الاقتصاديةالعربي والدولي

محاصيل الصين الزراعية.. خُمس إنتاج الذرة دُمّر في واحد من أسوأ المواسم

تواجه الصين هذا الصيف ظروفاً مناخية قاسية، إذ تترنح البلاد بين ارتفاع خانق في درجات الحرارة وهطول شديد للأمطار الموسمية، فيما تسبب بخسائر لم تطَل سكانها البالغين 1.4 مليار نسمة فحسب، بل وصل مداها إلى الحصاد الخاص بأكبر بلد منتج للغذاء حول العالم، بحسب ما قال موقع NBC News الأميركي.
  
 
وفي ظل ارتفاع درجات الحرارة في العالم، فإن هذه الأحداث يُتوقع لها أن تصير أكثر شيوعاً، ومع هذه الاحتمالية، تأتي احتمالية أخرى مقلقة تتمثل في تلف المحاصيل في المناطق الرئيسية المنتجة للغذاء.
 
حيث تشهد غالبية المناطق الزراعية في الصين تأثير الرياح الموسمية، مما يجعلها عرضةً للكوارث الجوية، مثل الفيضانات والجفاف. ويقول المزارعون إن الموقف يزداد سوءاً، في ظل ما يشهدونه من تكرار الظواهر المناخية القاسية.
 
ففي مدينة تشونغتشينغ جنوب غربي الصين، التي تبعد تقريباً 1000 ميل عن بكين، ليست الفيضانات من الظواهر الجديدة عليها في فصل الصيف، لكن شدة الفيضانات في يوليو/تموز تسببت في إطلاق أعلى إنذار طوارئ في البلاد، لأنها تسببت في قتل 15 شخصاً، وتأثر بها 13 ألف شخص آخر، ودمرت عشرات الآلاف من أفدنة المحاصيل، ومن ضمنها الأرز والذرة.
 
قال ران شاوين، وهو مزارع من تشونغتشينغ في الثلاثينيات من عمره، إن حوالي خُمس محصول الذرة البالغ 1.3 فدان، هو فقط ما نجا من الفيضان.
 
وأوضح: “عملتُ مزراعاً طيلة حياتي، وهذه ليست المرة الأولى التي أشهد فيها الدمار بسبب الفيضانات. لكن الدمار هذا العام أسوأ”.
 
وشهد ران أيضاً مناخاً قاسياً في 2022، عندما اكتسحت الحرارة المستمرة والجفاف مساحة شاسعة من جنوب الصين، وتسببت تقريباً في جفاف أكبر بحيرة مياه عذبة في البلاد، وألحقت خسائر كبيرة بغلة المحاصيل.
 
قال ران: “الجفاف هنا كان سيئاً للغاية في العام الماضي. وصلت المحاصيل تقريباً إلى وقت الحصاد، ثم جفت كلها”.
 
وتضررت مقاطعة خنان وسط الصين، التي تعد أكبر منتج للقمح في البلاد، بهطول أمطار غزيرة قبل وقت الحصاد مباشرة، في شهر مايو/أيار. غمرت الأمطار المستمرة حقول القمح، وتسببت في إنبات الحبوب قبل الحصاد وظهور الآفات الزراعية.
 
من جانبه، قال وانغ غويرونغ، مدير القسم الريفي بالمكتب الوطني الصيني للإحصاء، إن محصول الحبوب تراجع في يوليو/تموز هذا الصيف بنسبة 0.9%، مقارنة بالعام الماضي، وهو أول تراجع له منذ سنوات. لكنه أوضح أن الحصاد البالغ 146 مليون طن لا يزال “حصاداً وفيراً”. وأضاف أن هطول الأمطار المستمر في منطقة زراعة القمح الشمالية، بما في ذلك مقاطعة خنان، هو السبب في هذا التراجع.
 
يحدث عكس ذلك في بعض مناطق شمال الصين، حيث اجتاحتها موجة حارة هذا الصيف. إذ إن درجات الحرارة التي وصلت إلى أرقام قياسية وظاهرة الجفاف أضرت بجودة وكمية المحاصيل الصالحة للحصاد والبذر هذا الصيف، الذي يعد موسماً مهما بالنسبة للزراعة في هذه المناطق.
 
الوضع الجديد
 
وقالت لو جانيان، مديرة برنامج المناخ والطاقة في منظمة Greenpeace East Asia، إنه مع ارتفاع درجات حرارة الكوكب، سوف تصير ظواهر الجفاف والفيضان في الصين أكثر تكراراً وشدة.
 
وأوضحت: “الجفاف سوف يتسبب في ذبول المحاصيل في فترة نموها الرئيسية. ولن تكون الفيضانات دائماً سبباً بنسبة 100% في تلف المحاصيل لأنها سوف تنحسر، لكن الأثر سوف يبقى مدة أطول إذا تفاقم جراء الانهيارات الطينية”.
 
تأتي الظواهر المناخية التي تضرب الصين هذا الصيف تماشياً مع ما تنبأ به العلماء إذا استمر الاحتباس الحراري العالمي بدون رقابة وضوابط.
 
قال كاسكيد توهولسكه، الأستاذ المساعد في التغير المناخي والتمدن والأمن الغذائي في جامعة ولاية مونتانا، إن موجات الحرارة الطويلة والعواصف والفيضانات الشديدة، وانتشار الجفاف، تصير جميعها جزءاً من “الوضع الطبيعي الجديد” للتغير المناخي.
 
وأوضح: “مع ارتفاع درجة حرارة مناخنا، فإن ما كنا نراه من قبل (ظروف مناخية) قاسية، تحدث بصورة أكثر تكراراً”.

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار