المحلية

الامام المضلوم السبط ‘الحسن المجتبى’اول الممهدين لثورة عاشوراء الحسين (ع)

بقلم / احمد عبد الصاحب كريم

تمر علينا ذكريات اليمة جدا في شهر صفر الا وهي ذكرة استشهاد ريحانة رسول الله الامام الحسن بن علي بن ابي طالب (عليهما السلام) في السابع من شهر صفر

لو راجعنا شخصية الامام الحسن (ع) لوجدناه ان اكثر انسان ظلمه التأريخ وبالاخص من قبل بني امية والتعتيم على سيرته وحياته ولكن لا يمكن للغربال ان يحجب ضوء الشمس فالامام الحسن (ع) هو سبط رسول الله (ص) وقيل فيه العشرات من الاحاديث النبوية الشريفة وهو احد الخمسة (الرسول الاكرم محمد و امير المؤمنين علي بن ابي طالب وفاطمة الزهراء والحسن والحسين) (عليهم السلام) هم اصحاب الكساء وهم من نزلت عليهم اية المباهلة ، هذا من ناحية النسب اما من ناحية الشجاعة لتشهد له معركة الجمل وصفين و النهروان وبعد استشهاد ابيه الامام علي (ع) اختاره المسلمين خليفة للمسلمين ، ومن هنا بدءت المأسي و المؤامرات على الامام الحسن (ع)الدولة الاسلامية من قبل معاوية بن ابي سفيان والخوارج و المنافقين ، حيث كانت حياة  الامام الحسن المجتبى (ع) بعد تسنمه مهام الخلافة وما جرى بعدها من احداث ومنعطفات الى حين وفاته مسموما على يد السلطة الاموية من العوامل المهمة التي مهدت بشكل رئيسي للنهضة الحسينية المباركة

بعد استلام الامام الحسن للخلافة قام معاوية بنشر المنتفعين والطعن بالامام الحسن و شراء ذمم الكثير من قادة الجيوش وشيوخ القبائل ووحرض ولاته بتحريض الناس وعدم الخروج للقتال وقام معاوية بتجهيز جيش قوامه ستون الف مقاتل وتوجه نحو العراق لبدء الحرب  متولياً إدارة المعركة بنفسه ، وفي المقابل بدأ الإمام الحسن يستنهض الكوفة للجهاد والسير لقتال معاوية وقد بعث الصحابي حجر بن عدي يأمر الناس والعمال للاستعداد وقد نادى المنادي للصلاة جامعة فأقبل الناس ثم وقف بهم خطيباً (أما بعد فإن الله كتب الجهاد على خلقه وسماه كرهاً ثم قال لأهل الجهاد من المؤمنين ﴿وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾  ، ولكن كان هناك فريقين الأول فتثاقل عن الجهاد وأما الثاني فخرج وهو كاره لذلك مضافاً إلى كونه خليطاً متنوعاً منهم من الخوارج ومن الطامحين الذين لا يَشْبعُ نهمُهم إلى الفئة المذبذبة وغير ذلك وأما المخلصون فهم أقل ندرة من الكبريت الأحمر وعند وصول الامام الحسن (ع) الى المدائن تعرض الى محاولة اغتيال واصيب بطعنة في فخذه بالاضافة الى تعهد الكثير من قادة الجيش للى معاوية بتسليم الحسن اسيرا خلال المعركة و بذكاء الامام الحسن ورؤيته الثاقبة بالخبث الذي يحمله الطرف المقابل والذي استطاع ان يستغل به ضعف المسلمين بأنه خال المسلمين وهو الخليفة فما كان من الامام الحسن (ع) ان يقوم بالصلح وبشروط مع معاوية ، للحفاظ على البقية من ال ابي طالب والانصار الشيعة المخلصين و فضح مشروع بني امية بتوارث الخلافة وتلاقف السلطة ، حيث كانت احدى اهم بنود الاتفاق هي عدم توريث معاوية الحكم لولده يزيد بعد موته وكذلك لمعرفة المسلمين بحقيقة بني امية ومعاوية بعد ان كانوا غافلين

لقد شكل صلح الامام الحسن (ع) حدثا تاريخيا مهما ومفصليا في صفحات التاريخ الاسلامي ، هذا المنعطف التاريخي الحساس لم يترك الامام المجتبى (ع) في التمهيد لثورة عاشوراء ، ولكن مع الاسف نجد أن هناك تغييب وطمس لذلك الدور المهم حيث سلطت الاضواء بصورة مركزة فقط على مسالة الاتفاق الذي جرى بين الامام الحسن (ع) وبين معاوية فيما عرف بـ (الصلح) ، وشمل التغييب اغلب فترات نشاط الامام المجتبى (عليه السلام) ودوره المؤثر في فضح أهداف معاوية وبني امية في التسلط على المسلمين وعدم الوفاء بالعهود والمواثيق والمجاهرة بالعداء للإمام علي (ع) وابنائه وشيعته خلال السنوات العشرة التي تلت الصلح ونقضه لبنود الاتفاق و بدء الامام الحسن (ع) بتوعية الناس و بناء قاعدة رصينة من المسلمين الذين يؤمنون بالله ورسوله والذين وقع على عاتقهم نصرة آل محمد ولكن هذا الحال لم يعجب معاوية و جواسيسه والمنتفعين فقام بدس السم للامام الحسن (ع) والذي ادى الى استشهاده وتشجيع بعض الحاقدين برمي نعشه بالسهام ومنعه ان يدفن بجوار جده ، ولكن افكاره و تلامذته استمروا على النهج واصبحوا طائعين للامام الحسين (ع) وفي اخر ايام معاوية قام بقتل الصحابي حجر بن عدي و الذي ادى الى تعرض بني امية ومعاوية لضربة واضحة بأنهم يسيرون بخط الظلم وما ان قام معاوية بتوريث الحكم ليزيد بعد وفاته من هنا بدء دور الامام الحسن (ع) والذي وضعه في بنود الصلح حيث قام اغلب المسلمين برفض حكم يزيد ومن هنا بدء دور الامام الحسين (ع) بأخذ الحكم الشرعي والقانوني بعدم مبايعة يزيد و قام باعلان ثورته ونهضته الخالدة على الحكم الاموي المنحرف بعد ان جرده الامام الحسن (عليه السلام) من خلال الصلح من دعاواه الزائفة وفضح حقيقة المشروع الاموي التسلطي القيصري الذي لم يصبر معاوية عن التصريح والصدع به علناً في أول خطبة له بأهل الكوفة بعد الصلح بالقول : ( إني والله ما قاتلتكم لتصلوا ولا لتصوموا ولا لتحجوا ولا لتزكوا، إنكم لتفعلون ذلك ، ولكني قاتلتكم لأتأمر عليكم ، وقد أعطاني الله ذلك وأنتم له كارهون ، ألا وإني كنت منيت الحسن وأعطيته أشياء ، وجميعها تحت قدمي لا أفي بشيء منها له ) ، ان استشهاد الامام الحسين (ع) مع آل بيته واصحابه في كربلاء اعاد للاسلام خطه الذي انحرف لاكثر من (٤٠) عام و بعد شهادة الامام الحسين (ع) تشجع المسلمين بالقيام بثورات ضد حكم بني امية ويزيد و بدء تلامذة الامام علي والامام الحسن (ع) بالقيام بثورات التوابين و ثورة المختار وزيد الشهيد التي هزت ودمرت كيان بني امية واسقطت حكمهم وزيفهم وباطلهم .

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار