السياسيةتقارير وتحقيقات

تقرير: صراع خفي بين الحلبوسي والسوداني والأخير يدعم منافساً لرئيس البرلمان.. من هو؟

 
سلط تقرير صحفي، الضوء على ما وصفه بـ”الصراع الشديد الذي يدور بين رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، ورئيس الوزراء محمد شياع السوداني”، فيما كشفت مصادر وفق التقرير، تفاصيل “الصراع” وأسبابه.
  
 
يقول التقرير الذي نشره موقع “عربي بوست””، (27 نيسان 2023)، إن “الأزمة بين السوداني والحلبوسي، تنذر بالسوء بالنسبة للحكومة من ناحية، ومن ناحية أخرى تهدد تحالف إدارة الدولة، الذي يضم الأحزاب الشيعية والسنية والكردية، الداعمة لرئيس الحكومة الحالي، بحسب المصادر السياسية ومسؤولين في العراق، تحدثوا لـ”عربي بوست”، في هذا التقرير”.
 
تالياً نص التقرير:
 
“السوداني لم يفِ بوعوده”
كشف سياسيون ومسؤولون عراقيون، أنه في الآونة الأخيرة، تم عقد جلسات صلح بين الحلبوسي والسوداني، في محاولة من بعض الأطراف لحل الأزمة بين الرجلين، “لكن دون فائدة”.
 
أوضح سياسي سُنّي مقرّب من الحلبوسي أنه “لا يمكن إنكار أن الخلاف بين السوداني والحلبوسي آخذ في التزايد، حتى مع تدخل بعض الأطراف للصلح، وإلى الآن فإن الرجلين لم يتوصّلا إلى حل لخلافاتهما”.
بحسب المصادر العراقية، فقد تم عقد 3 أو 4 جلسات من الحوار بين الحلبوسي والسوداني، اثنتان من الجلسات استضافها السياسي السني ورجل الاعمال البارز، خميس الخنجر، وثالثة كانت برعاية رجل الدين الشيعي والسياسي المعروف عمار الحكيم، رئيس تيار الحكمة، فيما لن يتم التأكد من الرابعة بعد.
يقول سياسي شيعي من الإطار التنسيقي الشيعي الداعم لحكومة السوداني، مفضلاً عدم الكشف عن هويته نظراً لحساسية الموضوع: “الحلبوسي يتهم السوداني بعدم تنفيذه الوعود الذي قدمها له قبل أن يتولى منصبه”.
 
محمد الحلبوسي رئيس مجلس النواب العراقي الذي يعد أرفع مسؤول عراقي ينتمي للعرب السنة/رويترز
 
يُذكر أن محمد الحلبوسي، سياسي سني ذاع صيته منذ أن تولى رئاسة البرلمان العراقي في عام 2018، واستمر في رئاسته حتى الآن، كما أن منصبه يذهب إلى المكون العراقي السني، بحسب اتفاقية تقاسم السلطة المعمول بها في العراق منذ الغزو الأمريكي للبلاد عام 2003. ويعد منصب رئيس البرلمان، أعلى منصب من الممكن أن يتقلده سياسي سني في العراق.
بحسب المصدر ذاته، فإن السوداني عقد صفقة مع رئيس البرلمان محمد الحلبوسي قبل توليه منصبه في أكتوبر/تشرين الأول 2022، تتضمن العديد من الوعود من بينها، منح عدد من المناصب التنفيذية رفيعة المستوى لمقربين من الحلبوسي.
 
يقول السياسي السني المقرب من الحلبوسي “الأمر ليس صفقة، بل هو العرف الذي جرى العمل به في العراق، دعم الحلبوسي السوداني مقابل الحصول على بعض المناصب الحكومية التي تذهب للمكون السني، وإنكار هذه الوعود الآن بعد أشهر من تشكيل الحكومة، وعدم الوفاء بها، انتهاك لاتفاق تقاسم السلطة في العراق، وهذا ما أغضب الحلبوسي بشدة”.
 
يقود رئيس البرلمان الحلبوسي، تحالف السيادة السني، والذي يتكون من تحالف “تقدم” التابع للحلبوسي، وتحالف “عزم” بزعامة رجل الأعمال السني خميس الخنجر.
 
يُسيطر تحالف السيادة السني، علي حوالي 50 مقعداً في البرلمان من أصل 329 مقعداً، ما يجعله قوة مؤثرة داخل تحالف “إدارة الدولة”، مع شركائه الشيعة والأكراد، لدعم حكومة السوداني.
 
الحلبوسي و”محاولة الإطاحة بالمقربين منه”
ليست مسألة عدم تنفيذ وعود رئيس الوزراء بمنح عدد من المناصب الحكومية لمقربين من رئيس البرلمان، محمد الحلبوسي، نقطة الخلاف الوحيدة بين الرجلين فقط، بل امتد الأمر إلى ما هو أبعد من ذلك.
 
يقول سياسي سني ثان، ومطلع على مسألة الخلاف بين الحلبوسي والسوداني، مفضلاً عدم ذكر اسمه: “في الآونة الأخيرة، هناك تحركات قوية من السوداني لإزاحة كل المقربين والمؤيدين للحلبوسي من المناصب المهمة في محافظة الأنبار”.
 
يُذكر أن محافظة الأنبار السنية، هي مسقط رأس رئيس البرلمان، محمد الحلبوسي، وقد لعب دوراً كبيراً، لتوسيع نفوذه وسط اهالي وعشائر الأنبار.
 
يضيف المصدر السابق: “قام السوداني بإقالة أغلب المسؤولين الأمنيين في محافظة الأنبار والداعمين للحلبوسي، ولم يكتفِ بذلك، بل وصل الأمر لتهديد محافظ الأنبار المقرب من الحلبوسي، من خلال إصدار مذكرات توقيف بحق مسؤولين في المحافظة مقربين من فرحان الداعم الأكبر للحلبوسي في الأنبار”.
 
يُذكر، أن محافظ الأنبار، فرحان الدليمي، أصدرت هيئة النزاهة العراقية أمر استقدام بحقه في الأيام القليلة الماضية، على خلفية تهمة الإضرار بالمال العام، في قضية مخالفات وخروقات مالية مرتبطة مديرية التسجيل العقاري بمحافظة الأنبار.
 
على الجانب الآخر، يقول مسؤول حكومي عراقي ومقرب من الإطار التنسيقي الشيعي الداعم لحكومة السوداني، “يعتقد الحلبوسي وأنصاره أن هناك استهدافاً له في محافظة الأنبار، لكن حقيقة الأمر، أن عدداً كبيراً من أنصار الحلبوسي في محافظة الأنبار، متهمون في قضايا فساد”.
 
علق سياسي شيعي ثان، ومقرب من نوري المالكي، على الأمر ذاته، قائلاً “لا يجوز أن كل من يتورط في قضايا فساد يقول إن الأمر استهداف شخصي وسياسي له. المسؤولون في الأنبار المحسوبون على الحلبوسي لديهم أخطاء كارثية ويجب محاسبتهم، والأمر بعيد تماماً عن مسألة الاستهداف السياسي للحلبوسي”.
 
يُذكر أيضاً أن نوري المالكي هو رئيس الوزراء العراقي السابق (2006-2014)، ويترأس الآن ائتلاف دولة القانون الذي يمتلك أكبر عدد من المقاعد البرلمانية، مقارنة بالأحزاب الشيعية الأخرى في الإطار التنسيقي الشيعي، كما أنه من أبرز الداعمين لحكومة محمد شياع السوداني.
 
كذلك فقد عمل السوداني في حكومة المالكي من قبل، واتهم بعض قادة التيار الصدري، (خصم الإطار التنسيقي الشيعي)، السوداني بأنه “ظل المالكي”.
 
في وقت سابق، قال قيادي في التيار الصدري، إن “حكومة السوداني ما هي إلا ولاية ثانية لنوري المالكي”.
 
بالعودة إلى مسألة اتهام عدد من الشخصيات والمسؤولين المؤيدين للحلبوسي في محافظة الأنبار، في الفترة الأخيرة، يقول مسؤول حكومي عراقي مقرب من السوداني لـ”عربي بوست”: “الأنبار ليست حالة خاصة لكي يتم غض النظر فيها عن قضايا الفساد، وحكومة السوداني قررت منذ اليوم الأول لها، بأن تعطي الأولوية لمحاربة الفساد في كل محافظات العراق”.
 
لكن لا يزال رئيس البرلمان العراقي، محمد الحلبوسي، يعتقد أن كل هذه الأمور، محاولة لاستهدافه سياساً، من رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، بحسب مصدر سياسي سني مقرب من رئيس البرلمان. 
 
يقول المصدر: “إذا اعتبرنا أن تهم الفساد التي ظهرت في حق محافظ الأنبار وعدد من المسؤولين، هي جزء من خطة حكومة السوداني لملاحقة الفاسدين، إذن، لماذا يتم تغيير المسؤولين الأمنيين في محافظة الأنبار؟”. 
 
يضيف المصدر: “الحلبوسي يدرك جيداً أن هناك أموراً خفية تحدث من ورائه فيما يخص بالتحديد التغييرات في المناصب الأمنية في محافظة الأنبار، مع عدم وفاء السوداني بوعوده السابقة فيما يخص منح المناصب الحكومية التي طلبها الحلبوسي. كل هذا ليس من قبيل الصدفة أو محاربة الفساد”.
 
 ظهور منافس للحلبوسي 
يضاف إلى قائمة المسائل التي زادت من الخلافات والشقاق بين رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، ورئيس الوزراء محمد شياع السوداني، هو ظهور السياسي العراقي السني البارز، ووزير المالية الأسبق، رافع العيساوي، ولقاء الأخير بالسوداني، بعد أن تم أمر القضاء العراقي بالإفراج عنه بكفالة العام الماضي.
 
العيساوي، أحد أبرز السياسيين السُّنة في العراق، شغل العديد من المناصب الحكومية في حكومة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، قبل أن ينقلب عليه الأخير، وتتم اتهامه بتهم إرهاب، بعد أن اتهمه المالكي بأنه وراء تأجيج الاحتجاجات السنية التي ظهرت في العراق في عام 2011، وما تلاها من ظهور تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة في العراق.
 
هرب رافع العيساوي من العراق منذ ذلك الوقت، ثم عاد عام 2020، وسلّم نفسه للقضاء العراقي تمهيداً لإعادة محاكمته.
 
رافع العيساوي أحد أبرز السياسيين في العراق حيث شغل العديد من المناصب – مواقع التواصل
 
تقول بعض المصادر العراقية الخاصة بـ”عربي بوست”، إن عودة رافع العيساوي تمت بعد تسوية خلافاته مع نوري المالكي، وعدد من الشخصيات السياسية الشيعية البارزة في العراق.
 
بعد أن أصدر القضاء العراقي أمراً بالإفراج عن رافع العيساوي، زاد قلق الحلبوسي من أن تكون المسألة تمهيداً للإطاحة به من المشهد السياسي السنُّي في العراق، خاصة أنه بحسب مصدر مقرب من الحلبوسي، العيساوي هو من أشد المنافسين لرئيس البرلمان محمد الحلبوسي، ويتمتع بنفوذ كبير أيضاً في محافظة الأنبار.
 
في هذا الصدد، يقول المصدر السياسي السنُّي المقرب من الحلبوسي: “أمر الإفراج عن العيساوي، ومن ثم لقاؤه بالسوداني، لا يمكن النظر إلى هذه الأمور بأنها غير مُدبرة، ويعتقد الحلبوسي أن هناك نية قوية لتقوية منافسه العيساوي، وهناك كثير من الأمور التي تنذر بالسوء، فيما يتعلق بالتحركات الأخيرة للسوداني ولقائه بالعيساوي”.
 
لكن لم يتسنّ، معرفة تفاصيل اللقاء الذي دار بين رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، والقيادي السُّني المُفرج عنه رافع العيساوي.
 
هل يتصالح الحلبوسي والسوداني؟
على ضوء هذه الخلفية، شعر العديد من الشخصيات السياسية الشيعية بالخطر من تزايد الخلاف بين رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي.
 
يقول مصدر مقرب من عمار الحكيم، الذي توسط بين الرجلين في الأيام الأخيرة، مفضلاً عدم ذكر اسمه: “الخلاف المتزايد بين الحلبوسي والسوداني يهدد استقرار الوضع السياسي في العراق، ويهدد استقرار حكومة السوداني، ولا فائدة منه، لذلك كان لابد من السماع لصوت ثالث في محاولة لتهدئة الأمور”.
 
يضيف المصدر: “من الممكن أن تكون هناك بعض الشخصيات خلف السوداني تزيد من الصراع بينه وبين الحلبوسي، خشية زيادة نفوذ الحلبوسي، لكن هذه الأمور كاللعب بالنار، وتعرض البلاد للخطر”.
 
ولم يرغب المصدر في الإفصاح عن هوية الأشخاص الذين زعم أنهم وراء تأجيج الخلاف بين الحلبوسي والسوداني، لكنه قال، بنبرة يشوبها التشاؤم: “على ما يبدو، فإن الحلبوسي والسوداني، كلاهما متمسك بمواقفه حتى الآن، لكن هذا لا يعني انعدام الأمل في المصالحة بينهما، فقد يطول الوقت. كان ولا يزال هناك أمل بتحقيق ذلك”.
 

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار