الثقافية

تعالوا نستنسخ التجربة الهندية أو نعود الى مسلة حمورابي

سرى العبيدي *||
طالبة دكتوراة ✍️
لأن كل القوى السياسية يشينها بشكل أو بآخر الإصلاح السياسي لأنه بالنتيجة يؤدي الى تآكل في جرفها، ويجبرها على التنازل عن المكاسب الغير منطقية التي حصلت عليها منذ أن دارت عجلة العملية السياسية في 2003 ولغاية اليوم وبشكل تراكمي، فإن المنطق ياخذنا الى حلول تعتمد آليات ليس من بينها السماح للقوى السياسية وضع فيتو على عملية الإصلاح السياسي.
ليس أدعى من الدستور مرجعية وطنية، ويجب أن يدعم الدستور بالإرادة الشعبية من خلال مؤتمر وطني موسع يشارك فيه ممثلين عن القطاعات المجتمعية كافة، قطاعات القوميات والعشائر والشباب والنساء والجنود والشرطة والحشد الشعبي وسائر القوات الأمنية، ومنظمات المجتمع المدني وممثلي النقابات والكتاب والمفكرين والإعلاميين وكل من يحمل رأيا..
وبمعنى أوسع مؤتمر يضم الجميع ولا يستثني أحد، ويُكَوِن هذا المؤتمر “مؤسسة ” للإصلاح السياسي، بدلا من المؤسسات الفارغة من نتائج مقبولة كمؤسسة “المصالحة” التي عمقت الخلافات بدلا من أن تقرب المسافات، إن فكرة المؤتمر الوطني للإصلاح السياسي فكرة سبقتنا اليها تجارب ديمقراطية عريقة ومنها التجربة الهندية الرائعة، والنتيجة أن المؤتمر الوطني الهندي تحول الى مؤسسة جامعة للشعب الهندي بتنوعه الشديد، ولكن المؤتمر إستطاع من جعل هذا التنوع مصدرا لبناء دولة عملاقة لها مكانتها الخاصة بين شعوب الكرة الأرضية في الوقت الذي كان يخال للكثيرين أنه سيجزيء الهند الى دويلات مجهرية، إن هذه التجربة وغيرها من تجارب الأمم برسم خدمة البشرية وحري بنا أن نقاربها بدلا من أن نلتمس حلولا ترقيعية مثل تجربة المصالحة التي أشرنا اليها…(
لماذا تتخذ الأمم لنفسها قوانين أساسية أو ما بات يعرف بالدساتير؟
أوَ ليست كانت قد وجدت أنه من الأفضل لها أن تسير لقواعد متفق عليها وطنيا لتتجنب الإختلافات والناتجة عن إجتهادات الحكام؟ أوَ ليست الأمم الأخرى قد “إرتاحت” الى نتائج مثل هذا المسار حين وجدته طريقا واقعيا لتجنب المشكلات الأجتماعية والسياسية والأقتصادية؟ أوَ ليست القواعد تقعد تحت العمائر حتى تبقى زمنا طويلا وحتى لا تنهار؟ أوليست قواعد إدارة الدولة شيئا ليس جديدا في حياة الأمم؟ .
ألم يصلنا عن آبائنا مسلة حمورابي الشهيرة التي مازالت معظم موادها صالحة لإدارة الدولة!؟…أوَ ليست الأديان ـ كل الأديان وبلا إستثناء ـ قد وضعت تفاصيل دقيقة لكيفية إدارة الحكم، ألم نحذو حذو من سبقنا وأعددنا دستورا يعتبر الأرقى والأحدث بين دساتير الأمم على أمل أن نمضي في رحلة المستقبل الى الأمام..إذن فعلامَ نبحث عن حلول لمشكلاتنا خارج إطار الدستور؟…
والأجابة تنحصر في سببين لا ثالث لهما..أما أن الدستور الذي وضعناه لا يغطي كل الأسئلة المتولدة عن مشكلاتنا، أو أننا لا نمتلك الثقافة الدستورية ولسنا في واردها، وبالتالي يصعب علينا “الأنصياع” الى ما تواضعنا عليه، والنتيجة عدم إحترامنا للدستور وقيامنا بالقفز عليه دوما..أنا شخصيا أميل الى السبب الأخير بدليل أننا جميعا نتحدث عن إحترام الدستور كمرجعية لبناء دولتنا، لكننا جميعا لم نتفهم بعد أن الدستور إتفاق وطني عام يرقى الى مستويات القداسة، لكونه نتاج إجماع أمة…

*/ طابة دكتوراه

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار