السياسية

پاسپورت كامل الدسم !

بقلم عمر الناصر/ كاتب وباحث في الشأن السياسي..

يؤسفني ان اقرأ خبر الجواز العراقي الذي تذيل قائمة قوة الجوازات العالمية من بين ١٩٩ دولة في حرية التنقل لعام ٢٠٢١ حسب التقرير الذي صدر مؤخراً وكأنني مكتوب لي ان لا ارى هذا الجواز يرتقي لمراتب متقدمة تعكس رفاهية المجتمع العراقي بحكوماته الرشيدة الحكيمة المتعاقبة الذي سيحكي قصته للاجيال القادمة ليكون دليلاً حياً على ظلم السياسيين لوطنهم ولشعبهم وليكون شاهدا فعلياً على نكبات العصر .

الشيء بالشيء يذكر وسأروي هذه الحادثة التي عشتها بنفسي وهي ليست قصة من افلام هوليود او هي من وحي الخيال ولا هو موضوع مبالغ به لاجل لفت الانتباه بل هو حقاً ما تسعى دوماً اليه الدول المتحضرة لرعاية مواطنيها واعطاءهم اعلى قيمة ممكنة بين دول العالم الاخرى شفوياً وتحريرياً ، فبعض الدول تدافع عن مواطنيها وترعاهم حتى لو كانوا في اقصى نقطة من المعمورة وتشعرهم بأنها تقف بجدية الى جانبهم وهي معهم في حلهم وترحالهم وتشعرهم بانهم مواطنين درجة اولى لدولة عظمى بسياستها الخارجية والداخلية.

بالعادة يكون المغترب في الدول الاوربية تحديداً يرغب بزيارة اغلب دول الاتحاد الاوروبي من اجل السياحة على اعتبار ان الحدود بين هذه الدول اصبحت وهمية وهي رسم على الخارطة فقط ولاوجود لها على ارض الواقع مما يجعل التنقل لايحتاج لتأشيرة او تعقيد عند التنقل بين هذه الدول فيستطيع ان يكسب ثقافات متعددة وليخرج خارج الاطار والتقوقع الفكري ويكون لديه اطلاع كامل وشامل عن طبيعة معيشة تلك الدول التي يقوم بزيارتها وعادة مايكون السفر براً وهذا حصل لي في عام ٢٠١٩ عندما قررت الذهاب مع بعض الاصدقاء في سفرة من السويد الى تركيا عن طريق البر مرورا بدول الشينغن .

انطلقنا الى ميناء مدينة تريليبوري السويدية لنأخذ العبارة الى ميناء روستوك في المانيا ولنكمل طريقنا باتجاه برلين ومن ثم الى التشيك مرورا بسلوفاكيا وهنغاريا الذين هم من دول الاتحاد الاوروبي وصلنا بعدها الى الحدود الصربية التي هي ليست من دول الاتحاد قطعنا على اثرها قرابة ١٥٧٠ كيلو متر وتوقفنا لابراز الجوازات لكي نستمر بالمسير الى براغ عاصمة صربيا واذا بالصدمة تحدث :

موظفة الجوازات : عمت مساءاً سيدي .. الباسبورت لو سمحت !؟

انا : عمتي مساءاً سيدتي … نعم اكيد … تفضلي !

موظفة الجوازات : عفوا هذا ليس انت بالصورة … هل لديك جواز اخر ؟

انا وبذهول !! : عفوا !؟ … كيف ذلك .. ؟

قامت موظفة الجوازات بإعطائي الباسبورت واكتشفت بانني قد جلبت جواز ابني بدلاً من جوازي !!!!!

بعد امتصاص الصدمة اخبرتها بأن تعطيني الحل لكي اكمل طريقي فقالت : هل لديك هوية شخصية اي بمثابة الجنسية ؟

انا : نعم ولكنها غير صالحة للاستخدام ولم اجددها للاسف !

موظفة الجوازات : انا حزينة حقاً لكن حتى لو جعلتك تمر فأن السلطات التركية ستمنعك من الدخول لاراضيها للاسف ، عليك الرجوع للسويد !

انا : وكيف ارجع للسويد وانا ليس لدي جواز وهويتي السويدية غير صالحة للاستخدام ؟

موظفة الجوازات : بأمكانك الاتصال بالسفارة السويدية في بودابيست وتخبرهم بأنك في ورطة وليستخرجوا لك جواز لسفرة واحدة ترجع به الى السويد !

انا : شكراً لكي حقيقة على كرم لطفك سيدتي .!!

وبتفكير سريع اتصلت بالسفارة السويدية في بودابيست واخبرتهم بمشكلتي فاخبروني بأن اليوم هو الجمعة وعملهم ينتهي الساعة الرابعة والنصف مساءاً ويجب ان اكون هناك خلال هذا الوقت بخلاف ذلك سأضطر للبقاء ليوم الاثنين حتى انتهاء عطلة نهاية الاسبوع ، واخبروني بأن انطلق لهم فوراً وابقى على اتصال بهم وانا في الطريق كي يعلموا بأنني متوجه لهم لان الوقت يستغرق قرابة الساعتين ونصف من الحدود الهنغارية – الصربية ووقتها كانت الساعة الثانية والنصف ظهراً .

استقليت سيارة اجرة وطلبت من السائق ان يسرع لانني في موقف محرج للغاية فلم يتردد اطلاقاً ، وصلت الى عنوان السفارة ولم ارى هنالك معالم لوجودها فأكتشفت بأن هذا العنوان قديم وقد انتقلت السفارة لعنوان اخر ، وقتها كانت الساعة تجاوزت الرابعة والنصف وانا احاول الاتصال بهم والهاتف مغلق لكون وقت الدوام قد انتهى لكن مع ذلك توجهت للعنوان الجديد ووصلت له واذا بالظلام داخل البناية ولايوجد احد داخلها !

اضطررت لان اتواصل هاتفيا مع الخارجية السويدية قسم الخفر واخبرتهم بأنني في ورطة حقيقية وشرحت لهم وضعي وان العاملين في السفارة قد اغلقوا الابواب ولايوجد لدي حل اخر ويجب ان ارجع لبلدي يوم غد السبت وكنت في حالة توتر ومنفعل جداً ، واذا بالموظف الخفر يقوم بتهدئتي واعطاني وعد بأنه سيحل الموضوع وان لا اقلق اطلاقاً لكن علية ان امهله عشرة دقائق لكي يتواصل شخصياً بطاقم السفارة !

وبالفعل بدأت الساعة تقترب من السادسة والربع مساءاً وانا انتظر خارج بناية السفارة ، وفجأة واذا بأضواء السفارة تفتح من جديد وصوت موظفة من داخل السفارة تناديني بأنها ستفتح الابواب لي من اجل الدخول وبالفعل تم استخراج جواز لسفرة واحدة لكي ارجع الى السويد في اليوم التالي !!!!

ما اود سؤاله لو حدثت مثل هذه الحالة في العراق او في اي دولة عربية اخرى مالذي ينتظر مصير المواطن بأعتقادكم ؟؟

عمر الناصر / كاتب وباحث في الشأن السياسي

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار