الرياضية

خليجي 25 والهوية العربية

عبدالخالق الشاهر
لا يهمني حقيقة ان تكون تسمية الخليج فارسيا ام عربيا ام بقى دون هوية طالما العراق رمز العروبة الاول بلا هوية ، وعندما يكون العراق بلا هوية ستسقط كل الهويات العربية بعده . وعندما يكون العراق عربيا سيكون الخليج عربيا بالضرورة ،
دستور العراق حاول نزع عروبة اغلبية شعب العراق بقوله ” العراق بلد متعدد القوميات والأديان والمذاهب … وجزء من العالم الاسلامي ” الا يثير هذا النص الشفقة على هذا البلد المسكين المتناثر القوميات والاديان والمشكلة انه متعدد المذاهب !!! وكأنه البلد الوحيد الذي تتعدد فيه هذه الانتماءات ، وبما انه لا قوم له ضموه الى العالم الاسلامي ، ولم ينسوا ان يعززوا هذا الامر بمادة اخرى تقول ” يضمن هذا الدستور الحفاظ على الهوية الاسلامية لغالبية الشعب العراقي …” بينما الهوية الاسلامية غير مهددة بالقدر الذي تتهدد فيه الهوية العربية ، لا بل ان هناك جهات معادية للعرب يهمها ان يبقى الإسلام السياسي هو المهيمن كي يبقى العراق محطما ، فهناك دين السماء وأديان الارض المختلفة عنه فكرا وممارسة كم يقول سماحة السيد الحسني البغدادي .
الفكرة دقيقة للغاية فهي لا تعني اني ضد العالم الاسلامي بل انا القائل ايام الحصار والعزلة ” ان علينا العودة للتحليق في سماء العلاقات الدولية بجناحين الاول عربي والثاني اسلامي ” ولكني ارفض ان يكون العالم الاسلامي بديلا لأمتي العربية ، لأني اعي جيدا ان الاثنان يكمل احدهما الآخر فالإسلام نزل على العرب بلسان عربي مبين ، ونبي عربي وأل بيت وصحابة عرب ، ولم يأت قوم الى العرب سائلين اياهم عن الإسلام بل ان العرب حملوه على حد السيف الى الإمبراطوريات الثلاث
عليه المعضلة ليست في عروبة الخليج كما اسلفنا ولا في خليجي 25 بل إن المعضلة تكمن ان الكتلة السكانية العربية وصلت الى نصف مليار الا نيفا ، وقطر واحد من اقطارها وهو مصر العروبة عبر المئة مليون نسمة ، بينما الجارتين غير العربيتين المسلمتين لا يصل نفوسهما الى التسعين مليونا ، ولا نريد تبيان عناصر القوة السياسية والاقتصادية والعسكرية في هذا الوطن الكبير، لنثبت ان توحده او مجرد تقاربه يشكل مشكلة امام كل غير عربي في العالم من الطامعين بثرواته المتناثرة بين 23 قطرا عربيا .
لماذا الجارتان المسلمتان اللتان كانتا امبراطوريتان في السابق ليستا مع عروبة العراق ؟؟ الجواب هو ان القطرية العربية المقيتة جعلت من تلك الاقطار بطنا رخوة لمن يريد ان يتمدد امبراطوريا وخصوصا بعد اخراج عروبة العراق من المعادلة ، والفرق بيننا وبيتهم هو ان القوميتان الفارسية والتركية لا تشكلان سوى اكثر من النصف في ايران وثلاثة ارباع السكان في تركيا . ولذلك نجد ان ايران ليس فيها احصائيات عن القوميات ودستورها يركز على الاسلام ومذهب الاكثرية فيه ، اما تركيا فتلغي القومية الكردية وتسميهم (اتراك الجبل) وبالتالي لمن يريد ان يستعيد امبراطوريته منهما ان يتشبث بالإسلام ليتمدد على ارضه ولعل العرب المسلمين المتفرقين اسهل الاهداف .
في بحث لي نهاية عام 2001 قدمت بحثا عن مستقبل العلاقات السورية العراقية ، وكانت حينها تتحسن ، قلت فيه ” ان ما يجري اليوم بين العراق وسوريا يرعب الكثيرون ، وعلينا ان نتصرف بحذر ونبتعد عن قرع الطبول ، فقد سبق ان رصدت بريطانيا مبلغ (50) مليون دولار – المبلغ الذي كان كبيرا حينها – لأفشال وحدة مصر وسوريا ”
هنا نسأل هل الافضل للعراقي ان يتفرج على ما يجري لبلده وشعبه ولبنان وشعبه واليمن وشعبه وسوريا وشعبها ، وبعدها يتم البدء بالقطر الخامس ، ويلحق به السادس ؟؟ ام ان يكون العراق ضمن امة بنصف مليار انسان وبآلاف الدبابات والطائرات وبعشرات الملايين من براميل النفط شهريا ؟؟ وهل بعد ذلك سنخشى من احد ان اردنا ان نتصرف بغازنا المصاحب ؟؟ وهل سيضطر بعض ضعاف النفوس الذين نسوا انهم ابناء هكذا امة فيلمعون احذية الزوار ؟؟ وهل يعاب على العراقيين ان يستقبلوا ابناء جلدتهم وقومهم العرب بهذه الحفاوة الشعبية العروبية .. هذا هو الذي اخاف البعض فبعد عشرين عاما من محاولات الغاء عروبة العراق فتفاجئهم المشاعر العروبية دفعة واحدة هائلة ، ويفاجئون بأن العراقي يحاول كتابة التأريخ من جديد ، وأنا كنت غاضبا على اهلنا الكرام في البصرة الذين يتقاتلون فيما بينهم بعشائر عربية عريقة .. لأني في المتوسطة عشت فيها وتنقلت بين الجمهورية والومبي والمعقل ولا ازل مندهشا من ان في كل حي نسكنه نتوقف عن الطبخ شهرا كاملا ، والادهى من ذلك انني كلما ذهبت لشراء الخبز (ابو عانة) فجرا يجعلون مني الاول في الدور الطويل .. ولذلك اضحك اليوم عندما اتتبع لقاء على تلفزيون خليجي يقول فيه المستضاف عندما يسأله المذيع كيف صرفت الف درهم فقط خلال اسبوعين يجيبه يا اخي لا يمكنك تصور الحالة حتى الطبيب لا يتقاضى كشفيته وحتى الصيدلية ترفض استلام ثمن الادوية .
علينا العودة قليلا الى الخلف لنجد كم كان حجم التشويش على العرب من لدن السلطة وليس الشعب ؟؟ حتى سوريا فكرت السلطة في احالة رئيسها الى المحاكم ، ولكننا لم نسمع يوما مصر برة . برة او سوريا برة. برة وفي ذلك دليل على ان المشاعر العروبية حافظت على اصالتها وتفجرت جياشة في شرارة خليجي 25 البسيطة ، وهذا هو الاكثر ازعاجا وخطورة من تصريحات السيدان السوداني والصدر لا فض فاهما
انضروا الى العالم القوي .. مجموعة العشرين _ الاتحاد الاوروبي _ مجموعة الثمان – منظمة التجارة العالمية .. آلخ .. ونحن هنا لا ندعوا الى وحدة عربية اندماجية فورية بل ندعو الى الوعي بأهمية تشكيل مجموعة ال (23) العربية التي حتى وحدة (الدم) فيها متوفرة بينما الاتحاد الاوروبي (60) دم ودين ولغة ومذهب ، والعملة واحدة
كفى دينا سياسيا ، وكفى ضعفا ، وكفى فقرا وخوفا ،وكفى فرهودا ، وكفى تبعية لغير حضن امتنا العربية ، وأقولها للوطنيين الحريصين على وحدة العراق .. اقول لهم ان وحدته مهددة ، وأن لا ضامن لوحدة العراق في ظل الفوضى الطائفية الا هويته العربية
23/1/2023

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار