الثانية نتائج الزيارة التي قام بها الحلبوسي والخنجر ونيجيرفان بارزاني الى السيد الصدر الرامية الى جعل الاطار التنسيقي مشارك حقيقي في حكومة الاغلبية وصنع القرار السياسي في المرحلة المقبلة قد قطعت الامل بالمطلق لرفض اي مبادرة جديدة يكون فيها المالكي جزءاً من الحكومة المقبلة والدليل القصاصة التي رحب فيها بالمعارضة الوطنية او اي مبادرة اخرى بالامكان ان تقرب من وجهات النظر غير دخول الاطار مجتمعاً الى حكومة الأغلبية الوطنية، وعليه فأن علم الفيزياء لايؤمن دوماً بأن مبدأ صلابة الكتلة الواحدة يضيف قوة اضافية متكاملة بل على العكس قد يكون تماسكها في بعض الاحيان بداية لفقدان اهميتها وتأثيرها داخل المحيط اذا ما لعبت عوامل التعرية السياسية دوراً كبيراً في خسارة مكتسبات الاطار التنسيقي بسبب العنجهية والعناد السياسي كونه لم تعد هنالك امكانية للانتظار اكثر في ظل تهيئ الجميع لمغادرة المحطة الأخيرة بعد ٥ أيام اكثر في وقد تقلص اعداد المقاعد الشاغرة في القطار الذي سينطلق من الحنانة بعد ان بدأ فعلياً بتغيير نوع الوقود ومقود القيادة لكي يأخذ مساراً جديداً مغايراً عن الذي كان عليه سابقاً وقرب امتلائه تدريجياً بركاب الاصلاح وقد لن يستطيع احد اللحاق به حتى وان كانت محاولة للتمسك بالعربة الاخيرة.

انتهى …

خارج النص/ ينبغي اثبات صدق النوايا قبل الدخول إلى غرف المفاوضات لاعلاء وتغليب المصلحة الوطنية التي تعد فوق جميع الاعتبارات الشخصية والفئوية.

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار