الثقافية

ما بين الرجال والنساء

إيمان كاظم خلف

عبر العصور وحتى اللحظة الراهنة توجه النساء اصابع الاتهام نحو الرجال في العديد من منصات التواصل يوميا بأن الرجال يحرموهن الكثير من حقوقهن ويضيقون عليهن الخناق في مجالات العمل والتفرد بمناصب معينة، في حين أن الرجال خاصة أولئك الذين يتبنون وجهات نظر ذكورية غالبا ما يهاجمون النساء في اي فرصة متاحة ومنهم مشاهير مثل أندرو تيت صانع المحتوى البريطاني _ الأمريكي (ملك الذكورة السامة) كما يدعى وقد اكتسب شهرته بسبب آرائه المثيرة للجدل، حيث يبرر تصرفات الرجال دائما، وأن كانت فعل اغتصاب! حتى انه في أحد المرات قال إذا اقحمت نفسك في موقف عرضك للاغتصاب فعليك تحمل جزء من المسؤولية؟
يقصد بذلك ان جريمة الاغتصاب تتحمل جزء من مسؤوليتها المرأة!
وهناك الكثير من الشخصيات السياسية والادبية على مر العصور التي ابدت على العلن مواقفها العدائية تجاه المرأة، مثل نابليون الذي اوقف تجريم قتل الرجل لأمرأته! وأعتبر المرأة مواطن من الدرجة الثانية.
كما حدث في القرن المنصرم ان سحق الزعيم شي جين بينغ الحركات النسوية واستبعد النساء من اللجنة الدائمة للمكتب السياسي للبرلمان الشيوعي، كذلك بدا ان الرئيس الروسي فلاديمير بوتن بتأييد ادوار الجنسين التقليدية وبدأ يعدل على قانون حقوق الانجاب، ايضا في طالبان ادى انتصار حركة طالبان في الحكم على القضاء على حق المرأة في التعليم وتسلم المناصب التي جاهدت النساء لأجله مدة ٢٠ عام، وامثلة ايضا من العالم العربي مثلا في مصر حين اقر الرئيس السيسي قانون تعدد الزوجات وحق الرجال بالأبوة، والكثير من الامثلة حول العالم.
هذا أدى الى ظهور تصاعد وانقسامات بين الطرفين الأمر الذي ادى الى ظهور وتفاقم مفهوم الحركات النسوية، وهو مفهوم غربي نظريا ومنهجيا ظهر أولا في أوربا نهاية القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر بعد عصر التنوير في أوربا، ويدعو للتنافس والحرب على الرجال لانتزاع الحقوق، اما في العالم العربي فقد بدأ في مصر على يد السيدة هدى الشعراوي التي أسست الاتحاد المصري النسوي عام 1923. ثم توالت الحركات والمنظمات النسوية ومما لا يخفى ان هذا الصراع موجود منذ الازل فالميثالوجيا مليئة بقصص تبين الصراع على السلطة منذ بدء الخليقة فقصة ادم وزوجته التي خلقت من ضلعه ليس الا مثال على الوعي الجمعي بأن المرأة أتت لاحقا وقد خلقت من جزء من جسده، سواء كانت القصة حقيقية او خيالية لكن هذا الأمر له دلالات سيكولوجية عميقة! حيث انه لا يمكن ان يتسلط عليك جزء من جسدك وهي كانت حسب القصة جزء من جسده، وعودة على بدء ان هذه التيارات المتطرفة تنتشر في عالم اليوم وان هناك مؤسسات دولية كبيرة تدعمها وتتكسب من ورائها، خاصة اذا علمنا ان النساء مازلن في كثير من المجتمعات مهمشات ويعانين من أوضاع سيئة وتمييز عن الجنس الآخر في جوانب مفصلية من حياتهن كالحرمان من التعليم والزواج المبكر.
لكن بالتأكيد هذه النزاعات عملت بشكل او بأخر على الفتك بالمجتمعات وتدمير مفاهيم الاسرة وما عزز هذا الأمر انتشار مفهوم ان النساء والرجال من كواكب مختلفة مجازيا!
كما جاء بالكتاب المشهور للكاتب جون جراي. الجدير بالذكر ان الجنسين ينتقدان بعضهم البعض في كثير من السلوكيات لاسيما حينما يكون في مقتبل عمره ويكون عديم الخبرة، فيخوض تجارب عاطفية في سن مبكرة وهذا بالتأكيد سيؤثر لاحقا على آرائه وخياراته المستقبلية، كما حصل مع ربيكا باريت، وكانت هذه احدى اهم النسويات في امريكا والسبب كان ان علاقتها مع شريكها الأول انتهت بخيانة، لكن ما حدث لاحقا جعلها تغير كثيرا من أراءها فلقد أحبت وتزوجت من شخص وعاشت حياتها بشكل طبيعي لكنها خسرت شعبيتها النسوية وتعرضت للانتقاد!
وعلى الجانب الآخر توجد عشرات النماذج حول العالم لمثقفين وفلاسفة وصفوا بالذكوريين لكن الباحث المتعمق في اعمالهم يجد ان آرائهم تتطابق كثيرا مع المفاهيم النسائية وانهم ضحايا قولبة وتيارات صاعدة.
ما يهمنا اليوم أن ندرك مدى فوضوية او غباء التطرف لأي فكرة او صراع لان الوعي الحقيقي دائما ضد التطرف، لطالما كان الاعتدال سمة الناضجين والعقلاء بينما التطرف دائما يصاحب الشخصيات الحدية والمضطربة والجدير بالذكر أن الجيل الاكبر سنا يدرك ان اهمية ايجاد جسر بين الاختلافات الفكرية بين المرأة والرجل مهم جدا ، من شأنه ان يعزز الترابط بين الطرفين اللذان يدركان انه لكل جنس دوره في هذه الحياة وان الجميع يخضع الى هذه المنظومة الكونية.

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار