الثقافية

جمالية الفنون وجمالية القرآن الكريم ومداليل حاتم بصيلة

بقلم الدكتور حازم عبودي السعيدي

تعنى التجربة الجمالية في موضوعاتها المطروحة والمبينة لدى كل ناقد حدا من فهمه وتفكيره فغالبا ما نكتب لاجل الاخر قاصدين بذلك التعريف به فضلا عن ماتوصلت اليه اهتماماته الممنهجة والناتجة من حيث افاقه الاستدلالية في موضوعة “المفاهيم الفنية والجمالية في القرآن الكريم “للكاتب الاستاذ حاتم عباس بصيلة , وبفصلها الاول ص 9- 16 يستدرجنا الكاتب نحو التعريف بكتابه المطبوع في منتصف العام الحالي 2018 تعرض فيه الى مشكلة اتضحت من هدفها المرسوم في الكشف عن تلكم المفاهيم في بطون السور القرآنية بعيدا عن الفن الاسلامي وارتباطه بمجاورة تلك المفاهيم , واشار الى المربع والتربيعة عند الشيعة ثم المتصوفة فجاءت غير واضحة بكينوتة تجربته الجمالية المستخلصة , وابدى ان اهمية دراسته هي محاولة لاستلال المفاهيم , عليه ان المشكلة جىء بها وهي لا تعني التوغل بمقتضيات الفن على الرغم من ان المفاهيم جمالية دالة لذلك وكنا نتأمل ان يقارب ويقارن ضمن منظور جمالي فني لا ضمن منظور الكشف بصيغته الحالية , اي بمعنى تمكن المؤلف من وضع سبابته على المفاهيم دون التعرض الى تفسيرها الفني , وعليه ان ماحدده في المصطلحات هو التصور الذهني في التجريد والصوفية .

ان القارىء للكتاب ص 17 – 26 يجد الفصل الثاني تعرض الى مفهوم الفن والجمال وربط البداية بفلسفة “سقراط ” و”افلاطون ” وكلاهما عملا في مجال فلسفة المثال والواقع ,وما كان من المؤلف  وربط الفلسفتين بمخرجات الفنون التجريدية حيث مثالية افلاطون المطلقة واهتمامه بجمال الاشكال الهندسية عدت مطلقا فيها وليس نسبي , وان ورود الفني والجمالي في ذات المكان هو امر هام والسؤال هل ان من الضروري فتح الحوار مابين تواجد الجمال والفن في زاوية ضيقة وربطهما بالدين ؟ ام انها تبقى تدور في فلك الايات والسور القرآنية ؟ لذا ان الشعور الواعي بهذا الخلط نعتبره من التذوق الفني حيث الاحكام التي يصدرها البعض هي اساس القيمة الجمالية التابعة للتفسير القرآني لا للتفسير البحثي لكون الاولى تتطلب الالمام بالتفسير والثانية تتطلب الالمام بقيمة الفن , كما اننا لسنا في محاكاة للايات الكريمات وهنا لا تبدى النظرية الشكلية للحروف كنظرية تعقب انفعالي وعقلي بل هي نظرية تعرض اليها “بصيلة ” بقصد تسليط الضوء في منهجية دراسته البحثية .

عليه ان نظريات الفن والجمال لا تعتبر معايير حكمية مطلقة وانما تمثلت نسبيتها وكشفت عن الحقيقة القائلة ان الفن مقولة استطيقية , لذا ان علم الجمال يبحث في نقد الادراك الجمالي , اما التفسير يبقى متعلقا بقيمة النشاط الفني والجمالي داخل المفاهيم القرآنية ,وليس من شأننا هنا الى ادراج الجمال الشكلي والعقلي والاخلاقي والمطلق المثالي كونها جمالات شبه فلسفية نطلقها في ترقب الوصول الى الجوهر , والجوهر الافلاطوني يعني التناغم والانسجام , والارسطي يعني اقامة اللذة في باعث سرورها الذي يستهدف الشكل لا المعنى , الا ان “بصيلة ” تفقه رؤياه ومد الصلة مابين الفنون الاسلامية ومثالية افلاطون الذي ذهب الى المطلق واعتبره الجمال الالهي على الرغم انه لم يكن عارفا بحق الله او الاله كما اعتبر الجلال جمالا وصفه تمثل الله , حتى تعرض الى فلاسفة العرب ومنهم “الكندي ” في تعريفه للانسجام والتناسق كونه الشعور بالارتياح النفسي , كما لسنا بطرح الاسئلة في من يرى الجمال جمالا وعلى العكس فقد يجده غير ذلك ,ثم يختم “بصيلة ” الفصل ان اسماء الله الحسنى وصفاته وافعاله هي جمال باربعة مراتب (جمال الذات , والصفات , والافعال , والاسماء ).

وفي غمار وصولنا الى الفصل الثالث مجتمع البحث يطالعنا النص القرآني بعيدا عن تفاصيل التشكيل الفني واعتبر المفاهيم الفنية والجمالية ترتكز الى الاتي : ص29 -40 ثم ص41- 44

منها :مفهوم القواعد في العمل الفني هو مفهوم جمالي وفني اوجده في الاية “واذ يرفع ابراهيم القواعد من البيت “سورة البقرة 127:شد الانتباه حول المركز في الاية “ان في خلق السموات والارض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر “البقرة 164, ثم مفهوم التوير بمعنى الخلق “هو الذي يصوركم في الارحام كيف يشاء ” ال عمران 6, ثم مفهوم الصراع والتناقض الجمالي “قد كان لكم اية في فئتين التقتا “عمران 12, وهكذا تعرض الى (156 ) مفهوم جمالي وفني وتبينه بادلة الايات من السور , لا نجد الترتيب التعاقبي لذكرها لذا اوجزنا البداية فحسب , الا انه تمكن من بيان معنى الفن التشكيلي وفقا لعناصره دون الخوض بمفردات بعيدة وتشكل المعنى , وعليه ان العنوان يجب ان يتخذ مسارا اكثر واقعية لا ترتبية ويكون ” الشكل والمعنى للمفاهيم الجمالية والفنية في القرآن الكريم ” ومن اللونية التي اوردها في :سورة البقرة :الاصفر والابيض والاسود , وسورة ال عمران :الاسود والابيض , سورة يوسف :الاخضر والابيض , سورة طه :الابيض والازرق , سورة فاطر : الاسود والابيض والاحمر , سورة الزمر : الاصفر والاسود , سورة الاعراف : الابيض , سورة النمل الابيض وهكذا في الصافات والمرسلات والشعراء والانعام والحج واهل الكهف …الخ والشكلية ( 3) والحجمية (؟) والخطية (؟) والملمسية (؟) الظل والضوء ( 13  ) واتجه الى الوحدة(  ؟)  ووالسيادة ( ؟) والتباين ( ؟) الايقاع (21) التوازن (13) الانسجام (4) ودعم الاتساق بعدم التناقض والتعريج انه مبدأ الاعتماد في اقامة العمل الفني من حركة ورمز , في حين جاء (الفن البصري ) باعتماد الظاهرة التي تجلت امام العين وناظرها , ثم الانطباع والبانء في كل من الانطباعية والبنائية , واورد ايضا الجلال والتقنية والعبقرية والمثالية حتى خاض في اللون وغيره .

خلاصة ان الاستنتاجات التي توصل اليها كانت في التوحيد واندماج الذات الفردية بالذات الالهية , وان الفن موهبة الهية , والجمال المثالي جمال مطلق , اما الجوهر في تناسب الاعضاء , والتأويل متجدد في القرآن , كما اوصى المؤلف بضرورة تدريس فلسفة الجمال في التربية .

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار