الثقافيةتقارير وتحقيقات

العراق أكثر من نصف مليار زيارة ومشاهدة ويدرج ضمن قائمة أعلى الدول مشاهدة وزيارة للمواقع الاباحية في كانون الثاني من عام ٢٠٢٣

بغداد / إنعام العطيوي

بعد التصريح الاخير لمسؤول رفيع المستوى بنسبة مشاهدات وزيارات العراق للمواقع الاباحية عبر تطبيق (تيك توك) تجاوزت النصف مليار مشاهد وزيارة في شهر كانون الثاني فقط من عام الماضي ٢٠٢٣ ودرج على إثرها العراق ضمن قائمة أعلى الدول مشاهدة وزيارة للمواقع الاباحية في حينه، ثم انخفضت النسبة في شباط من عام ٢٠٢٤ الى ٨٩ مليون وخرج العراق من قائمة أعلى الدول المشاهدة للمواقع الاباحية بعد أجراء اقرار قانون حجب هذه المواقع التي يصل عددها وحسب تصريح المسؤول الى اكثر من ٤٠ مليون موقع.!!!!

شكلت هذه المعلومة صدمة مدوية في النظام الأخلاقي والقيمي للمجتمع العراقي، والتشكيك بمصداقية الرصانة الاخلاقية للمجتمع فضلاً عن هز الصورة الذهنية للمواطن العراقي أمام المجتمع العربي فقد شكل هذا التصريح بمثابة شرخ حقيقي بأخلاق المواطن العراقي، ثم اردف التصريح بالسعي لغلق تطبيق التيك توك كونه تطبيق ترفيهي وليس منه منفعة!
وما صدمني اكثر هو نسبة العراق في شهر واحد هذا لو قسمنا الرقم على تعداد العراق واخرجنا منه الاطفال والمرضى ومن يرفضون هذه المواقع، ايضاً ستكون نسبة مرتفعة جداً، هذا اذا لم نطبق نظرية العلامة على الوردي في الازدواجية للشخصية العراقية فمن المرجح ان يستهجنها علناً وينتقدها لكنه يزورها في الخفاء وهنا يمكن أن أقول ان (شخصية العراقي في الواقع ليست هي حقيقته في العالم الافتراضي) وذكرت شخصية وليس رجل عكس الوردي ذلك لان من الممكن أن تشمل مقولتي الذكور والاناث.

ولو أخذنا هذه التصريح نحن كمختصين لتحليله فمن سوف يوافق على تزويج إبنته بعد هذا التصريح لشاب عراقي؟ والكل يعلم ان زيارة هذه المواقع هي مجلبة للفقر في البيت، وغضب لله، ومدعاة للادمان لسلوكياة مدمرة للاسرة، ونهاية كل الاسر التي تفتح هذه المواقع في بيوتاتها للانهيار والشذوذ الجنسي…

ولو قارنا هذه الحالة بالدول الاخرى التي يوجد فيها هذا التطبيق مثلاً الدول الاوربية هي ليست دول مسلمة لتحرم الاباحية، وليس لديها احكام منع الكترونية للتطبيقات ولكن مع هذا لم تنافس العراق في الدخول والمشاهدة لهذه المواقع.

اذاً فهي ليس امور مقترنة بالدين ولا بالقوانين الالكترونية، وانما هي امور ترتبط بالنظام الاخلاقي الاجتماعي الذي يؤكده هذا الشرخ الاخلاقي الحاصل في المجتمع، وان المجتمع بحاجة جادة الى صحوة أخلاقية، وإعادة بناء اجتماعي تهذب الأخلاق قبل أن تفرض عليه احكام، كما كانت تفرض سابقاً في عصر تكميم الافواه والتجهيل الذي أتبعه النظام السابق.

ومن جهة اخرى لو حجب تطبيق التك توك هل سيؤثر هذا على إعادة البناء الاخلاقي للمجتمع ام رواد هذه المواقع سيبحثون عنها في تطبيقات اخرى؟

اذا العلة ليست في التطبيق وانما العلة في المجتمع بدليل كثرة حالات الطلاق المنتشرة وكثيرا تكون لأسباب تافه جداً، وعزوف الشباب عن الزواج، وانتشار العنوسة، ورواج الزواجات خارج المحكمة بمسميات مختلفة لست في صدد ذكرها، كل هذه تبين مدى تيه المجتمع وتدمير بناه الاخلاقية.

وللعودة إلى الرصانة الاخلاقية وأحياء المباديء لا يتطلب فرض الدين بالقوة ولا حجب تطبيق التك توك، وانما فرض نشر مادة التربية الاخلاقية بدورات وتدريبات في المؤسسات الحكومية، وجعلها مادة اساسية في وزارتي التربية والتعليم العالي، فضلاً عن فرض غرامات ومبالغ معلنة واشدد على كلمة (معلنة) او توقف للحسابات التي تزور هذه المواقع، بما ان الامكانيات التكنولوجيا توفر القدرة على إحصاء الزيارات فهي لا بد باستطاعتها ايضاً أجراء ايقاف وغرامات (معلنة) للحسابات التي تزور تلك المواقع.

حينها سيكون إعادة تأديب وبناء وترميم للأخلاق لدى البالغين اولاً والمراهقين ثانياً ومنعهم من هذه الأفعال المشينة ويكون التهذيب المعلن تأديب للشخصية الازدواجية التي أشار اليها عالم الاجتماع علي الوردي.

إضافة للتأكيد على تشريع قانون تجريم النشر الضار بالمجتمع والخارج عن العرف الاخلاقي والاجتماعي حينها يكون محاربة للمروجين للفساد في كافة المواقع الاجتماعية، وليس محاربة التطبيقات الالكترونية فكل التطبيقات هي ترفيهية وخاصةً الالعاب الالكترونية وليست تعليمية، والخلل بمن يستخدم التطبيق وليس بالتطبيق ذاته.

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار