مقالات

الفزعة والخط الأحمر

بقلم جعفر الونان :

قد يكون العاشر من حزيران تاريخاً مزعجاً في ذاكرة العراقيين فقد ارتبط بسقوط الموصل ودخول مواكب (داعش) من كل الأبواب إليها وتحولها إلى عاصمة ما يُسمَّى بـ” الخلافة الداعشية”
حظه سيء فعلاً، الذي يتخيل أن المعركة مع داعش تحولت إلى إرشيف ذاكرة السمك وأن كلَّ شيء فيها صار نسياً منسياً.
بكل صراحة سوء التصرف وراء ماجرى في الموصل من أخطاء كبريات في إدارة ملفها الأمني وغياب المصالحة الوطنية الفعلية والسماح بتسهيل مرور منافذ داعش الفكرية ومنحها الحجة في الدخول لقلب المدينة الرشيقة التي لايتلاءم معها طربوش الدواعش ولا لحاهم!

بعد كل الذي جرى ترسخت قناعة لا مناص منها ومفهومة أيما فهم في أن المعارك بعد العاشر من حزيران 2014 كانت الستار المانع الابرز لتقسيم البلاد وتحويلها الى مقاطعات طائفية، كان المشروع الأكبر ليس إسقاط المدن فحسب، بل إسقاط المواطنة والشعور بالانتماء إلى هذا البلد!

لم تتغير صورة الرجل العجوز الذي يرتدي” العكال” وصاحبه اللذين جلسا على طريق مطار المثنى وهما يرتديان ” البسطال” ويصعدان سيارة ” اللوري” متوجهان نحو سواتر الصدام والاشتباك بهذه الصورة ” الأنيقة” يفترض أن نتخلص من صفحات الهزيمة والانكسار وان يُطوَّق العدو وآلاعيبه في تشويه صورة العراقيين ًوالتقليل من تضحياتهم وتحويل المسارات المضيئة إلى قاتمة.

بعد تجربة حزيران 2014، تغيرت مفاهيم كثيرة ، فالهزيمة تحولت إلى انتصار والانكسار تحول إلى قوة، والتفرج صار عيباً ، والوقوف على التل بات فضيحة كبرى، كل المفاهيم تغيرت ومئات القصص التي كنا نشاهدها في أفلام الخيال جَسَّدها العراقيون حين واجهوا بإصرار منقطع النظيرعصابات داعش.
وعلى الرغم من كل ذلك يبقى الخطر الأكبر أن يستخفَّ التاريخ وكتابه في كل هذه التضحيات ليعتمدوا على ضمير مباع لمدون أو ناشط فيسبوكي ليقول: هذا البلد او تلك الدولة هي من أنقذت العراق من داعش وكل هذه الدماء كانت مبللة بالوهم والأساطير!

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار