مقالات

البصرة فازت بالوجه الثاني

البصرة فازت بالوجه الثاني
بقلم .. كاروان كنعان

كان والدي احد جنود الجيش العراقي في الثمانينات من القرن الماضي الذين خدموا الوطن جنوب العراق وخصوصا في البصرة .ومنذ الصغر كنت أسمع منه عن البصرة وأهلها وطيبتهم وكرمهم، أصبحت عندي اللهفة و الشوق لرؤية المدينة وأهلها.
كلما حضرت المجالس ودار الحديث عن مواضيع مختلفة وعندما يتطرقون إلى المواضيع المجتمعية، ذكرت لهم البصرة وأطباع اهلها عن لسان والدي. دارت الأيام وسافرت إلى إحدى الدول الأوروبية ( بريطانيا ) بالتحديد، وفي إحدى الأيام كنت جالسا في المقهى أحتسي كوبا من القهوة وبالصدفة تعرفت على مجموعة من الشباب كانوا من الكويت وقطر.
دار الحديث بيننا لنتعرف على بعضنا أكثر، حدثني الشاب القطري عن اجداده، وأنهم كانوا يقضون أيام عطلهم في البصرة ويتحدثون عن جمال المدينة وأهلها وهذا ما اكده الكويتيان.
كانت هناك مقولة عندهم تقول( الي ما يشوف البصرة يموت بالحسرة ). وسألني عن البصرة . اجبته للأسف أنا من كركوك من شمال العراق ولم تتسنى لي الفرصة لزيارتها ولكني سوف أزورها في وقت قريب. انتهينا من شرب القهوة وكل منا ذهب إلى فندقه. رجعت إلى العراق وكان كلام ابي والشباب الذين تعرفت عليهم، عن البصرة يدور في مخيلتي. شائت الصدف والاقدار أن تستضيف البصرة بطولة كأس الخليج. عندها قلت لنفسي هذه فرصتي للذهاب إلى البصرة لتشجيع المنتخب الوطني وتحقيق أمنيتي برؤية المدينة. حزمت امتعتي وتوجهت إلى البصرة مع مجموعة من الأصدقاء، وصلنا البصرة صباحاً وأنا انظر هنا وهناك من نافذة السيارة لرؤية المدينة. لكنني لم أرى ذلك التطور العمراني أو شيء يميزها عن باقي المدن العراقية
وضعت سيارتي عند بيت احد الاصدقاء واستأجرت سيارة تكسي وتوجهت إلى كورنيش البصرة وعندما وصلت واتحاسب مع السائق على الاجرة رفض رفضا قاطعا أن يأخذ الاجرة واصر السائق أن يستضيفني في منزله، لكنني تعذرت منه لأنني نازلٌ عند صديقي. وقال لي ( خلي رقمي يمك أخاف ما ترتاح اهناك خابرني واجي اخذك يمي ).
بعدها توجهت للملعب لحضور مباراة منتخبنا الوطني مع شقيقه اليمني وصلت للملعب قبل بدء المباراة بساعتين. كان الناس يعرفون أنني ضيف على المدينة من اختلاف لهجتي وكانوا يتسابقون بأستضافتي عندهم من صغيرهم قبل كبيرهم. انتهت المباراة بفوز منتخبنا الوطني بخماسية نظيفة وتوجهنا إلى الكورنيش للاحتفال حتى ساعات الصباح الباكر.
في اليوم التالي عدت إلى مدينتي وانا في الطريق كانت جملة ( خلي رقمي يمك أخاف ما ترتاح اهناك خابرني واجي اخذك يمي ) ترن في ذهني لقد سمعتها مرارا وتكرارا من سائق الاجرة والتكتك ومن بائع الشاي. هنا ادركت إن للعالم وجهان، الوجه الأول هو الإعمار والتطور والبنى التحتية. والوجه الثاني هو أصالة وكرم سكناها وحبهم للضيف التي أصبحت ماركة مسجلة بأسم البصرة التي ابهرت كل من زارها من جميع المحافظات العراقية والدول الخليجية والعربية.
وفي الختام عتبي على جميع اللغات الي لا تحتوي على كلمات تستطيع أن تصف البصرة وأهلها.

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار