الثقافية

الفنان التشكيلي والخطاط الدكتور حازم عبودي السعيدي جدلية الشكل والمضمون والتنوع التقني في منجز الفنان حازم السعيدي

بقلم / د.تحرير علي فنان تشكيلي وناقد/استاذ في اكاديمية الفنون/البصرة

ان الحافز أو (المثير البصري) الذي يثير المتلقي للدخول للمنجز الفكري لاي فنان لابد أن يكون عن طريق الشكل وهو الدليل الأول لفهم اشكالية المضمون او البعد المضموني للمنجز، لوجود علاقة جدلية بينهما ، وما جرت عليه العادة على اعتبار أنَّ الشكل نوع أو ملحق زخرفي يبرز قيمة ترفيهية ، مقابل المضمون الذي يعطي قيمة إرشادية معرفية لان البحث في الشكل بحث في القيمة وهي في سبيل التحقيق، والتقيد بهيئة معينة تُحقق بها القيمة على الوجه الأكمل ومراعاة الانسجام بين أجزاء العمل الفني أي [النص الإبداعي]… أما تحقيق معنى القيمة ، فقد يربط بالمجال أو الميدان الذي تظهر فيه القيمة (قيمة جمالية / قيمة فكرية) ، وقد تركت هذه الرؤية تعبيراً بأن الشكل وعاء يصب فيه المضمون وبهذا سيُحتم على الشكل أن يكون قادراً على استقبال مضامين شتى بحسب ما يقتضيه الشكل ، فإذا حدث تغيير في الشكل كان ذلك استجابة لمقتضيات المضمون، ونرى إن هناك إشكالية قائمة منذ زمن بعيد في دور الشكل والمضمون ، وإن هذه الجدلية تعود إلى زمن بعيد جداً يمتد إلى عصر( أرسطو) أو ربما ما قبله حيث إن (أرسطو) كان قد تناول موضوع الشكل والمضمون وعده وحدة متلازمة، أي إن التميز المفتعل بين الشكل والمضمون لم يقره أرسطو على إنهما عنصران منفصلان. ولو اتجهنا قليلاً لفلسفة لمثالية هيغل الفيلسوف الالماني لوجدنا انه يضع الفن على نحو سليم حيث يكون المضمون عنده ، هو ما يمكن التعبير عنه ، وان يكون محسوساً وعينياً ، بحيث أن يتخذوا من الشكل طابعاً جديداً، بأن يظهر في أي فرع من فروع الأدب على وفق ما أكدته هذه الفلسفة. وهنا يمكن القول أن الشكل ليس مجرد قالب يصب المضمون فيه، وليس هناك الشكل الأدبي المسبق المحدد الذي يمكن فرضه على أي عمل، وانَّ الأشكال الفنية تختلف باختلاف بصمات الأصابع. وهنا تبرز أهمية وعي المبدع بمضمونهِ ، في مقابل ذلك أن لا يتدخل المبدع بتوجيه السياق من وجهة نظر معينة ، بل عليه أن يترك العمل يشكل نفسه بنفسه طِبقاً لمقتضيات التسلسل المنطقي والتلاحم الدرامي بين جزيئات المضمون, ومن خلال هذا السرد لجدلية العلاقة بين الشكل ومضمونه نفترض ان منجز الفنان الدكتور (حازم السعيدي) هو مدخل لقراءة النص الذي يتميز به منجزه وايضا لايمكننا الحديث عن منجز هذا الفنان بعيداً عن اشتغالاته التقنية المتنوعة وأجادته لأنواع مختلفة من الفنون وخصوصاً فن الخط العربي والزخرفة اضافة الى الجانب التشكيلي الذي يوضف فيه الفنان حرفيته العالية في الخط ويوضفها في اشتغالاته الجمالية التشكيلية ، وهذه العلاقة الديناميكية او اسميها علاقة تفاعلية قائمة بين المادة والأداة في منجز الفنان السعيدي ، وتمكنه الجاد من تفعيل الأدوات في المادة او المواد، وغالبا ما تحول مظهرها الخارجي او البنية الشكلية العامة لخدمة المضمون . وهنا اتوافق جدا في قراءة منجز الفنان الدكتور حازم السعيدي مع النظرة الحديثة إلى العمل الفني في جميع صوره تحتم اعتباره وحدة مترابطة لا تنفصل إلى شكل ومضمون ، وإنما يستغرق صاحبه ويحتم وجوده فلا نستطيع بأي حال إن نقسم العمل الفني مثلا إلى مضمون إنساني أو أخلاقي أو فلسفي .. الخ وشكل درامي مجرد من هذا المضمون ، منجزاته في النصوص الخطية تدخل ضمن حلقة كاملة من الاشتغالات التقنية وهي توظيف مدروس لاخراجية النص الكتابي او الخطي مع البنية التشكيلية والجمالية وفق تعالقات الخط بمختلف اساليبه وأنواعه في الحقل التشكيلي ، فعلى سبيل المثال نجد ان اعماله الخطية هي نفسها اعماله التشكيلية والسبب الواضح هو تمكن هذا الفنان من اشتغالاته في الخط العربي كما ذكرت سابقا والحس الفني الانيق والذكي في توظيفه الحي والمباشر لانتاج نصوص جمالية مبتكره ، تعتمد على عنصر الغرابة والجدة والاجادة ، انها تراكيب جمالية تجمع وتدمج بين اكثر من نوع من انواع الفنون بجمالية زخرفية وأيضا بأشتغالات تقنية متنوعه . وهنا نجد في بعض اعماله يعتمد على خط كلمة معينه تكون دوراً رئيسياً وبارزاً في النص الجمالي وحتى هذه الكلمة المفردة بمجرد دخولها المنجز الفني تكتسب معنى جديدا يختلف عن معناها التقليدي ، وبصرف النظر عن المدارس الفنية أو الأدبية والمذاهب النقدية المتتابعة والمتعددة ، فإننا عندما نواجه أي عمل فني من اعمال الفنان الدكتور (حازم عبودي) لابد أن نتسائل بعض الأسئلة ، تعد بمثابة مفاتيح لمغاليق العمل ، السؤال الأول : ما الهدف الذي يسعى إليه الفنان كي يتحقق من خلال عمله الفني/ والثاني : ما الوسيلة التي استخدمها الفنان في تحقيق هذا الهدف وتوصيله إلى المتلقي/ فإذا استطعنا ا أن نجيب عن هذه الأسئلة بموضوعية تحليلية، فلابد أن نضع يدينا على مصادر الجمال والإبداع ، في منجز هذا الفنان القدير ولابد لنا أيضا ان نقرءا الواقع الاجتماعي والحياتي الذي عاش فيه وهنا نجد ارتباطات هذا الفنان بالحياة والبيئة والانسان بل وبتفعيل قيمة الانسان او انسانية الانسان وتقويم الجانب الجمالي والذائقية الجمالية الحقيقية التي لاتنفك في اعماله من ارتباطاتها الجذرية او المرجعية بالارث العربي والحضاري لحضارته العرقية حضارة وادي الرافدين ، تحية لهذا المبدع الكبير وتحية لكل منجز ابداعي تخطه انامله الذهبية.

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار