العربي والدولي

الرأي الصائب.. عريقات

بقلم سفير الاعلام العربي
الاعلامي الدكتور رضوان عبد الله:

خسارتنا بالكبار تكون فادحة ، هي ضربة قاسية بحقنا من قبل الموت ، رغم ان الموت حق ، فها هو الرأي الفلسطيني الصائب يغادرنا ليلتحق بالرفيق الاعلى ، وليلتحق بمن سبقوه من القادة الكبار العظام .
أبى صائبنا الكبير الا ان يغادرنا بوقت عصيب ويتركنا ونحن في امس الحاجة اليه والى رأيه وموقفه الفلسطيني الحق والمحق والثابت ، و آثر ان يلتحق بمن سبقوه الى جنات الخلد ، مع الختيار والوزير و الكمالين والنجار وهرم فلسطين ابو الهول وصلاح القضية الفلسطينية ابو اياد خلف ،وعماد الثورة وركيزتها عبد الفتاح حمود ، والسرطاوي عصام الثورة ومعه شعلة الفكر الفلسطيني ماجد ابو شرار ، والحسنين خالد وهاني ، وصخرة فلسطين الأبية ابو نزار حبش ، وصيدم والصايل مارشال فلسطين والعرب ، وابو علي اياد وابو كرش ، و الحسيني فيصل الحق الفلسطيني عن الباطل العدواني الامبريالي، ومعهم عشرات بل مئات القادة اعلام الثورة وبيارقها السامية ، ممن قضوا نحبهم على درب الحرب التي تندلع من فلسطين ، وطريق السلام الذي يبدأ من فلسطين ايضا ، ذلك هو عهدنا بالشهداء القادة الميامين ، الذين مشوا على درب جلجلة المسيح عليه السلام ، بمعاناة قل نظيرها ، وبنضال مستمر لا ينتهي الا باحدى الحسنيين اما الشهادة او النصر ، اولئك القادة الشهداء الذين فجروا الثورة واخذوا على عاتقهم خيارات صائبة ، صعبة وجبارة ، ليزيلوا آثار هزائم العرب بمراحلها المتعددة التي بدأت الهجرة واللجوء ، من النكبة العام ١٩٤٨ الى النكبة الاخرى عام ١٩٦٧، مرورا بحروب عديدة وغالية الثمن بالتضحيات الجسام ، وعدوان متتابع على شعبنا وقيادته بمجازر اقترفها قادة الصهيونية العنصرية المجرمة بحق شعبنا وقيادته التاريخية ، فكان صائب عريقات واحدا من الذين واجهوا العدو وتصدوا له في مواقع ومواضع كثيرة.
تركنا الرأي الصائب عريقات دون استئذان ، ونحن في ليلة نفتقد بدر الدجى ياسر عرفات ، احتار بنا القلب هل نبكي على الاحبة ، ياسر وصحبه ، ام نبكي على انفسنا ؟؟!! هل نودع صائبنا بالبكاء ؟ ام نزفه بالزغاريد ملتحقا برفيق دربه وحبيبنا جميعا ، ختيارنا القائد ياسر عرفات ؟؟!!!
ابا عمار ، في ذكراك الخالدة بعامها السادس عشر ها قد جاء اليك الاخ الكبير والمناضل العنيد صائب عريقات ، لا ليشكو ظلم الاشقاء وتخاذلهم بحق قضيتنا ولا من اجل ان يحذرك من تأمر الاعداء والعملاء والمتخاذلين والمطبعين، بل جاءك شهيدا” حيا” يرزق في فردوس الله الأعلى ، فقد اصابه الموت الحق وتركنا دون لقاء او اتصال او كلمة وداع ، وجاء مهاجرا” الى الله وعدالته وجنته ، الى الحق الرفيق الاعلى ، بعد ان اكمل رسالته واتم الامانة بحق قضية شعبه ، وعدالتها .
لقد حن شوقا” للقياكم جميعا ايها الشهداء والصالحين والصادقين والاولياء ، ملتحفا” بسنين عمره المشرفة ، الخمسة وستين ، المعطاءة بالكفاح من اجل عودة فلسطين ، والمشرقة علينا بتاريخ نضالي عريق وعريقات .
لقد رأيناه قائدا جريئا ومفاوضا عنيدا ومحاورا مقداما مدافعا عن فلسطين،الارض والشعب والمقدسات، وقالها للقاصي والداني وبالفم الملآن : لا عدل ولا سلام دون فلسطين ، الدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، واصر رافضا اية مساومة على حقوقتا التاريخية الثابتة، و بالاول منها عودة اللاجئين الى ديارهم ، و كنس الاحتلال عن اراضينا وعن مقدساتنا.
علمناه وادركناه في مؤتمر مدريد رجلا جريئا ، وعهدناه بنظرته الثاقبة وبشعره الاسود وبكوفيته المرقطة ، وها هو يغادرنا بالابيضين….شعره ووجهه الوضاء…بعد ان افنى عمره وشبابه بالتصدي لكافة المؤامرات الاقليمية والدولية بحق قضيتنا ، ولم يتبدل ولم يتغير او يلين…انه الرأي الصائب عريقات… شهيد فلسطين والقدس،شهيد فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية،شهيد الشعب الفلسطيني والامة العربية….
خسرناك حقا خسرناك…آلمنا فراقك …هي رغبتك بالشهادة فنلتها بسبب المرض العضال ، و لم تنحني الا لله …هي مشيئة الله . هذا هو قدرنا كالشجرة نموت واقفين ولن نركع…وسيبقى عطاؤك وفكرك نبراسا لنكمل من خلاله ما قد خطه القادة الفدائيين وانت منهم كالطود العظيم…
نم قرير العين مرتاح الضمير بما انجزته وعملت على ترسيخه ، و لن نرثيك ابا علي…رغم حزننا الاليم والعميق على فراقك ، لقد ضاعت الكلمات وتبعثرت النهنهات ، لكنك باق في العقول والقلوب والوجدان… ورغم غزارة بكاء قلوبنا على فراقك قبل ان نذرف العيون الغزيرة دمعا من العيون…فإننا بالحق مؤمنون والى الله راجعون….

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار