العربي والدولي

التدخل الإيراني في سوريا يُطيل أمد الأزمة ويضيق الخناق على المواطنين السوريين

بعد اندلاع الثورة السورية ضد نظام بشار الأسد عام 2011، وتحولها إلى حرب أهلية وتغلغل الإرهاب في المناطق المشتعلة فيما بعد، أضحت سوريا مسرحًا للتدخلات الخارجية من كل حدب وصوب، فتعددت وتنوعت هذه التدخلات في السنوات 12 الماضية، وإذا كانت التقديرات تذهب إلى قول، إنَّ التدخل الروسي كان أهم التدخلات الخارجية في نتائجه المباشرة، فإنَّ التدخل الإيراني هو الأهم في نتائجه البعيدة التي تصب في مصلحة طهران في المقام الأول على حساب مصلحة السوريين بعكس روسيا.
لقد رفعت ثورة السوريين مستويات التدخل الإيراني في سوريا ووسعتها إلى أبعد الحدود، حيث لم يقتصر التدخل على إيران فقط، بل شمل دفع ميليشيات من العراق و«حزب الله» من لبنان، تخضع لأوامر طهران للمجيء والقتال في سوريا، ورغم أن دور الميليشيات تركز في الجانب الميداني، فإنه ساهم في خدمة التدخل الإيراني في جوانب أخرى.
حيث تطور التدخل الإيراني بعد ذلك، ووصل لحد الـ”تشييع”، ففي السابق كان الجهد الإيراني منصبّاً بشكل رئيسي في مدينة السيدة زينب جنوب دمشق فقط، والتي تحولت إلى مركز للتشييع الإيراني من خلال المقام والحوزات الشيعية والمقبرة في زمن الأزمة، ثم توسع في دمشق القديمة بالكشف عن مقامات عدة، وشمل بلدات في ريفها القريب مثل داريا وعدرا وطريق الزبداني، حيث مقام النبي هابيل، وتمدد إلى أنشطة تعليم اللغة الفارسية ومعارض الكتب والفنون وأسابيع السينما، وجرى توسيع هذه الأنشطة إلى بعض المحافظات، منها مدينتا الرقة وحلب، وإحياء مقامات فيها.
وتمدد النشاط الشيعي الإيراني في السنوات الأخيرة أكثر، منتشراً في الجهات الأربع من مناطق سيطرة النظام السوري، كالمنطقة الشرقية، وخاصة خط الحدود السوري – العراقي في البوكمال، والمنطقة الشمالية ومركزه مدينة حلب، التي صار إيرانيون يشيعون، بأنها كنت مدينة شيعية.
إن الموازي في المجريات، والأخطر في تأثيرها، تمثله تدخلات خفية، كانت الأقل ظهوراً للعيان، وتشمل سيطرة على المؤسسات الأهم في نظام الأسد، ولا سيما المؤسستين السياسية والعسكرية – والأمنية القابضتين على القرار وقوة تنفيذه، ولإيران سيطرة كبيرة عليهما من خلال رأس النظام ومعاونيه وكبار ضباط الجيش والأمن، وعبرهم تمد طهران أيديها إلى بقية المجالات، التي اشترى الإيرانيون مسؤولين وموظفين فاعلين فيها؛ مما يجعل تأمين المصالح الإيرانية في مؤسسات النظام أمراً مؤكداً، ويجري مراعاتها بصورة بديهية، وبالتالي صعّدت من حدة الموقف السياسي والعزلة التي يواجهها نظام الأسد، وبالتالي عزلة المواطنين السوريين.
والأهم من ذلك هو الهيمنة الإيرانية على جميع المباحثات السياسية المتعلقة بحلحلة الأزمة السورية، كالإجتماعات التي تعقد بوساطة روسية بين الاطراف السورية والتركية، والتي تصطدم بعراقيل بسبب الأجندات الإيرانية، وبالتالي تطيل من أمد الازمة التي يعاني منها السوريون.
والأخطر من ذلك يكمن في تحويل إيران الساحة السورية، إلى ساحة صراع إقليمي بشكل ما، فالنفوذ الإيراني يشكل خطًا أحمر لدى الكيان الصهيوني، الذي لا يتوانئ عن قصف المنشآت الحيوية السورية، كمطار دمشق الدولي ومطار حلب، وقصف مناطق سكينة مأهولة يجتمع فيها قادة إيرانيوين، ويعرضون بذلك حياة المدنيين السوريين للخطر.
كما ان إيران تشن حملات قصف ممنهجة باتجاه العمق الإسرائيلي من خلال ميليشياتها سواء في لبنان أو في سوريا، وتقصف القوات الامريكية المتمركزة في قاعدة التنف جنوب سوريا، وبمعنى آخر تمارس سياسة اللعب بالنار، وعمليات القصف هذه ممكن أن تشعل فتيل صراع إقليمي على الأراضي السورية، بعنون محاربة المد الإيراني، وهو ما سيلقي بتبعات خطيرة على المواطن السوري المنهك بشكل كامل، والمعزول عن العالم.

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار