مقالات

النجم الذي هوى

بقلم الدكتور موفق عبد الوهاب :
هو رثاء وتأبين حتى ولو بعد حين، نعم هو كذلك على وفق ما أراه بتواضع كبير، إذ لم أصدق وأنا أتلقى مكالمة هاتفية الساعة الثامنة صباحاً يوم أمس من زميل لي وبعدها رسالتين من زميلتين إحداهما من جريدة الرأي الأردنية يستفهمون عن مدى صحة خبر وفاة نجم الكرة العراقية اللاعب الدولي السابق أحمد راضي، وما زلت حتى لحظة كتابة هذه الكلمات التي أحاول فيها أن أستجمع قواي لأكتب شيئاً يستحق بحق إنسان له من المكانة والمنزلة في قلبي ما لا أستطيع أن أصفه عبر كل السطور التي سأكتبها وتجود بها قريحتي كونه أكبر من كل الكلمات.
فُجعتُ وحَزِنتُ بخبر وفاته ورحيله، وتقطر قلبي دماً وأنا أشاهد صورة النجم الراحل وهي تملأ صفحات مواقع التواصل الإجتماعي وتتصدر صفحات كل الأصدقاء والأقرباء والأساتذة والزملاء، الكل في العراق، عربيا، آسيوياً، دولياً حزينون ومفجوعون، ماذا أقول بعد أن سمعت الخبر المحزن والفاجع، عادت بي الأيام ورجعت بي السنين مع الفقيد الراحل أعلى الله منزلته إلى أكثر من 25 عامًا، شريط الذكريات والصور مر سريعاً كما هو القدر الذي لم يمهله طويلاً في معاناته مع المرض، ماذا أكتب عنه وماذا أقول إذ كرمه الله وزينهُ بحسن الخلق وجمال الأدب، فهو أينما ذهب أو حل وإرتحل زينة المجالس بأدبه وحسن إنصاته إذا سكت، وحديثه إذا تكلم، كان غفرالله له متعدد المواهب، محبوبًا من جميع الأوساط، لا يبخل بالمعلومة على أي إِنسان، كريم النفس، متواضعًا، كبيرًا لا متكبرًا، فصيح العبارة واضح الكلمة، لطيف المعشر لا يحب المشاحنات ولا المناكفات لقد برأه الله من عيوب الكثير من البشر، أيها السادة، أيتها السيدات لقد هوى النجم الساطع، وإندك الجبل الأشم ، وطوى نورس الكرة الساحر آخر صفحة من صفحات حياته، ولن تشرق شمس المتعة مرة أخرى وهو يداعب الكرة ويلدغها في مرمى الخصم والمنافس، نعم لقد غابت الشمس المشرقة، وترجل الفارس عن صهوة جواده، ورحلت روح أحمد راضي إلى عليين و وارى جسده الثرى، وستبقى ذكراه خالدة وسيبقى حاضراً بيننا بأعماله الخيرية وإنسانيته التي لن أستطيع وصفها، لقد رحل ساحر الكرة وهو في قلب المعركة مع جائحة كورونا، لم يطو الشراع، بل ظل يصارع الأمواج حتى الأنفاس الأخيرة ليسلم روحه إلى سيد الخلق والمخلوقات جميعاً، ومن يعرفه عن كثب يعلم يقينا أنه إنسان رقيق القلب ، قريب الدمعة، نقي السريرة، صافي الروح ، حلو المعشر، كريم الخلق، باسم الثغر، عذب الحديث ، سريع النكتة، بسيطا متواضعا، هيناً ليناً، بعيدا عن التكلف والتعقيد والتظاهر والإدعاء، تسبق العبرة إلى عينيه إذا سمع أو رأى موقفا إنسانياً، ويهتز خشوعاً وتأثراً، إذا ذكر الله والدار الآخرة، لا يحسد ولا يحقد، يكره الظلم والتسلط.
أبا هيا الأخ والصديق الحبيب لقد فقدناك ونحن أحوج ما نكون إليك، فقدك العراق، ورياضة العراق، كنا نعول عليك لتأخذ مكانك الحقيقي في زمن الإصلاح لكي تصول وتجول مدافعا عن الحق في مواجهة الباطل، وها نحن اليوم لا نجد كلمات في روعة بيانك نودعك بها، وكل ما نقوله لك إن العين لتدمع، وإن القلب ليحزن، ولن نقول إلا ما يرضى الله، وإنا لله وإنا إليه راجعون .
اللهم اغفر لـ أبي هيا وإرحمه وأسكنه الفردوس الأعلى، وتقبله مع عبادك المخلصين، واحشره مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وأجرنا في مصيبتنا فيه، واخلفنا فيه خيراً، اللهم لا تحرمنا أجره، ولا تفتنا بعده ، واغفر لنا وله.
آمين.
د.موفق عبد الوهاب

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار