تقارير وتحقيقات

فيوري بغداد (baghdad furies)

بقلم زياد عبد الكريم:
الأحبة جميعاََ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أعود إليكم بمقال جديد اتكلم به عن طائرة حفرت اسمها عميقاََ في ذاكرة العرب والعراقيين على حد سواء لا سيما فترة الخمسينيات من القرن المنصرم. الا وهي طائرة (سي فيوري)(seafury)
واحاول سرد بعض المعلومات والوقائع عن تاريخ هذه الطائرة الرائعة. أما بالنسبة لمواصفاتها الفنية فاترك للقارئ اللبيب البحث بمواصفاتها الفنية والقتالية وذلك بمجرد وضعها بمحرك البحث (گوگل) وذلك لتفادي الاسهاب وتوخي الاختصار.
تعد طائرة الفيوري أيقونة الطائرات المكبسية البريطانية واسرعهاوالاخيرة من فئتها حيث عاصر إنتاجها ظهور الطائرات النفاثة وطوي بذلك عصر الطائرات المقاتلة المكبسية.
الطائرة من إنتاج طائرة هوكر البريطانية صممها المصمم (سيدني كام) (sydny camm) وكان طيرانها الأول في سبتمبر عام ١٩٤٤م وبدأ إنتاجها عام ١٩٤٥م اي في السنة الأخيرة للحرب العالمية الثانية حيث طورت من طائرة (تيمبست) (tempest) ونجد ملامح طائرة أخرى طاغية على تصميمها وهي طائرة (فوكا وولف ١٩٠) الألمانية (fok wolf190) حيث استطاع البريطانيون الاستحواذ على طائرة ألمانية من هذا النوع بحالة جيدة أثناء الحرب واعجبوا بتصميمها كثيراََ وتذكر بعض المصادر أن الفيوري ما هي إلا نسخة بريطانية عن (الفوكا وولف) الألمانيةالنازية
الا ان الفيوري أثقل وأقل مناورة وتعاني من بعض المشاكل كثقل أنف الطائرة أو ما يصطلح عليه ب(havy nose aircraft) أنتج منها ٨٦٤ طائرة وخدمت في كثير من القوى الجوية في العالم بضمنها القوة الجوية الملكية العراقية (محور بحثنا). ومن الحروب التي خاضتها هي حرب تحرير فلسطين عام ١٩٤٨م من قبل القوة الجوية الملكية العراقية آنذاك. حيث دخلت الخدمة في العراق في تشرين للثاني عام ١٩٤٧م وأول استخدام لها كان من قبل السرب الأول حيث تم استبدالها بطائرة هوكر اوداكس (نسر) القديمة إضافة إلى عدة أسراب تمركزت في مختلف محافظات العراق بغداد. كركوك. الموصل. البصرة وكانت الدفعة الأولى منها(٥٥)
طائرة وخدمت في الاسراب (السرب الأول ١٩٤٨م)(السرب الرابع ١٩٥٢م)(السرب السابع ١٩٥٠م)وحسب ما تذكر المصادر مشاركة ثمانية منها في حرب تحرير فلسطين عام ١٩٤٨م تمركزت اربع منها في سوريا كون أن القوة الجوية السورية كانت قيد التشكيل وأغلب طائراتها من طائرات التدريب واربع منهااستقرت في مصر. وقد تغنت النسوة الفلسطينيات بقدوم الجيش العراقي إلى فلسطين حينها وانشدن
يازتون مامرو عنك عراقية…. بارودهم بكتوفهم مجلية
يازتون مامرو عنك غيراثنين….. الحرس والنقطة ع راس العين
وانشدن حين شاهدن الطائرات العراقية تمرق في السماء
(الله على طائرته ما أحلاها تضرب وما بتخاف من قطع الطنا)
وقد خسر العراق اربع طائرات في هذه الحرب اثنان منها دمرت على إلارض وواحدة أسقطت والرابعة تضررت بشكل بالغ واصلحت واعيدت للعراق. وقد برع الطيارون العراقيون بقيادتها الا انها بالمقابل سببت الكثير من الحوادث أودت بحياة البعض منهم للأسف.
واورد هنا اثنين من أبرز طياريها على سبيل المثال لا الحصر الأول هو العميد الطيار المرحوم خالد شفيق خريج الدورة الخامسة لكلية القوة الجوية طيار بارع جداََ ومدرب مدربين ترك سيرة رائعة من النجاحات في مسيرته التدريبية ومئات الطيارين البارعين من تلاميذه والطيار الآخر هو حسن رجب عريم ذائع الصيت حيث خلف لنا حادثتين ومأثرتين كبيرتين الأولى حينما صفع المدرب البريطاني لتجاوزه المتكرر (لفضياََ) على الطيارين وعليه شخصياََ والحادثة مشهورة جداََ ومنشوره بتفاصيلها في كثير من الصفحات والمواقع. والمأثرة الثانية هي هبوطه بطائرة الفيوري بعد تعرض ذنب الطائرة لأضرار جسيمة جراء تماسها بمروحة طائرة أخرى وهي حالة مستحيلة الحدوث عملياََ بسبب حجم الأضرار ومكان الإصابة وذاع صيت هذه الحادثةكثيراََ آنذاك.
ومن الجدير بالذكر أن كلاالطيارين هما من أعضاء نادينا نادي فرناس الجوي وقد مارسا الطيران والتدريب في النادي.
ولشهرة هذه الطائرة فقد لقب احد ابرز لاعبي كرة القدم في فترة الخمسينات بلقب (حسن فيوري) لسرعته الفائقة ومهاراته العالية في اللعب وقد أطلق عليه هذا اللقب رئيس الوزراء نوري السعيد أثناء مشاهدته لإحدى مباريات فريق الحرس الملكي واعجب به أيما إعجاب وبقي هذا اللقب ملازماََ عائلةاللاعب إلى يومنا هذا.
بعد عام ١٩٥٨م زار جلالة الملك محمد الخامس ملك المغرب العراق وتحديداََ نهاية شهر كانون الثاني ١٩٦٠م على رأس وفد رفيع وقد كان باستقباله الزعيم الراحل عبد الكريم قاسم وأسفرت الزيارة عن اهداء اربع طائرات سي فيوري لمملكة المغرب. سلم الزوج الاول منها في شباط ١٩٦٠م فيما تلقى المغرب الزوج الثاني في عام ١٩٦١م وخدمت في القوة الجوية المغربية لفترة قصيرة وتم تخزينها بعد ذلك ليتم بيع ثلاثة منها إلى شركة تتعامل مع جامعي الطائرات العسكرية التاريخية وكانت اثنان منها بالرقم ٢٤٣ و٢٩٥ ولا اعرف مصير الثالثة اما الرابعة فقد وضعت كنصب تذكاري في مطار الرباط العسكري. واشيع في الصحافة أن العراق أهدى أحدث طائراته للمغرب ويقصد بذالك الميك ١٩ آنذاك وهذا خلاف الحقيقة.
ولطائرة الفيوري ذكرى حزينة حيث أنهت خدمة احد أشهر وابرع طياري العراق وطيار الملك غازي الخاص هو الطيار حفظي عزيز حيث يذكر في مذكراته انه قد قام باختبار طائرة الفيوري فور وصولها للعراق وبهر بسرعتها العالية جداََ مقارنة بطائراتنا في تلك الفترة ويقول بدأت بالتسلق بها لارتفاعات عالية جداََ أثرت سلباََعلى صحتي فيما بعد وخضعت لعدة عمليات جراحية في الخارج مما حدا بي للتقاعد.
وفي سبعينيات القرن الماضي باع العراق إعداد منها لهواة جمع الطائرات العسكرية القديمة وقد أشاد الكثيرون ممن اشتروها بخلوها من أية أضرار وعناية العراقيين الشديدة بها.
أخرجت طائرة الفيوري من الخدمة في العراق في ستينيات القرن الماضي (١٩٦٣م) وبقي قسم منها في القواعد الجوية
وهناك واحدة منها في متحف القوة الجوية العراقية في قاعدة الشهيد علاء الجوية إضافة إلى ثلاث أو أربع طائرات في قاعدة الشعبية الجوية بحال يرثى لها….
ومن الجدير بالذكر أن أحد هواة الطيران والمالك البلجيكي لإحدى الطائرات (والتي بيعت سابقاََ) (فان دن بيرغ) قام بإعادة تأهيل الطائرة والطيران بها من جديد قبل سنوات وهي تحمل الرقم التسلسلي ٢٤٩ وموجودة في ملحق الصور وبقيت بالتمويه والشارات العراقية.
ختاماََ أقدم هذا الجهد البحثي المتواضع لجميع طياريي وفنيي هذه الطائرة العتيدة ولشهداء سلاحنا الجوي العريق ولكل من دعمني وقدم المشورة. والنقاش مفتوح لابداء ارائكم / تحياتي للجميع /زياد عبد الكريم امين سر نادي فرناس الجوي /بغداد..

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار