الاقتصادية

فريق اقتصادي يكشف عن جهة أجنبية تستحوذ على العملة الصعبة في العراق

كتب فريق اقتصادي استشاري، اليوم الخميس، حول مخاطر استحواذ جهة أجنبية على العملة الصعبة في العراق.

وأشار الفريق في مذكرة رفعها إلى من يهمه الأمر : “لا يخفى على الجميع أن مصدر الدولار الأمريكي في العراق هو الدولة (البنك المركزي العراقي) الذي يقوم بشراء الدولار من وزارة المالية واستبداله بعملة الدينار العراقي لتغطية النفقات التشغيلية والاستثمارية وغيرها من النفقات”، منوهًا إلى أن “ما يتعلق بأعمال التجارة الخارجية والبيع النقدي للدولار الأمريكي (للمسافرين) فهو يتم من خلال الدولة أيضًا كونها المتحكمة بذلك”.

وأضاف: “يُلاحظ ومنذ مدة زمنية ليست بالقليلة وجود تحكم في الدولار الأمريكي المستخدم في أعمال التجارة الخارجية للعراق عبر المنصة الإلكترونية من خلال استحواذ (المصرف الأهلي العراقي) على معظم الدولار المباع من قبل البنك المركزي في مزاد العملة الصعبة ومن خلال التحليل لأسباب هذا الاستحواذ لوحظ أن ملكية 77% من المصرف تعود إلى جهات أجنبية وتقسم بين بنك المال الأردني الذي يملك 61.8%، وبنك القاهرة عمان الذي يملك 9.9% وشركة الاتصالات الفلسطينية التي تملك 5%”.

وأوضح أن “ملكية هذا المصرف وبنسبة (77%) تعود لجهات أجنبية غير عراقية، في حين أن النسبة المسموحة لامتلاك أي عراقي لأسهم في مصرف أردني لا تتجاوز (9%)، ومع ذلك تُلاحظ استحواذ جهة أجنبية على المصدر الأساس للاقتصاد العراقي من خلال السيطرة على نافذة بيع العملة الصعبة”.

وبيّن أن “الكوادر التي تدير عمل العملة الصعبة داخل هذا المصرف هم أشخاص غير عراقيين وبأماكن مغلقة داخل الإدارة العامة لهذا المصرف، بدءًا من المدير المفوض ومجلس الإدارة والأقسام الرئيسية المسؤولة عن ملف العملة الصعبة، واقتصار دور الموظفين العراقيين على الأمور الثانوية غير الأساسية داخل المصرف”.

وحول رأس مال المصرف، نوه الفريق إلى أنه “بحسب الحسابات الختامية للمصرف للفترة المنتهية في 31/12/2023، فإن المصرف قد اشترى من نافذة بيع العملة الأجنبية (البنك المركزي) مبلغًا وقدره (10.8 مليار دولار أمريكي) والتي تمثل (أكثر من 47 مرة من رأس ماله البالغ 300 مليار دينار عراقي فقط) من أصل حجم الدولار المباع من قبل البنك المركزي خلال عام 2023 والذي بلغ (33.4 مليار دولار أمريكي)، وبالتالي فإن معظم مبيعات العملة الصعبة ذهبت خلال العام السابق إلى المصرف المذكور”.

وأوضح أن “ربح المصرف بلغ خلال عام 2023 مبلغًا قدره (190 مليار دينار)، أي بمقدار 7 أضعاف عن ربحه في العام السابق والذي بلغ (27 مليار دينار)، في حين بلغت مشتريات المصرف من العملة الصعبة خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري أكثر من (3.6 مليار دولار أمريكي) وبربح قدره (39,000,000,000) دينار عراقي خلال الأشهر الثلاثة الأولى فقط، وهو أعلى من الربح المتحقق خلال نفس الأشهر من العام السابق والذي بلغ (7.1 مليار دينار)”.

وحول مساهمات المصرف المجتمعية داخل العراق، بيّن الفريق أن “معظم الأرباح التي حققها المصرف خلال الفترة السابقة ناتجة عن أنشطة غير أساسية (مزاد العملة الصعبة) وبنسبة تجاوزت (90%) ولم تكن ناتجة عن أنشطة أساسية تحقق النمو والاستدامة للاقتصاد الوطني العراقي مثل (التسهيلات المصرفية بكافة أنواعها، الاستثمار في الأنشطة الوطنية التي يمكن أن تنمي الاقتصاد المحلي، الاستثمار في الودائع والمعادن النفيسة، الاستثمار في الصناعات وبناء المستشفيات والأمور الخدمية الأخرى التي تساهم بها المصارف لتطوير اقتصادات الدول… الخ) التي لا تتجاوز نسبتها (8%) في الوضع المالي للربع الأول من العام الجاري”، منوهًا إلى أن “مساهمات المصرف في الأنشطة الاقتصادية قليلة جدًا ولا تمثل شيئًا أمام الربح المتحقق من مزاد العملة الصعبة، علمًا أن مبالغ (المبادرة) هي مبالغ البنك المركزي وليست مبالغ المصرف”.

وأشار إلى “قيام المصرف بفرض شروط قاسية (غير موجودة في القوانين والتعليمات النافذة) على التجار العراقيين الذين يرومون إجراء حوالات خارجية (كونه المستحوذ على العملة الصعبة) من خلال الفترة الزمنية الطويلة لتحقيق الحوالة بالإضافة إلى المتطلبات التعجيزية التي تُطلب من التجار، وفي حال أراد التاجر سرعة التحويل خلال فترة زمنية قصيرة فإن الدولار الذي سيُباع للتاجر سيصل إلى مبلغ (أكثر من 1400 دينار لكل دولار) وبالتالي فإن هذه الزيادة سيعكسها التاجر على المواطن العراقي عند بيع البضاعة إليه ومعادلتها بالعملة المحلية”، مؤكدًا أن “المصرف وباستحواذه الحالي على العملة الصعبة فإنه يتحكم بسعر الصرف في السوق الموازي كون أن معظم مبيعات النافذة تجري من خلاله”.

أما بشأن ضعف دور الجهات الرقابية، فأكد الفريق “عدم وجود تشخيص وتحليل دقيق لدى الجهات الرقابية داخل جمهورية العراق لأسباب الاستحواذ على العملة الصعبة من قبل جهات غير عراقية باسم كيان عراقي وتحكم هذه الجهات بالمصدر الرئيس للاقتصاد الوطني”.

وأشار إلى “عدم وجود عقوبات رادعة وجسيمة تم فرضها على هذا المصرف من قبل الجهات القطاعية حيث أن معظم العقوبات كانت تتمثل بفرض غرامات مالية لا تمثل (ولو نسبة 0.5%) من مبالغ العملة الصعبة المحولة من قبله لخارج العراق إضافة إلى الإجراءات الإدارية الخجولة التي تفرضها هذه الجهات على المصرف والتي مكنت المصرف من زيادة الاستحواذ على العملة الصعبة”.

وتابع: “في ظل كل ما تقدم من عرض موجز وبسيط للاستحواذ من جهات غير عراقية على العملة الصعبة للعراق، نلاحظ أن هناك مصرفًا حكوميًا (TBI) يُعد من كبار المصارف العراقية وذو رأس مال يقارب (ثلاثة مليار دولار أمريكي)، أي أكثر من (سبعة أضعاف) رأس مال المصرف الأهلي، إضافة إلى ملكيته الكاملة للدولة العراقية. كما أنه تأسس من قبل الولايات المتحدة الأمريكية في عام (2003) ويمتلك شبكة كبيرة جدًا من المصارف المراسلة الدولية بما فيها المصارف الأمريكية”.

وبيّن أنه “مساهم رئيس في تحريك عجلة الاقتصاد العراقي من خلال منحه لتسهيلات ائتمانية للمواطنين ودوائر الدولة وإقليم كردستان بمبالغ كبيرة جدًا، إضافة إلى أنه يوجد لديه شبكة فروع داخلية كثيرة (إضافة إلى فروع داخلية للمصارف الحكومية الأخرى) يمكن الاستفادة منها في أعمال قبول طلبات التحويل الخارجي لتُنفذ من قبل الإدارة العامة للمصرف الحكومي المذكور”، موضحًا أن “هذا المصرف الحكومي ومع توفر كل المزايا الإيجابية الهامة المذكورة أعلاه لم تتاح له الفرصة المناسبة لأن يكون البوابة الحكومية الرسمية لتنفيذ أعمال التجارة الخارجية والاستفادة من الأرباح الكبيرة جدًا التي تحققها جهات غير عراقية دون تقديمها لأي فائدة للاقتصاد العراقي”.

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار