السياسيةمقالات

من يقف خلف صناعة الرأي العام ؟

بقلم ✍️ عمر الناصر / كاتب وباحث سياسي..

‏يذهب اغلب الناس بتفكيرهم الى الكثير من التساؤلات الدينية او الدنيوية ، وتخرج تساؤلاتهم تلك بأجوبة تتخللها اسئلة اضافية تزيد من انشطار الافكار كأنشطار الذرة الى جزيئات اصغر وبذلك نبقى ندور في حلقة مغلقة مابين التفكير ومدى امكانية وقوة الفهم والتفسير..

في مجتماعاتنا الشرقية والاسلامية تحديداً وعند حدوث الازمات السياسية يتنامى الولاء للدين والمذهب والعشيرة ويكون هو الرابط والشعور المتأصل في جذور الكثير منا بشكل مباشر او غير مباشر اكثر من الشعور بالانتماء الى الوطن والمواطنة الذي يعد الجامع الشامل والقاسم المشترك و لايختلف على تقديسه احد ، والدليل على ذلك ترجيح كفة المذهب والولاء للعقيدة في المشاكل السياسية لدينا استناداً الى الاية الكريمة ( بل قالوا إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون ) من دون السعي او بذل الجهد في البحث والتقصي لاجل معرفة تفاصيل اسرار هذه الجزئية.

المفارقة الغريبة اليوم تجد من الذين يحملون افكاراً طائفية وعنصرية او شوفينية لايصلّي اصلاً وليس لديهم التزام ديني يقوي حجتهم بالدفاع المستميت وقت الولوج في مهاترات طائفية لانفع منها بل نقول انهم لا ينحدرون من خلفية عائلية لديها فهم كامل وشامل بمفاهيم العقيدة السمحاء التي يؤمنون بها فتجدهم مثل محارب الساموراي سرعان ما ينتفضوا بشراسة للدفاع عن العقيدة او المذهب الذي لايعرفوا منه شيء الا اسمه ومن اساسه الرصين الا رسمه .

وبذلك لن يحتاج الامر جهداً كبيراً ليتم تثقيف مثل هذا النوع من الجمهور وتوجيه وشد انظاره الذي ليس له المزاج للدخول اطلاقاً في خلجات اسرار المعرفة والانفتاح بقدر زيادة اصراره على التمسك ببعض القشور التي اصبحت لدينا تخمة مفرطة منها والمبالغة في التنظير لها ، ولن تستغرق وقتاً لكي تجعل منه مؤيداً لك ومقاتلاً شرساً مستميتاً اذا ما جعلت هنالك طرفاً اخر يقود حملة معاكسة لتوجهات مختلفة عن توجهاته، بل كل ما تحتاج اليه هو قلم قوبيا واعلام اصفر وعقل جديد غير مستعمل جاهز لان يقول (( تم )) !!!

نختلف بعض الاحيان بطرح اراءنا وقد تصل درجة غليان السجال لمستوى لن نستطيع من خلاله ايصال افكارك للطرف الاخر بحرفية بسبب صعوبة توجيه دفة القيادة الذاتية لعقولنا وعدم وجود ثقافة الانصات للطرف الاخر حتى النهاية ، ولان عملية تحديد اتجاهات رؤانا ازاء اي قضية محورية تحتاج وقت طويل لاكمالل بنيتها الاساسية بلاشك ، واذا ما اردنا الوقوف على عتبة عالم الاختلافات سنجد ان هنالك فتن لعبت عوامل التعرية السياسية في اذكائها بدليل ما نرى اليوم ان اغلب التيارات والاحزاب السياسية مدنية كانت ام علمانية او اسلامية لاتعمل على تقوية المشتركات بقدر البحث عن الاختلافات التي هي السبب الاساسي في ديمومة تأثير البروبوغاندا الاعلامية في شق عصى الجمهور الذي هو جاهز ايدلوجياً ومهيئ فكرياً ومؤمن ايماناً مطلقاً وقطعياً بتلك الخيوط التي تقف خلف صناعة الرأي العام .

وفي نهاية المطاف نرى البعض من الاحزاب السياسية التي تحاول الرجوع الى مكانتها الحقيقية قد فقدت الصدارة في القيادة والريادة بسبب ضعف التحديث في المراجعة والتقيم واتساع الهوة بين المواطن والمسؤول اخرت من جني ثمار مكتسباتها على ارض الواقع .

انتهى ….

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار