الثقافية

إسميك: الإسلام لم يحصر نفسه ضمن قومية واحدة ولم يميز بين عربي وأعجمي

((وان_بغداد))

قال الكاتب والمفكر حسن إسميك، إن فلاسفة اللغة وعلماءها المعاصرين يؤكدون أن اللغة ليس مجرد أداة للتواصل بين الأفراد فحسب، بل هي أساس تشكل إنسانيتنا ونمو عقلنا، وهو المستودع الوجداني لمعارفنا وأخلاقنا ومشاعرنا وأفكارنا وتصوراتنا عن وجودنا ووجود كل شيء من حولنا، واعتبرها الفيلسوف الألماني هيجل “وعاء الفكر “بينما عدها هايدغر “بيت الوجود”.

أضاف إسميك، في مقال له بعنوان: (عن العروبة والإسلام..”خبز وماء” الحضارة)، شاهد القول أن اللغة العربية، ولما بلغت مبلغها من قوة التعبير والإيضاح، جاء الإسلام فتلبّسها لتتشكل من كليهما وحدة استطاعت أن تحمل رسالتها الحضارية إلى كل أطراف العالم.

وأكد إسميك، أن الإسلام يتميز بأنه دين ودنيا، وهو منذ بدء الدعوة لم يميز بين عربي وآخر، ونصُّ الحديث الشريف واضح في ذلك: «أَلَا لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى أَعْجَمِيٍّ وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ وَلَا لِأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إِلَّا بِالتَّقْوَى»، وبذلك فلم يحصر نفسه ضمن قومية واحدة رغم لسانه الناطق بالعربية، كما لم يشترط على الراغبين بالانضمام إلى صفوفه أن يصبحوا عرباً ولم يلزمهم تعلّم اللغة العربية إلاّ بالنذر اليسير، أو بما يمكّنهم من أداء العبادات التي تؤدَّى بهذه اللغة، وانطلق بخطاب جامع، إذ يخاطب القرآن (المسلمين والمسلمات) أو (المؤمنين والمؤمنات) وفي آيات عديدة يتوجه إلى الناس جميعاً في دعوته، ولم يتوجه مرة إلى قومية دون أخرى.

تابع: وبذلك أفسح الإسلام المجال أمام القومية العربية لإظهار تميّزها ضمن منظومته، وهو ما حصل فعلاً وتجلّى من خلال الحضارة العربية الإسلامية التي تميزت بالحض على العلم والاتجاه نحو الدين والفلسفة والتمسك بالقيم العليا وكرامة الفرد وحرية الفكر والعقيدة، ورغم أنها جمعت نتاج الشعوب المسلمة وغير المسلمة من عربية وغير عربية، بقيت العروبة طابعها وروحها. فنحن هنا إذن أمام علاقة رباعية الأطراف تضم العرب (مسلمين وغيرهم) والمسلمين (عرباً وغيرهم)، وتقوم على التفاعل الخلاّق بين هذه المكونات دون أن يقيّد أحدها الآخر، وهي ليست من المسائل التي تخضع لمنطق (إما.. أو). كما يشير الدكتور محمد عابد الجابري في كتابه “مسألة الهويّة.. العروبة والإسلام والغرب” بل هي الإثنان معاً في جدلية واحدة.

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار